وسائل إعلام إسرائيلية: اجتماع لنتنياهو وجالانت في مقر وزارة الدفاع لإجراء مشاورات أمنية    حزب الله اللبناني يعلن استهدف مستعمرة كريات شمونة بصلية صاروخية    فلسطين.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية    طريق الأهلي - تحديد الملعب المستضيف لمباريات كأس إنتركونتنينتال    غلق باب القيد الصيفي قبل بداية موسم 2024-25 من الدوري المصري    تعتذر عن إبادة وترتكب أخرى؟ فلسطيني يحرج بايدن أثناء حديثه عن الهنود الحمر (فيديو)    عاجل - بدء تطبيق التوقيت الشتوي في مصر يوم الخميس المقبل    جامعة الأزهر تفتح تحقيقاً لكشف ملابسات واقعة تسمم طالبات الأقصر    هل يحقق فينيسيوس حلم الكرة الذهبية؟    كامل أبو علي يطمئن على استعدادات النادي المصري لعقد الجمعية العمومية    فيديو.. محمد أوتاكا يفاجىء هدير عبد الرازق على الهواء ويتقدم لخطبتها    محافظ كفرالشيخ: إزالة بناء مخالف على أرض زراعية بالحامول    الوزراء: مصر تتصدر إفريقيا في سرعة الإنترنت    متخصص بالعلاقات الدولية: هناك توافق غربي بشأن ضرورة الاستفادة من ثروات دول أفريقيا    شركة نرويجية تبيع حصتها في شركة تكنولوجيا أمريكية لتعاونها مع إسرائيل    اتحاد الرهبانيات في الأردن يعقد لقاءه الأول لهذا العام    تسهيلات جديدة بعد مد فترة التصالح في مخالفات البناء    الأسهم الأوروبية تنهي تداولات الأسبوع على انخفاض طفيف    بيان عاجل لجامعة الأزهر بشأن أنباء تسمم طالبات المدينة الجامعية بالأقصر    بعد خسارة السوبر| رسالة نارية من عمرو أديب لجماهير الزمالك بسبب شيكابالا    أهلي جدة يتعادل مع الأخدود 1/1 في دوري روشن السعودي    النصر يتعادل مع الخلود 3-3 في الدوري السعودي    المرج يواجه سبورتنج كاسل في افتتاح القسم الثالث    شجار على كلب ينتهي بمقتل شاب في المحلة الكبرى    ضبط سلاح ناري وهيروين مع 3 متهمين في كفر الشيخ    تفاصيل إصابة سيدة أثناء نشر الغسيل بالجيزة.. وقع بيها سور البلكونة    تفاصيل مقتل شاب بطعنة في الصدر بالعمرانية.. بسبب معاكسة فتاة    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص بأوتوستراد المعادي    النائب العام يلتقي سكرتير الدولة للعدل الإسباني.. صور    انتشال جثة شخص من مشروع ناصر بعد 24 ساعة بالبحيرة    مطرانية ملوي بالمنيا تكشف سبب إحلال وتجديد الكنيسة المرقسية    "المروحة الورقية" وسيلة نجوم الفن لمقاومة الحر في مهرجان الجونة السينمائي    نشرة التوك شو| انتقادات لهدم قبة حليم باشا التاريخية وتوجيهات بتوطين صناعة أدوية الأورام    الجرأة على البساط الأحمر.. إطلالات تخطف الأنفاس في مهرجان الجونة السينمائي    نقابة الصيادلة: تكليفات رئاسية بتوطين صناعة أدوية علاج الأورام    مؤتمره العام الدوري .. المصرى الديمقراطي يبحث خطة الحزب وأداء نوابه    خبير: القوات البحرية قادرة على حماية المياه الإقليمية والمصالح الوطنية    دليل شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. الشروط والأسعار وخطوات التقديم    أخبار توك شو| تحذير عاجل من الأرصاد عن الطقس.. إسرائيل تستهدف القوات الأممية في لبنان.. الدولار ينخفض أمام الجنيه في هذه الحالة    حظك اليوم برج الجدي السبت 26 أكتوبر.. انتبه للتفاصيل    إيناس الدغيدي تكشف سر خلافها مع محمود حميدة: مشهد في أحد الأفلام    نقيب الصحفيين: جرائم الاحتلال تشكلت أمام تواطؤ دولي مستمر    وقع بيها جزء من سور البلكونة، تفاصيل