اعتبر أساتذة الهندسة والتخطيط العمراني قرار إنشاء محافظتين جديدتين، هما 6 أكتوبر وحلوان، محكومًا بالرؤية الإدارية فقط، دون رؤية سياسية واضحة، رافضين اتخاذه دون مشاركة الحكم المحلي وبعض الجهات الشعبية ومروره علي مجلسي الشعب والشوري. وقال الدكتور ميلاد حنا، أستاذ الهندسة المتفرغ بجامعة القاهرة، إن التقسيم الجديد يعد تقسيمًا إداريا بحتًا، بهدف إعادة هيكلة بعض المناطق إداريا وتنظيميا، مستدركًا أنه كان ينبغي مشاركة هيئة شعبية متخصصة في الحكم المحلي مع هيئة التخطيط العمراني، لكي تكون هناك مواءمة في التخطيط بين المخططين والإداريين. وأضاف حنا ل«المصري اليوم»: كان من الضروري وجود مشاركة هيئة شعبية متخصصة ليتكون هناك مواءمة بين المتخصصين في التخطيط العمراني، وبين إداريين مارسوا الحكم المحلي، خاصة أنهم يعرفون حدود المناطق وأكثرها كثافة ونشاطها الاقتصادي والإداري، مؤكدًا أن هذا من شأنه توازن القرار من الناحيتين الإدارية والتنظيمية. وتابع حنا: من المؤكد أن هذا القرار محكوم بالرؤية الإدارية فقط، دون رؤية سياسية واضحة، ولكن يبدو في الظاهر أن التقسيم جاء نتيجة زيادة الأنشطة الاجتماعية، ولكن لا نعرف ما يتم اخفاؤه في الباطن. وأكد الدكتور أحمد يحيي راشد، رئيس قسم العمارة بجامعة المنصورة، أن القرار يعد خطوة مفعلة لبعض المحافظات التي تحتاج لبعض الأراضي، مثل المنيا وبني سويف والفيوم، فضلاً عن زيادة الجذب للمدن الجديدة داخل القاهرة الكبري، مشيرًا إلي أن القرار بالرغم من جدواه الظاهرة فإنه أحدث ما يسمي «فجوة التنفيذ». وقال راشد: «هناك محافظات تحتاج إضافة من الصحراء للمعمور، خاصة أنها طاردة للسكان بسبب ضيق مساحتها، فإعادة التقسيم الإداري لها سيضيف لها أراضي جديدة، حتي يحدث امتداد للسكان». وأضاف: «بالنسبة للمدن الجديدة هناك مشكلات موجودة منذ سنوات، وكانت هذه المدن تحتاج عناصر جذب للسكان بعيدًا عن محافظتي القاهرة والجيزة، ولا تصلح معها الازدواجية في الحل، فلابد أن يكون لها هيكل إداري ومحلي ومجتمعي مختلف قليلاً عن المحافظات، وأعتقد أن القرار سيحل مشكلة هذه المدن. وتابع راشد: بالرغم من أن القرار يبدو جيدًا، فإنه أحدث ما يسمي «فجوة التنفيذ»، فلابد أن يكون هناك استماع للمجتمع، ولا يتم اتخاذ القرار بشكل منفرد، فمثل هذه القرارات تحدث جدلاً بين المواطنين والمتخصصين، كما أنه لم يمر علي مجلسي الشعب والشوري، دون معرفة أسباب ذلك، خاصة أن هذه القرارات يجب أن تعد لها مرحلة تجارب قبل اتخاذ القرار. ورفض الدكتور سامح العلايلي، عميد كلية التخطيط العمراني السابق، التعليق علي القرار، خاصة أنه لم تنشر حيثياته، مطالبًا بنشره في الصحف لمعرفة جدواه وأهدافه، خاصة أن الكثير من المحافظين لم يعلموا عنه شيئًا. أهالي أكتوبر سعداء بتحويل «المدينة» إلي «محافظة» طمعاً في خدمات أفضل.. وسكان أوسيم يرفضون ضمهم إليها خوفاً من «المشقة» كتب: إبراهيم معوض تباينت ردود أفعال المواطنين حول القرار الجمهوري بإنشاء محافظة السادس من أكتوبر، حيث اعتبره سكان المدينة خطوة للأمام تجلب إليهم العديد من الخدمات التي حرموا منها في الماضي، فيما يري آخرون أن القرار سيزيد من معاناتهم ومتاعبهم. في البداية اتفق المواطنون من سكان مدينة 6 أكتوبر علي إيجابية القرار بالنسبة لهم، إلا أنهم اعترضوا علي ضم بعض المراكز والمناطق العشوائية لمحافظتهم، خوفاً من تصدير سلوكيات أهالي هذه المناطق إليهم، مثل مركزي أوسيم وإمبابة، فيقول محمود خليل «44 عاماً» من سكان الحي الثامن، إن جهاز 6 أكتوبر يضم 12 حياً، بالإضافة إلي عدد كبير من المدارس والجامعات الخاصة ومساكن الشباب والعديد من المنتجعات السياحية وست مناطق صناعية، لذلك يري أن هذه المناطق ستحظي بالعديد من الخدمات التي حرمت منها طوال السنوات الماضية كوسائل المواصلات الداخلية والخارجية الآدمية - علي حد قوله - والرقابة علي نظم المرور وعلي الأسعار والتواجد الأمني الذي سيقضي علي اللصوص المنتشرين داخل الأحياء، وكذلك الخارجون علي القانون والهاربون من الأحكام القضائية الذين تزايد عددهم في الآونة الأخيرة، وهو ما أيده محمد مجدي «21 عاماً» من سكان الحي الرابع، لافتاً