يجمع الاجتماع الطاريء الخاص بمشكلة أسعار الطاقة الذي يعقد بجدة فى 22 من يونيو/حزيران الدول الغربية المستهلكة -التي تمثل أسعار النفط الملتهبة تهديدا لها- مع الدول العربية المنتجة التي يساورها القلق بشأن نقص الامدادات الغذائية. ولا شك أن أسعار النفط القياسية وأثرها على الدول الصناعية ستهيمن على جدول الاعمال، لكن موضوع الامن الغذائي يمكن طرحه ايضا حيث تشعر دول الشرق الاوسط القاحلة بالقلق بشأن القدرة على توفير الطعام لشعوبها التي تشهد معدلات نمو سكاني عالية. وأدى ضعف المحاصيل وضالة أعداد الماشية وزيادة الطلب الى ارتفاع أسعار الغذاء ارتفاعا قياسيا، مما تسبب في احتجاجات وتنظيم اضرابات ونشوب أعمال عنف في افريقيا وامريكا اللاتينية واسيا والشرق الاوسط، وتناقص المياه يجعل القضية أكثر أهمية بالنسبة لمنطقة الخليج العربية. وقال جون سفاكياناكيس الخبير الاقتصادي ببنك ساب السعودي "نحن ندخل حلبة جديدة هنا." وأضاف "مثلما تقول السعودية للعالم سنمدكم بالنفط الكافي فانها تريد من العالم أن يقول لها سنمدك بما يكفي من الغذاء." وربط بان كي مون الامين العام للامم المتحدة الذي وصل الى جدة الاحد قبل انعقاد القمة بين القضايا رغم اختلافها ودعا المشاركين الى معالجة القضايا مجتمعة. وأضاف "قضايا أسعار الغذاء وأسعار الوقود والتغير المناخي يجب معالجتها بطريقة شاملة." وفي حين أن السعي نحو الامن الغذائي ليس بجديد على الشرق الاوسط وهي المنطقة التي يقل فيها سقوط الامطار وتستورد كميات من الغذاء اكثر من أي مكان على وجه الارض فان المخاطر أعلى هذه المرة بسبب دور النفط. وتعني أسعار النفط المرتفعة والتي يرجح أن تظل على ارتفاعها أن المنطقة على طريق نمو مستديم فيما يتصل بالنواحي المالية وأن من الممكن أن تتزايد أعداد شعوبها وأن مستوى ثرواتها والنمو الاقتصادي الاجمالي قد يزيد اكثر. ويعني ارتفاع أسعار النفط ايضا أن السعي للاكتفاء الذاتي الغذائي سيتوقف، حيث أن القيود التي تفرضها طبيعة المنطقة خاصة فيما يتعلق بالمياه تجعل من زراعة القمح في الصحراء أمرا يخلو من الحكمة. ومع تدفق العملة الاجنبية الذي يرجح استمراره في المستقبل المنظور فان الامن الغذائي للشرق الاوسط يعني اقامة علاقات جديدة مع الدول القادرة على انتاج الغذاء. وقالت الحكومة السعودية فى الاسبوع الثانى من يونيو 2008 انها تخوض محادثات مع السودان ومصر واوكرانيا وباكستان وتركيا للسماح لشركات سعودية باقامة مشروعات لزراعة القمح والشعير وفول الصويا والارز والاعلاف. وتردد أن البحرين تسعى الى الاستثمار في زراعة الارز بالفلبين في خطوة لدعم الامن الغذائي، كما عقدت الامارات العربية المتحدة محادثات استراتيجية مع باكستان بشأن هيكل للاستثمار في الزراعة. وأضاف سفاكياناكيس "الكثير من هذه الدول مثل السعودية والامارات تريد أن تصبح أكثر استقلالية فيما يتعلق بالغذاء لهذا فهي تحاول ابرام اتفاقيات ثنائية لتأمين استيراد السلع الغذائية." ولم يعد الامن الغذائي معادلا للاكتفاء الذاتي حيث أن النمو السكاني وطبيعة الارض -التي ترجع جزئيا الى الجفاف والامراض والصراعات- يفوقانه في كثير من الحالات. ويجمع خبراء الاقتصاد على أن مسألة الاكتفاء الذاتي الغذائي ضرب من الحماقة حيث تقود الى اهدار الموارد. والشاهد على هذا السعودية التي بذلت جهودا امتدت عبر عقود لزراعة القمح في الصحراء وكانت ترويه من مياه جوفية في طبقات صخرية عميقة غير متجددة في كثير من الاحيان، وقد أعلنت السعودية مؤخرا اعتزامها انهاء المشروع تدريجيا. ويرى السعوديون منذ مدة طويلة أن مفهوم الامن يتمثل في ضمان طلب مستديم ومنتظم على النفط، كذلك فان أسعار النفط المشتعلة يمكن أن تؤدي بالاقتصادات الكبرى الى الركود وانخفاض الطلب. وقال خالد الدخيل الاستاذ بجامعة الملك سعود "السعودية تميل أكثر الى أسعار النفط المعتدلة لانها تملك أكبر احتياطيات مؤكدة للنفط وتستطيع الاستمرار في ضخ النفط لفترة طويلة لهذا فانه ليس من مصلحتها أن تجعل بدائل الطاقة الاخرى محتملة اقتصاديا في وقت قريب جدا." وأضاف "لا ترغب (السعودية) في أسعار النفط العالية على الاطلاق، على المدى الطويل ستنقلب ضد مصالحها". (رويترز)