إصابة سيدة أثناء نشر الغسيل بالجيزة    حسام موافي يوضح العلاقة بين وظائف الكبد ومرض الصفراء    هيئة الدواء تحذر من انتشار عبوات مجهولة المصدر لحقنة شهيرة خاصة بالحوامل    ضمن مبادرة «بداية جديدة».. خالد عبد الغفار: 100 يوم صحة قدمت أكثر من 135 مليون خدمة مجانية خلال 85 يوما    دنيا عبد العزيز ترزق بمولودتها الأولى: «محتجالك يا أمي» | صورة    الصحة تنظم جلسة حوارية حول الديناميكيات السكانية والاستدامة التحديات والحلول    برئاسة فريد زهران.. ننشر تشكيل المجلس الرئاسي للحزب المصري الديمقراطي    أم إبراهيم.. 5 سنين بتأكل زوار إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ: كله لوجه الله    محمود حميدة: «تكريمي في مهرجان الجونة خلاني أعرف قيمتي عند الناس»    وزير الأوقاف والمفتي ومحافظ السويس يشهدون احتفال المحافظة بالعيد القومي    المفتي ووزير الأوقاف يقدمان التهنئة لأبناء السويس في العيد القومي    خطيب الجامع الأزهر: خيرية الأمة ليست شعارا بل نتيجة لامتلاكها مقدمات النجاح    مواقيت الصلاة .. اعرف موعد صلاة الجمعة والصلوات الخمس في جميع المحافظات    خطيب المسجد الحرام: شعائر الدين كلها موصوفة بالاعتدال والوسطية    عيار 21 بكام.. الذهب يواصل ارتفاعه الجمعة 25 أكتوبر 2024    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: مد فترة التصالح في مخالفات البناء.. مفاجأة بشأن إهدار شيكابالا ركلة الترجيح أمام الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«القاعدة» تحيي عصر القراصنة
نشر في أخبار مصر يوم 12 - 04 - 2008

بعد أن أنهت السفينة «مارن» التابعة للبحرية الفرنسية تمارينها ضمن القوة المشتركة العاملة بين المحيط الهندي والخليج العربي، عقد قائدها الأميرال جان لوي كيرينا مؤتمراً صحافياً بدأه بالقول: «منذ إنشاء قوة «تاسك فورس - 150» لم نضبط أي محاولة تسلل إرهابيين عن طريق البحر. وهذا دليل ساطع على نتائج زيادة الرقابة وإحكام السيطرة على المنافذ البحرية».
وقبل أن يكمل الأميرال الفرنسي ملاحظاته حول الوضع الأمني في تلك المنطقة، تقدم منه مساعده ليقدم له «فاكساً» حملته قراءته على التوقف عن متابعة الكلام.
وبعد تقديم الاعتذار للإعلاميين، قال الأميرال الفرنسي إنه تبلغ خبراً مفاده أن يختاً سياحياً تملكه شركة فرنسية لرجل الأعمال اللبناني جاك سعادة، استولى عليه قراصنة واحتجزوا طاقمه المكون من ثلاثين شخصاً.
في باريس أعلن وزير الدفاع الفرنسي ايرفيه موران أن القراصنة احتجزوا الطاقم المؤلف من عشرين فرنسياً وعشرة اوكرانيين. وبما أن هذه العملية تعتبر من نوع احتجاز الرهائن، فإنه من الطبيعي التعاطي معها ضمن آلية الافراج عن الرهائن.
تألفت القوة البحرية المشتركة عقب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) سنة 2001، وهي تضم 19 دولة تساهم ب60 سفينة تعمل داخل المحيط الهندي والخليج العربي. وتعمل قيادة هذه المجموعة تحت إمرة اللواء البحري الأميركي المرابط قبالة ساحل البحرين. وتقتصر مهمتها على تسهيل مرور ناقلات النفط التي تمر في مضيق باب المندب وخليج عدن، قبالة سواحل اليمن والصومال وجيبوتي وسلطنة عمان. وتقوم هذه السفن بشكل دوري، بمناورات حربية في الخليج العربي والبحر الأحمر وخليج عدن بهدف ضبط الإرهابيين الذين ينقلون الأسلحة الى المعارضة في اليمن والصومال، أو القراصنة الذين يهاجمون السفن التجارية لنهبها أو ابتزاز طواقمها.
