تصاعدت حدة الاشتباكات المسلحة الخميس في بيروت بين أنصار الأكثرية والمعارضة وأدت إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة 12 على الأقل ، وشملت المواجهات اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والمتوسطة. وفى محاولة لاحتواء العنف المتصاعد ، اقترح زعيم التحالف الحكومي سعد الحريري الخميس صفقة لحل الأزمة اللبنانية فيما يبدو أنه تراجع عن قرارات للحكومة اعتبرها حزب الله بمثابة إعلان حرب عليه. وقال الحريري في خطاب بث على شاشات التلفزيون "وضع القرارين موضع سوء التفاهم في عهدة قيادة الجيش اللبناني انطلاقا من المهمات المنوطة بالجيش في حماية النظام العام وتوكيد سلطة الدولة على كامل أراضيها والحرص على حماية لبنان من كل المخاطر الخارجية." وتصريحات الحريري تأتى في أعقاب الكلمة التي ألقاها حسن نصرا لله الأمين العام لحزب الله الخميس ، وأكد فيها أن الحكومة اللبنانية أعلنت الحرب ضد الجماعة باستهداف شبكتها للاتصالات وتعهد " بقطع اليد" التي تحاول تفكيكها. وهدد الأمين العام لحزب الله قائلا " لن نقبل بعد الآن أي تآمر على سلاحنا والمس بوجودنا " . وقال حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله في مؤتمر صحفي "هذا القرار هو بمثابة إعلان حرب وبدء حرب وليس إعلان نوايا وبدء حرب من قبل حكومة وليد جنبلاط (في إشارة إلى ضعف السنيورة) على المقاومة وسلاحها لمصلحة أمريكا وإسرائيل وبالنيابة عنهما." وأضاف الأمين العام لحزب الله أن "الفريق الحاكم أدخل البلاد في مرحلة جديدة بعد قراراته الأخيرة نظرا إلى خطورتها وخلفياتها وأبعادها" موضحا أن"شبكة الاتصالات هي ما يعرف بسلاح الإشارة في كل جيوش العالم وهو العنصر الأهم وجزء أساسي وجوهري في إدارة أي معركة مع العدو". وكان نصرالله يشير إلى القرار الذي اتخذته الحكومة الثلاثاء ببدء تحقيق في شبكة الهاتف الخاصة بحزب الله والاتهامات التي وجهها له بنشر كاميرات مراقبة حول مطار رفيق الحريري بالعاصمة بيروت لمراقبة السياسيين القادمين إلى لبنان والمغادرين منه. وأكد أن "شبكة الاتصالات محدودة بالمقاومة وليست للاستخدام العام ولا للاتصالات الدولية", وأشار إلى أن "فريق السلطة طلب من المقاومة فك الاعتصام وسط بيروت في مقابل ترك شبكة الاتصالات كما هي" واصفا الدولة بأنها "عصابة". من جانبه ، أعلن مبعوث الأممالمتحدة إلى الشرق الأوسط تيري رود لارسن الخميس أن حزب الله اللبناني يمتلك بنية تحتية شبه عسكرية ضخمة على هامش الدولة تشكل تهديدا للسلم والأمن الإقليميين ، كما يؤثر سلبا على جهود الحكومة من اجل امتلاك حصريا استخدام القوة وفرض القانون والنظام في البلد. ويعد رود لارسن هو الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المكلف بمتابعة تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1559 الذي يفرض نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية الموجودة في لبنان. وفى السياق ذاته ، أعلن مجلس الأمن الدولي الخميس دعمه للمؤسسات اللبنانية داعيا إلى الهدوء وإعادة فتح الطرق ومطار بيروت الدولي ، وأبدى أعضاء المجلس قلقهم العميق حيال المواجهات والتوتر الراهن في لبنان. طالب البيت الأبيض حزب الله بوقف الأنشطة المعوقة في لبنان وقال جوردون جوندرو المتحدث باسم البيت الأبيض أن حزب الله يحتاج إلى الاختيار إما أن يكون منظمة إرهابية أو حزبا سياسيا لكن يجب أن يكف عن محاولة أن يكون الاثنين. في غضون ذلك ، شهدت بيروت تصعيدا حادا ، حيث اندلعت مواجهات مسلحة عنيفة بعد المؤتمر الصحفي لنصرالله ، حيث اشتبك مقاتلون من أنصار حزب الله مع مؤيدي الحكومة في حي كورنيش المزرعة غربي بيروت. الجيش اللبناني يحذر من انهياره من ناحية أخرى ، حذر