البيان فى 20/6/2008 السلاح النووي على وشك أن يتحول من مرحلة الردع إلى مرحلة الصدع، هكذا يرى الكثير من المراقبين ورجال السياسة، وهذا ما يكشف عنه مشهد احتضار معاهدتي (الحد من انتشار السلاح النووي) و(حظر التجارب النووية)، هاتان المعاهدتان اللتان حظيتا بأكبر عدد من التوقيعات والتصديقات من دول العالم، وتحظيان في نفس الوقت بأكبر عدد من الخروقات، وآخرها قرار روسيا إعادة تشغيل أكبر موقع للتجارب النووية الروسية والمسمى (الموقع 700) للتحقق من صلاحيته لإجراء تجارب جديدة بعد نحو عقد ونصف من توقف التجارب النووية الروسية. روسيا تعود للتجارب : وكان النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي سيرجي إيفانوف صرح أثناء زيارته للموقع 700 للتجارب النووية في منطقة نوفايا زيمليا، والتابع لوزارة الدفاع الروسية، بأن الهدف من زيارته للموقع هو التأكد من صلاحيته لاستئناف التجارب النووية. وقال إيفانوف إن روسيا ملتزمة بمعاهدة حظر التجارب النووية، ولكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن تنمية قدراتنا النووية العسكرية ، وسوف نجري تجارب جديدة غير حية، أي بدون استخدام مواد نووية، وهذا ضروري لاختبار سلاحنا النووي. في الوقت نفسه صرح الجنرال فلاديمير ديفوركين رئيس معهد البحث النووي في وزارة الدفاع الروسية بأن روسيا بحاجة قوية لإجراء تجارب نووية حية وكاملة وإلا ستفقد ترسانتها النووية فاعليتها وصلاحيتها بمرور الزمن. وقال ديفوركين لن نبدأ تجاربنا النووية إلا بعد أن تبدأ واشنطن تجاربها والتي نتوقعها قريبا. ويقول الخبير العسكري الروسي فلاديمير بوبوف إن زيارة إيفانوف لموقع التجارب النووية له علاقة أساسية بالخلاف بين موسكووواشنطن حول نية البنتاغون الأميركي نشر عناصر برنامج الدفاع الصاروخي المضاد للصواريخ في أوروبا والشرق الأقصى وأن هناك مناقشات جرت بالفعل في وزارة الدفاع الروسية حول استئناف روسيا لتجاربها النووية من جديد كضرورة للتأكد من صلاحية أسلحتها النووية الموجودة في المخازن. التجارب المعملية معاهدة حظر التجارب النووية اعتمدتها الأممالمتحدة للتوقيع عام 1996، وصادق عليها حتى الآن 161 دولة، ومع هذا لم تدخل حيز التنفيذ حيث تشترط المعاهدة أن يصدق عليها أربع وأربعون دولة تملك منشآت نووية، وحتى الآن لم يصدق عليها من هذه الدول سوى 26 دولة، منها روسيا التي صدقت عليها في أبريل عام 2000. بينما الولاياتالمتحدة الأميركية التي وقعت على المعاهدة فقط عام 2002 مازال الكونجرس يرفض التصديق عليها حتى الآن، في حين أن الولاياتالمتحدة كانت قد أوقفت بالفعل تجاربها النووية الحية الميدانية منذ عام 1992، وسبقتها في ذلك بريطانيا وروسيا عام 1990 ، ولكن على ما يبدو أن المعاهدات الدولية مثلها مثل كافة التشريعات يمكن التحايل عليها بشكل أو بآخر. يقول الخبير العسكري الروسي سيرجي أوشاكوف إن واشنطن خدعت العالم عندما ادعت أنها أوقفت تجاربها النووية، وهي بالفعل أوقفت التجارب الميدانية، لكنها ذهبت وطورت تجاربها النووية المعملية داخل المختبرات على أجهزة كمبيوتر عملاقة تعطي تقديرات لتفاعلات وتفجيرات نووية افتراضية مطابقة للتجارب الميدانية الحية في تحديد حجم وكتلة ومساحة التفجير، وبناء على هذه التجارب المعملية ذهبت تطور سلاحها النووي. ويقول الخبير العسكري الروسي أندريه كيسلياكوف إن معاهدة حظر التجارب النووية لم تناقش التجارب النووية المعملية التي تجرى على أجهزة الكمبيوتر