وبسبب وجود قاعدة عسكرية فرنسية في جيبوتي، قامت القيادة الأميركية لمكافحة الإرهاب بتزويد القوة المشتركة بعشرين طائرة من طراز «اتلانتيك - 2» وذلك بهدف مراقبة المياه الاقليمية لدول تلك المنطقة. وقد اهتم الرئيس الفرنسي ساركوزي بهذه المسألة الخطيرة، وطلب من القيادة وضع خطة متكاملة لوقف عمليات القرصنة. وأعلن رئيس الوزراء فرانسوا فيون عن تشكيل وحدة من نخبة الكومندوس البحري أطلقت عليها وزارة الدفاع اسم «خطة قرصان البحر». وهي تتألف من عناصر مختارة تنطلق عادة من قاعدة جيبوتي فوق سفن الحراسة والمطاردة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض انضمام بلاده الى القوة المشتركة لاعتقاده بأن هجمات القراصنة محصورة بملاحقة سفن الدول الغربية. ومن المتوقع أن يراجع موقفه بعدما تعرضت سفن بلاده لأكثر من محاولة ابتزاز. وكانت آخرها احتجاز السفينة «سفيتزر كورساكوف» منتصف شهر شباط (فبراير) الماضي، وإرغام موسكو على دفع 700 ألف دولار مقابل الافراج عن أفراد الطاقم.
يجمع المحللون على القول إن أعمال القرصنة ازدادت في المياه الواقعة قبالة شواطئ الصومال منذ أسقطت المعارضة الديكتاتور العسكري السابق محمد سياد بري سنة 1991. ولكن قيادة «القاعدة» استغلت فوضى الحرب الأهلية سنة 2003 لتشرف على تنظيم صفوف المعارضة وتتولى مهمة تسليح المقاتلين في الصومال والمعارضين في اليمن.
وقد اعتمدت على عناصر من عملائها العرب الذين يعملون في المرافئ الأوروبية من أجل إبلاغها مسبقاً عن السفن التي تقصد تلك المنطقة. وذكر جان لوي كيرينا، قائد قوة «تاسك فورس - 150» في مؤتمره الصحافي، ان بحارته ضبطوا عمليات تهريب أموال واسلحة يعتقد انها مرسلة الى جماعات ارهابية تابعة لتنظيم «القاعدة».
اعترفت قيادة «البنتاغون» مرات عدة بأن المروحيات الأميركية التي كانت تطارد المقاتلين فوق المواقع النائية من الصومال، قد تعرضت للصواريخ المتحركة، لذلك فضلت استخدام طائرات تجسس من دون طيار، تحاشياً للصواريخ، وقد ابلغت شرطة مقديشو الشهر الماضي عن سقوط طائرة من دون طيار على بعد مئة كيلومتر جنوب العاصمة، وعلى جناحيها أجهزة تصوير.
الخارجية البريطانية تتحدث دائماً عن موقعين بحريين تعتبرهما من أهم المواقع الاستراتيجية، هما مضيق هرمز وباب المندب. وقد اهتمت لندن في عصر الاستعمار بهذين الموقعين، خصوصاً قاعدة عدن. والسبب ان هذين الموقعين يشكلان مدخلين حيويين نحو بحيرات النفط الممتدة من البحر الأحمر حتى الخليج العربي، وعندما شجع الرئيس المصري جمال عبدالناصر ثورة السلال في اليمن سنة 1962، انما كان يهدف الى تطويق هذه المنطقة الغنية بالنفط وإرغام الغرب على الاعتراف بالنظام الاقليمي الذي سعى الى انشائه. ويعترف المؤرخون بأن مساهمة الولايات المتحدة في حرب 1967 انما كانت ترمي الى إبعاد نفوذ عبدالناصر عن مناطق النفط. والدليل ان المذكرة التي وقعها مع أمين عام الأمم المتحدة همرشولد، تؤكد موافقته على تحييد سلاح النفط.
بسبب اصوله اليمنية عرف اسامة بن لادن أهمية موقع بلاده في توسيع رقعة الحرب، واستخدامها قاعدة لانطلاق جماعته. ومن اليمن استطاع ان يضرب المدمرة الأميركية «كول» في ميناء عدن، وان يرسل أنصاره للقيام باعتداءين على السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا سنة 1998. وكما أعانته محاصيل الحشيشة والافيون في افغانستان على تجاوز ضائقته المالية المتأتية عن تزويد جماعاته بالمال اللازم لتنفيذ عملياتهم، كذلك أعانه مردود عمليات القرصنة لتمويل مقاتلي حركات الشباب الاسلامية في اليمن والصومال.