إلي أنه سيكون هناك اهتمام أكبر بالمنطقة، من حيث الاستثمار والتنمية، كما أن القرار سيتطلب موازنة وموارد جديدة ستعود علي المنطقة بخدمات إضافية. وقالت هناء عبدالمنعم، وكيلة مدرسة نهضة مصر بالحي المتميز، إن القرار سيخلق المزيد من فرص العمل للشباب، من خلال إنشاء مديريات وهيئات وإدارات للمحافظة الجديدة، مشيرة إلي أن جهاز 6 أكتوبر لم يعد يتحمل مسؤولية أعباء المنطقة بعد تشبعها وزيادة عدد السكان بها، أما السيد أبواليزيد، من سكان الحي الثاني، فقد وصف القرار بأنه إيجابي للغاية رغم تأخر صدوره، فالمنطقة تعاني منذ زمن طويل، قلة النظافة وعدم الصيانة الدورية لشبكات الصرف الصحي، كما يقول أبواليزيد، الذي يضيف، أن تحويل أكتوبر إلي محافظة سيسمح بحل القضايا المتأخرة بسرعة عاجلة. من ناحية أخري، أعرب المهندس عمرو عادل، من سكان الحي الأول، عن قلقه من ضم مركزي أوسيم وإمبابة إلي المحافظة الوليدة، خوفاً من تصدير سلوكيات أهالي هذه المناطق إلي أطفالهم. أما أهالي أوسيم وإمبابة فقد أعربوا عن ضيقهم الشديد من القرار الذي وصفوه بالمفاجئ، قائلين إن القرار سيضطرهم إلي الذهاب إلي مدينة أكتوبر كلما أرادوا أن ينجزوا أعمالهم، وهو ما أكده فتح الله السيسي، من مدينة أوسيم، قائلاً إن في الذهاب إلي مدينة أكتوبر مشقة شديدة عليه، نظراً لبعد المسافة وانعدام وسائل المواصلات بين محل إقامته والمحافظة الجديدة، وتساءل السيسي مندهشاً: «إذا كانت أوسيم قد حرمت من الخدمات وهي تابعة للجيزة، فما هو الحال مع أكتوبر التي يسكنها علية القوم؟!». انقسام سكان حلوان بعد قرار تحويلها إلي محافظة.. والباعة الجائلون خائفون كتب: دارين فرغلي أثار القرار الذي أصدره رئيس الجمهورية يوم الخميس الماضي بإنشاء محافظة جديدة باسم محافظة حلوان ردود فعل مختلفة بين سكان حلوان إذ اعتبر بعضهم القرار طوق النجاة الذي سيخلصهم من نقص الخدمات، بينما تساءل البعض الآخر عن العائد من تنفيذ القرار. «المصري اليوم» التقت بعض سكان حلوان لترصد ردود أفعالهم حول القرار، أمام جامعة حلوان اجتمع بعض الطلاب قبل موعد امتحانهم وأخذوا يتهامسون فيما بينهم عن قرار تحويل حلوان إلي محافظة، وتساءلت منة السيد- طالبة في كلية العلوم- هل سيتم تحويل حلوان إلي محافظة صناعية؟ وما النفع الذي سيعود علي سكانها بعد هذا القرار؟ بينما أعربت شيرين أحمد محمد عن سعادتها قائلة: «هذا القرار سيجبر الحكومة علي تطوير الجامعة ورفع ميزانيتها لأنها ستكون جامعة المحافظة. ورفضت سلمي محمد- طالبة في كلية الآداب- القرار وأرجعت ذلك إلي أن حلوان ليست بعيدة حتي يتم تحويلها إلي محافظة. أما أحمد حجاج يوسف أحد سكان حلوان فيري أن القرار في صالح أهالي المنطقة قائلا: هناك الكثير من المشروعات المتوقفة بسبب نقص الميزانية، أما الآن وبعد تحويل حلوان إلي محافظة سيستمر العمل فيها مما يعود علينا بالنفع. فرحة تحويل حلوان إلي محافظة التي شعر بها الكثير من الطلبة ممن قابلناهم في جامعة حلوان لم نرها في أعين بعض الباعة الجائلين أمام محطة مترو حلوان إذ أعرب بعضهم عن تخوفه من النتائج التي قد تترتب علي هذا القرار إذا قرر المحافظ الجديد منعهم من التواجد في هذا المكان مما سيؤدي إلي قطع أرزاقهم- علي حد قولهم. أم محمد التي تجلس أمام «مشنة» مليئة بالتوت وتعتبرها المصدر الوحيد لرزقها وأولادها الأربعة بعد وفاة زوجها شعرت بخوف شديد بعد أن سمعت بالقرار وتساءلت عن النتائج التي ستترتب علي هذا القرار. تقول أم محمد «أدعو الله أن يوفر لنا المحافظ الجديد أماكن نبيع فيها بضائعنا بدلا من أن نفاجأ بطردنا» وبجوار أم محمد تجلس الحاجة فاطمة وأمامها مشنة مليئة بالليمون، تقول الحاجة «القرار ده حلو علشان التطور حلو وإحنا عاوزين مصر تبقي أحسن بلد في الدنيا بس أنا مش عاوزاهم ياخدوا مني الليمون اللي بسترزق منه». نقص الخدمات في حلوان كان من أهم أسباب ترحيب أحمد أبوالعمدة- موظف- بالقرار، ويري أن الشوارع تحتاج إلي نظافة، مشيرا إلي نقص المواصلات في بعض المناطق داخل حلوان نفسها ورغبة السكان في تطوير عشوائياتها مثل منطقة عرب غنيم، واعتبر أبوالعمدة القرار بمثابة طوق النجاة لسكان حلوان- علي حد قوله.