داخل المختبرات، وهذا في حد ذاته خلل كبير في المعاهدة، لأن الهدف من حظر التجارب النووية الحد من تطوير الأسلحة النووية وليس مجرد حظر التجارب. والتطوير ممكن أن يتم مع التجارب المعملية مثلها مثل التجارب الحية، ولهذا يمكن القول ان كلتا المعاهدتين حول حظر التجارب وحول الحد من انتشار السلاح النووي فقدتا فاعليتهما، والمجتمع الدولي بحاجة لمعاهدات جديدة في هذا المجال تناسب التطور الكبير في تصنيع وتطوير السلاح النووي. بريطانيا والصين وقد كتبت صحيفة صنداي تايمز البريطانية تقول إن بريطانيا بدأت العمل في مشروع سري لتطوير أسلحة نووية جديدة بالتعاون مع الولاياتالمتحدة، وقد بدأ تنفيذ هذا المشروع بالفعل بعد إعادة انتخاب توني بلير رئيسا للوزراء في مايو 2005، وستتم التجارب على هذا المشروع في المعامل حتى لا تشكل خرقا للمعاهدة الدولية. وليس فقط بريطانيا التي تطور مع واشنطن سلاحها النووي بل هناك دول أخرى مثل الصين وكوريا الشمالية واللتين وقعتا وصدقتا على المعاهدتين. ويقول قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في البرلمان الروسي إن كوريا الشمالية تجري تجارب نووية حية لتطوير أسلحة نووية، وانها تجري تجارب حية على أسلحة استراتيجية مثل الصواريخ بعيدة المدى يشملها الحظر في معاهدتي حظر التجارب والحد من انتشار السلاح النووي. كما أجرت الصين تجارب نووية حديثة و متطورة على قنابل (النيوترون) والتي تفوق في قوتها القنابل النووية، وكانت واشنطن قد اتهمت الصين عام 2000 بإجراء هذه التجارب وأنكرت بكين ذلك، إلا أنها عادت في مطلع العام الجاري لتعلن عن امتلاكها بالفعل لقنابل النيوترون. ويقول دينج لي شن مدير معهد الدراسات الاستراتيجية في جامعة فودان الصينية ان البرنامج الأميركي للدفاع الصاروخي المضاد للصواريخ دفع الصين للتراجع عن التزاماتها بالمعاهدات الدولية للحد من انتشار السلاح النووي ودفعها أيضا لتطوير السلاح النووي الهجومي. لا ثقة في واشنطن نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال فلاديمير فيروتسيف يقول إن الولاياتالمتحدة بعد تحايلها على معاهدة حظر التجارب النووية باستخدامها التجارب المعملية في المختبرات ذهبت تتحايل أيضا على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي وأيضا على معاهدتي تقليص السلاح النووي ستارت 1، 2 اللتين وقعتهما مع روسيا. وقامت سرا بتوزيع المئات من رؤوسها النووية في بعض الدول الأوروبية التي انضمت مؤخرا لحلف شمال الأطلسي، الأمر الذي لا يجعلنا نثق في التزام واشنطن بأية تعهدات دولية، ويجعلنا أيضا نشك في نواياها ونستعد لمواجهتها. وقد كتب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر مقالا في صحيفة واشنطن بوست يقول فيه إن العالم يندفع نحو الكارثة وقد اقترب الوقت الذي يستحيل فيه وقف انتشار السلاح النووي واتهم كارتر الولاياتالمتحدة بتطوير أسلحتها النووية بالشكل الذي أصبح يهدد أمن الدول الأخرى، وأنه لا فائدة من المعاهدات الدولية إذا لم تلتزم بها الدولتان الكبيرتان روسيا وأميركا. إضاءة لا يمكن لنا أن نتوقف عن تطوير سلاحنا النووي في الوقت الذي يزداد فيه عدد الدول التي تملك هذا السلاح وفي الوقت الذي لم تقدم فيه واشنطن للدول الأخرى أية ضمانات أمنية حول برنامج دفاعها الصاروخي. هوشياو دي رئيس وفد الصين في مؤتمر فيينا لمناقشة معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي. المزيد من الأقلام والآراء