في بيان أصدره جون هولمز، مساعد أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الانسانية، حذر فيه من مخاطر الاستيلاء على ما تقدمه 40 وكالة إغاثة لشعب الصومال. وقال ان العنف المتنامي في العاصمة مقديشو يدفع أكثر من عشرين الف مواطن كل شهر الى مغادرة البلاد بحثاً عن المأوى والغذاء والدواء. وبما ان الحلول السياسية مفقودة تقريباً... وبما ان العناصر المقاتلة تحت مظلة «القاعدة» تمنع احلال السلام، فإن المشكلات الانسانية ستزداد تفاقماً. لكنّ المتمردين لم يتأثروا بفقدان المساعدات، لأنهم يستفيدون من الفوضى لشن حملة اغتيالات على الطريقة العراقية، إضافة الى عمليات القصف المدفعي اليومي الذي يستهدف أعضاء الحكومة وحلفاءهم الأثيوبيين.
الرحالة البندقي ماركو بولو كان أول من تحدث عن تجارة القرصنة في الخليج العربي. وسبقه المؤرخ بلاين إلى الكتابة عن مغامراتهم في القرن الأول الميلادي، يوم اضطر الخليفة العباسي هارون الرشيد إلى تجهيز حملة منظمة ضدهم للحد من نشاطهم الذي عرقل تجارة العراق مع الهند والشرق الأقصى.
في أواسط القرن السادس عشر اشتهر القرصان التركي بيريك الذي أقلقت عملياته البرتغاليين عقب احتلالهم «هرمز» واستعدادهم للانطلاق باتجاه البصرة. ثم هاجم مسقط واحتل قلعتها واسر ستين جندياً برتغالياً نقلهم معه إلى تركيا. وكانت النتيجة أن قطع الصدر الأعظم رأسه في الاستانة بسبب طموحه الزائد.
ويبدو أن الأرباح التي جنيت من وراء القرصنة قد شجعت الأجانب على خوض هذا الميدان. وفي سنة 1700م اشتهر القرصان كابتن كيد الذي كان ينطلق من قاعدته في مدغشقر لجني الغنائم والأسلاب. وقد أظهرته هوليوود في أفلام سينمائية عدة استناداً إلى الكتب التي روت قصة مغامراته.
فجر القرن الثامن عشر، تعرضت التجارة البحرية الدولية لمواجهات خطرة مع القراصنة الذين ازداد عددهم. وهذا ما حمل المتنافسين الكبار، أي الفرنسيين والهولنديين والانكليز على توزيع أدوار الحماية بحيث أخذ الهولنديون على عاتقهم مراقبة البحر الأحمر. أما الانكليز فقد تولوا حراسة مصالحهم في بحار الهند الجنوبية، بينما بقي الفرنسيون في الخليج العربي لحماية مستودعاتهم في بندر عباس.
ومن القراصنة الذين اشتهروا في حقبات لاحقة كان الأمير مهنا الذي عرف بجرأته ودهائه. وقد ركز نشاطاته على طول الشاطئ الإيراني. وبعد ملاحقة طويلة استطاع الأتراك اعتقاله، ثم قطعوا رأسه وعرضوه في شوارع البصرة. وظهر من بعده القرصان المرعب رحمة بن جبر الكويتي. وقد وصفه المقيم البريطاني بوكنغهام بأنه «نحيل الجسم نحيف الأطراف تملأ جسده آثار المعارك والجراحات». ومع ان اسمه «رحمة»، إلا أن قلبه لا يعرف الرحمة أو الرأفة. ذلك انه كان يذبح كل المستسلمين، ولا يهتم بأخذهم أسرى. ولما طاردته السلطات وكادت تعتقله، حطم قاع سفينته وغرق مع رفاقه.
مع اكتشاف بئر كركوك في شمال العراق (1908) تسابقت شركات الدول الكبرى على منطقة الخليج، الأمر الذي أدى الى نشر الأساطيل لحماية الامتيازات. وهكذا اندثرت تجارة القراصنة لأن حماية الذهب الأسود كانت تستحق نشر القواعد ومرافقة ناقلات النفط بالبوارج الحربية.
بعد مرور قرن تقريباً على زوال القرصنة البحرية، جدد المغامرون عمليات ظن الكثيرون انها انقرضت وماتت مع ظهور النفط. ويبدو ان إحياءها بهذا الشكل المؤثر من قبل «القاعدة» سيضطر الدول المعنية الى توزيع مسؤولياتها الأمنية، والى تحريك الأسطول الاميركي الخامس المتمركز في المحيط الهندي.
والملفت ان هذه الظاهرة قد تفاقمت مع اضطراب الوضع الأمني في اليمن والصومال، الأمر الذي شجع ابن لادن على إرسال جماعته من أجل اعتراض السفن التجارية ونهبها واختطاف بحارتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.