الجيش اللبناني الخميس من أن استمرار الأزمة التي تمر بها البلاد سيعرض وحدته للخطر ، وقال الجيش في بيان إن "استمرار الوضع على حاله هو خسارة واضحة للجميع ويمس وحدة المؤسسة العسكرية سيما وأن الركيزة الأولى للأمن في لبنان هي الوفاق وليس البندقية." في الوقت نفسه ، شددت جماعة حزب الله اللبنانية قبضتها على مطار بيروت لتزيد الضغط على الحكومة اللبنانية في اليوم الثاني من حملة احتجاجات دعت إليها النقابات العمالية أدت لتفجر معارك مسلحة في العاصمة بيروت. وأغلق أنصار حزب الله وحلفاؤه جميع الطرق المؤدية للمطار -وهو صلة لبنان الجوية الوحيدة بالعالم الخارجي- وشوارع رئيسية أخرى الأمر الذي شل مظاهر الحياة في معظم أنحاء المدينة. وقال مسئولون بمطار بيروت : إن كل رحلات شركة الطيران اللبنانية ألغيت وصار المطار مغلقا رسميا الآن. في غضون ذلك ، ذكرت مصادر أمنية أن عناصر من حركتي أمل وحزب الله الشيعيتين سيطروا على مقر "تيار المستقبل" الذي يقوده زعيم الأغلبية سعد الحريري في منطقة بربور المتاخمة لمنطقة كورنيش المزرعة. وقد اندلعت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة والصاروخية بين أنصار المعارضة الشيعية والموالاة السنية في منطقتي "سعدنايل"و"تعلبايا" في البقاع اللبنانية .ويعمل الجيش اللبناني على تطويق الأشكال وإعادة الهدوء إلى المنطقة. وامتدت المواجهات بين مناصري حزب الله الشيعي وتيار المستقبل ذي الغالبية السنية من بيروت إلى البقاع (شرق) حيث أصيب خمسة أشخاص من بينهم أربع نساء في بلدة سعد نايل المستقبل يغلق طرقا بالجنوب في الوقت نفسه ، قطع مناصرون لتيار المستقبل -ذي الغالبية السنية وأبرز قوى الأكثرية النيابية التي تمثلها الموالاة ظهر الخميس- الطريق الرئيسة المؤدية إلى جنوب لبنان. كان الاتحاد العمالي العام في لبنان قرر الأربعاء إلغاء مظاهرة ضخمة كان يعتزم تنظيمها لتفادي وقوع أعمال عنف في الشوارع بعد وقت قصير من إغلاق المعارضة بقيادة حزب الله الطرق الرئيسية التي تؤدي إلى العاصمة بحرق إطارات السيارات واستخدام أكياس الرمل. وجاء إلغاء الإضراب بعد إلقاء قنبلة صوتية على مجموعة من المتظاهرين المحتشدين في منطقة"كورنيش المزرعة" ببيروت حيث أصيب خمسة أشخاص على الأقل إصابات طفيفة في الحادث ودعا الاتحاد إلى الإضراب لإجبار الحكومة على رفع الحد الأدنى للرواتب الشهرية الذي لم يتغير منذ عام 1996 وعلى الرغم من أن الحكومة وافقت الثلاثاء على زيادته بمقدار 130 دولارا ليصل إلى 330 دولارا شهريا لكن الاتحاد العمالي العام قال إن تلك الزيادة غير كافية. ويطالب الاتحاد بزيادته إلى 600 دولار غير أن الحكومة رفضت تلك الزيادة وقال وزير المالية جهاد عزور إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تضخم جامح. مفتى لبنان يحذر من فتنة وفي تصعيد مواز، اتهم مفتي الطائفة السنية الشيخ محمد رشيد قباني مساء الأربعاء حزب الله "بمحاولة الهيمنة على لبنان بدعم خارجي تحت غطاء المقاومة" داعيا قادة الحزب إلى "سحب المسلحين من شوارع بيروت" ومحذرا من "فتنة مذهبية". كما اتهم مصدر حكومي حزب الله بالتحضير "لعصيان مسلح من أجل الاستيلاء على السلطة" فيما أكد مصدر معارض أن الإضراب الذي تشهده بيروت هو "عصيان مدني" حتى تتراجع الحكومة عن القرارات الأخيرة التي اتخذتها وتعتبرها المعارضة مساسا بأمن حزب الله. وكانت الحكومة قد قررت الثلاثاء إحالة قضيتي شبكة اتصالات حزب الله الشيعي الهاتفية ومراقبته مطار بيروت الدولي أمام القضاء المختص باعتبارهما "اعتداء على سيادة الدولة" كما قررت تنحية قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير الذي تعتبره الأكثرية مقربا من حزب الله وإعادته إلى أملاك الجيش. (ا ف ب -رويترز)