مؤلَّف هارون يحيى "أطلس الخلق" يوجه انظار العالم الى امبراطورية للنشر تفخر بنشرها نحو 260 كتابا ب52 لغة، واكثر من 80 قرص فيديو، وعشرات المواقع على الانترنت. وتحتوي الكتب على شرح توضيحي، وتتحدث عن أن الاسلام هو الدين الوحيد الحق، وأن نظرية النشوء والارتقاء لداروين- بتقويضها للمعتقد الديني- قادت الى التنافر، والالحاد، والارهاب، والايديولوجيات السياسية المتطرفة التي ابتلي بها العالم. لم يكن "عدنان اوكطار" التركي- البالغ من العمر 52 عاما والذي يستخدم الاسم المستعار "هارون يحيى"- معروفا خارج دوائر المسلمين قبل عامين، لكنه استقطب انتباه العلماء والمدرسين في أنحاء اوروبا وامريكا الشمالية بسبب ارساله الجماعي لكتابه "اطلس الخلق" الذي يتمثل في 768 صفحة لهم. ويقول اوكطار ان حملة "اطلس الخلق" وامبراطورية هارون يحيى للنشر هي جزء من رؤيته الدينية لنهاية العالم التي يلعب فيها دورا يلمح اسمه المستعار اليه. وعن سبب اختياره هذا الاسم المستعار، قال:"هارون هو الذي ساعد النبي موسى، ويحيى ايضا هو الذي ساعد المسيح"، وتابع "حين يأتي المسيح الى العالم، نود أن نساعده ايضا... يمكنك القول ان هذا دعاء من أجل هذا." ويقدم كتابه "أطلس الخلق"- الذي يزخر بالايضاحات- نسخة اسلامية عن نظرية الخلق هي وجهة النظرالتي عادة ما يسمعها العلماء من مسيحيين أصوليين يقولون ان الله خلق الحياة على الارض كما هي اليوم، ويعارضون تدريس نظرية النشوء والارتقاء لداروين. هارون يحيى هو أحد اكثر الكُتّاب توزيعا في العالم الاسلامي، وتتميز كتبه بأنها مصقولة الورق وملحقة بأقراص الفيديو الخاصة به، والتي تدور حول الدين والعلم، كما يتبرع بالاف المجلدات الباهظة الثمن، كما يسمح للقراء بتحميل جزء كبير من أعماله من مواقعه الالكترونية مجانا. وربما يعد يحيى ايضا من بين اكثر المؤلفين المسلمين تعرضا للانتقاد في العالم الغربي، فيتعرض يحي لاتهام من قبل المجلس الاوروبي بمحاولة اختراقه المدارس بالتطرف الديني، فيما أبلغ المدرسون الفرنسيون بابعاد أعماله عن تلاميذهم. كتبه المجانية تثير الشكوك وأوكطار يعرض أعماله للتحميل المجاني حتى الاطلس الضخم المطبوع يباع مقابل 99 دولارا على موقعه الالكتروني. وأحجام كتبه المطبوعة الاخرى طبيعية وتباع بأسعار اكثر اعتدالا. وأثار هذا الكم من الكتب المجانية الشكوك بين علماء الغرب الذي أصابتهم الحيرة والمدرسين بأن مؤيدين لنظرية الخلق من الولاياتالمتحدة أو رأسماليين سعوديين ربما يساعدون في تمويل الحملة. ويقول اوكطار ان الكتب المجانية- التي قدرها بنحو عشرة الاف من جملة اكثر من 200 الف طبعة- تأتي في اطار اجراءات العلاقات العامة الطبيعية التي تمولها أرباح مبيعات الاطلس وكتب أخرى. وقال تانر ايديس وهو عالم فيزياء امريكي من أصل تركي "يبدو هذا غير قابل للتصديق... هذا الكتاب باهظ الثمن"، وأضاف "في حدود معلوماتي؛ فانه لا يباع بسرعة شديدة." وشكك ايديس في شائعات التمويل من أمريكيين مؤمنين بنظرية الخلق قائلا "الامريكيون المؤمنون بنظرية الخلق الذين أتحدث معهم يحسدون هارون يحيى على موارده المالية. لو كان هناك أي تدفق للاموال؛ فيجب أن يكون من عدنان اوكطار للمؤمنين بهذه النظرية." ويبدو التمويل السعودي مستبعدا ايضا لان رسالة اوكطار وهو مسلم سني في الاساس تمزج بين عناصر شيعية وصوفية، وهو ما يتعارض مع المذهب الوهابي الذي تتبعه المملكة. وذكر خبير في الشؤون الاسلامية مقره اسطنبول طلب عدم نشر اسمه خوفا من أن تقاضيه مجموعة هارون يحيى اذا نقل عنه توجيه انتقاد له "السعوديون لا يعجبهم هذا."، وعبر عن اعتقاده بأن اوكطار يتلقى معظم تمويله من مجموعة صغيرة من الشبان الاتراك ميسوري الحال والذين يشكلون المجموعة الرئيسية من أنصاره. اوكطار- الذي طالما اتسم بالحذر تجاه وسائل الاعلام والذي يصور كمرشد روحي لطائفة- أبدى انفتاحا في الآونة الاخيرة، وربما يرجع هذا بسبب محاكمة جرت في اسطنبول بتهمة تشكيل تنظيم اجرامي، وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في مايو/ايار، لكنه ينفي الاتهامات، وتقدم بطلب استئناف للحكم. كما رفض اوكطار الانتقادات الموجهة لأساليبه، والتي اثارت الكثير من الشائعات حول سبب وكيفية تقديمه هذا الكم الكبير من الكتب مجانا. وقال اوكطار "هذا الاثر الهائل يبين تأثير الكتاب." ولدى سؤاله ان كان يعتزم تأليف كتاب ضخم اخر مثل "الاطلس"، أجاب اوكطار بأنه سيواصل اصدار كتب مناهضة لنظرية النشوء والارتقاء لداروين، وأضاف "أعد كتابا عن الجماجم، حيث أعرض حفريات لجماجم كأدلة على أنه لم يكن هناك نشوء وارتقاء." من توم هينيجان (رويترز)