منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد الماضي 11 عازفاً فلسطينياً، وفرنسياً، وبريطانياً، وأميركياً، من إتمام حفلهم الموسيقي الذي كان مقرراً في كنيسة اللاتين في غزة، ضمن فعاليات مهرجان موسيقى الباروك في فلسطين، بدورته الثالثة، والذي ينظمه مركز الكمنجاتي للموسيقى، بدعم من القنصلية الفرنسية، وشبكة المراكز الثقافية الفرنسية في الأراضي الفلسطينية، ومؤسسة عبد المحسن القطان، ومؤسسة «بارينبويم - سعيد». وكان الجنود الإسرائيليون عند معبر «إيرز»، الفاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، قد اعتقلوا الفنان رمزي أبو رضوان، رئيس ومؤسس «الكمنجاتي»، وأحد المشاركين في الحفل، بدعوى عبوره «غير القانوني» للأراضي الفاصلة بين الضفة والقطاع، وعدم حصوله على التصاريح اللازمة من قبل الاحتلال لدخول القطاع. وعلى إثر ذلك، رفض بقية الفنانين الموسيقيين العبور إلى غزة، دون زميلهم الفلسطيني أبو رضوان، على اعتبار أنه تصرف عنصري من قبل سلطات الاحتلال، وأعلنوا تضامنهم مع مؤسس الكمنجاتي، ومهرجان موسيقى الباروك، حتى تم إطلاق سراحه .. لكن الحفل لم يتم، ما يوحي بأن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة اتسع ليشمل الموسيقى. ونظم أبو رضوان ورفاقه الموسيقيون، في مقر مركز الكمنجاتي للموسيقى في رام الله، الاثنين، مؤتمراً صحافياً، دعا خلاله إلى حملة مقاطعة عالمية للمؤسسات الموسيقية الإسرائيلية، مؤكداً أن إسرائيل تعمل على منع الفلسطينيين من اقتناص لحظات فرح وبهجة وسلام مع الموسيقى، وتسعى لفرض المآسي من خلال جرائمها تجاه الفلسطينيين، قبل أن يعزف وزملاؤه مقطوعة موسيقية لباخ، كاحتجاج حضاري على منعهم من إحياء حفلهم في غزة، كما كان مقرراً. ويرفض أبو رضوان، الادعاءات الإسرائيلية حول عدم قانونية ما قام به، مستهجناً منعه من العبور عبر أراض فلسطينية، تعترف جميع قرارات الشرعية الدولية، في الأممالمتحدة، ومجلس الأمن، وغيرهما، بأنها أراض محتلة، رافضاً التسليم بأحقية سلطات الاحتلال في منع الفلسطينيين، الذين هم أصحاب الأرض، من عبورها، في الوقت الذي قد تسمح فيه بعبور فنانين من جنسيات أجنبية. ويستهجن أبو رضوان، منعه من حضور الحفل الذي كان مقرراً في غزة، رغم أنه صاحب فكرة المهرجان ومؤسسه، للسنة الثانية على التوالي، ما يجد فيه تصرفاً عنصرياً، منافياً لكل الشرائع والأعراف الدولية، متسائلا: هل دخولي إلى غزة بات أمراً «غير قانوني»، في حين أن احتلالهم مدننا، وقرانا، ومخيماتنا، والطرق الواصلة بينها، «أمر قانوني»؟! ويضيف أبو رضوان: «لا يجب أن نرضخ لسياسات الاحتلال، فليس هو صاحب الأرض، وبالتالي ليس هو صاحب الحق في تحديد من يعبرها، ومن لا يعبرها، مستنكراً سياسة الاحتلال، وتسلطه، عبر منحه ما يسمى بتصاريح الدخول سواء إلى القدس، أو غزة، أو المدن العربية داخل الخط الأخضر. والتي في الغالب يتعامل الاحتلال معها وكأنها سوط مسلط على رقاب الفلسطينيين، فحتى اللحظات الأخيرة ما قبل حفل فني ما، يأتي الرد من سلطات الاحتلال بالقبول والرفض، ويمكن لكم أن تتخيلوا حجم الضغوطات النفسية التي قد يعيشها الفنان جراء ذلك، فما بالنا لو كان الوضع أكثر مأساوية، ويتعلق بعملية جراحية طارئة لفلسطيني، أو زيارة أسير في سجون الاحتلال، أو ما شابه. وأشاد أبو رضوان بموقف زملائه من العازفين الفرنسيين، والبريطانيين، والأميركيين، المتضامن معه، مشدداً على مسؤولية الاحتلال في الحيلولة دون تمتع الفلسطينيين بحياة طبيعية، وبدقائق أو ساعات من الفرح .. ويقول: الموسيقى تلعب دوراً كبيراً في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، التي يسببها الاحتلال بالدرجة الأولى، وتخلق جسوراً للتواصل بين الفلسطينيين أنفسهم، خاصة مع تمزيق الأراضي الفلسطينية بمئات المعابر والحواجز العسكرية الإسرائيلية، كما أنها تشرع أبواباً واسعة للتواصل مع العالم، وهذا ما لا يريده الاحتلال، ويعمل على عرقلته باستمرار.