بدأت الآثار السلبية للحصار الخانق على قطاع غزة تظهر أخيراً في مناحي الحياة المختلفة، وكان آخر من طالتهم الآثار المدمرة لتقليص كميات الوقود الموردة الى القطاع الى أدنى حد ممكن، هم آلاف الأطفال ممن يعانون من مرض فقر الدم (أنيميا). اذ توقفت شركة سنقرط اعتباراً من امس عن توريد وجبة غذائية لنحو 20 ألف طفل وطفلة في مرحلة رياض الأطفال يعانون من مرض فقر الدم بسبب عدم وجود وقود في خزانات سيارات الشركة التي تقوم بتوزيعها على الأطفال في 154 روضة في محافظات القطاع الخمس: رفح، وخان يونس، والوسطى، وغزة، وشمال غزة. وقال مدير فرع شركة سنقرط في القطاع ناجي البطة ل «الحياة» ان الشركة أصبحت عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه هؤلاء الأطفال بسبب عدم وجود وقود لديها لملء خزانات سياراتها التي تقوم بتوزيع عبوة من الحليب وقطعة من البسكويت لكل طفل. وأضاف أن الشركة تقوم منذ أربع سنوات بتوزيع هذه الوجبة المدعمة بالفيتامينات والمعادن لمعالجة فقر الدم لدى الأطفال الفقراء بموجب عقد مع «الوكالة الاميركية لإغاثة اللاجئين في الشرق الأدنى» المعروفة اختصاراً باسم «أنيرا». وأوضح ان «أنيرا» تمول المشروع منذ انطلاقه، بعد نشر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أظهر أن 70 % من الأطفال في قطاع غزة دون سن 16 عاماً يعانون من مرض فقر الدم استناداً الى معيار نسبة الهيموغلوبين في الدم أقل من 11 درجة. وأشار الى أن شركة سنقرط أجرت في مختبراتها تجارب لمدة عامين تحت إشراف الخبير العالمي في التغذية البروفيسور عمر داري الى أن توصلت الى إنتاج منتج من البسكويت والحليب المدعم بفيتامينات ومعادن مختلفة. وقال ان هذه الوجبة كفيلة بعد فترة من الزمن الى رفع نسبة الهيموجلوبين في الدم الى 15 درجة مع تحسن في نسبة نمو الجسم والطول. وأعرب البطة عن أسفه لأن هناك 20 ألف طفل مريض لن يتمكنوا من الآن فصاعداً وإلى أن تُحل أزمة الوقود، من تلقي «وجبة طبية» ضرورية ولازمة لهؤلاء الأطفال كي ينموا نمواً طبيعياً أسوة بغيرهم من الأطفال في العالم. وشدد على أن هذه «الوجبة الطبية» تشبه الدواء الذي يُعطى للمريض، فإن لم يتناوله في موعده، فإنه لا يجوز مضاعفة الجرعة وتناولها في وقت آخر، حينها قد تصبح مضرة لصحة الطفل. وأكد أن عدم تناول الطفل هذه الوجبة يومياً قد يؤدي الى انتكاسة في صحته وتأخر في نموه، وعدم معالجة مرض فقر الدم الذي يعاني منه. وناشد البطة في ختام حديثه الهيئات والمنظمات الدولية والدول العربية والاسلامية التدخل والضغط على اسرائيل كي ترفع القيود المفروضة على توريد الوقود اللازم لتسيير مناحي الحياة في القطاع، علما أن اسرائيل قلصت منذ أشهر كميات السولار الواردة الى القطاع.