تحت حراسة أمنية مشددة وبعيدا عن أعين وأيدي اللصوص تحتفظ امانة العاصمة بغداد في مخبئ تحت الارض ب14 سيارة قديمة تعود الى العهد الملكي افلتت بأعجوبة من ايدي اللصوص خلال اجتياح البلاد عام 2003. ويقول المسؤول الاعلامي في امانة العاصمة عادل العرداوي لوكالة فرانس برس ان «هذه المجموعة من السيارات القديمة الكلاسيكية تعود الى العهد الملكي (1921 1958) وكانت تستخدمها العائلة المالكة منذ ثلاثينيات القرن الماضي». وبعض السيارات كانت هدايا الى الملك غازي (19331939) بينها واحدة من طراز مرسيدس 1936 قدمها المستشار الالماني النازي ادولف هتلر الى الملك غازي. وأضاف العرداوي ان «هذه السيارات التي قدمت في حينها هدايا كانت محفوظة في قاعة ضمن متنزه الزوراء منذ السبعينات بعد ان آلت ملكيتها الى امانة بغداد لكن تم نقلها ابان الثمانينات اثناء الحرب العراقية الايرانية الى هذا المكان». ويكاد المكان الذي تصطف فيه السيارات في مجموعتين متقابلتين ان يكون سريا. فهو مكون من طابقين ولا يمكن ان يثير انتباه احد كما انه مغلق بباب حديدي كبير وضعت اقفاله في اعلاه بشكل يصعب الوصول اليها. وبين السيارات القديمة، هناك سبع منها صالحة للاستخدام بعد ان اجريت لها اعمال صيانة في عمان بامر من النظام السابق وتمت اعادتها الى هذا المكان. واعتبر العرداوي ان «حفظ هذه السيارات الجميلة القديمة الطراز في هذا المخبأ اضاع الفرصة على اللصوص وأبطال الحواسم» في اشارة الى التسمية التي تطلق على الذين قاموا بنهب الدوائر والمؤسسات الحكومية اثناء سقوط بغداد عام 2003. واشار الى ان «هؤلاء اللصوص لم يعرفوا بوجود هذه السيارات والا لكانوا سرقوها». وفي مكان لم تصله انارة كافية ووسط برك من المياه، وضعت سيارة المرسيدس التي اهداها هتلر الى الملك غازي وتتسع لشخصين فقط ولها باب واحد ومقاعد من الجلد. وما تزال تمتازهذه السيارة الفضية بجودة تصنيعها رغم تقادم الزمن. والى جانب المرسيدس، اوقفت سيارة من طراز «رولز رويس» سوداء اللون لا تقل جودة وجمالا صنعت عام 1932 وتم تقديمها هدية الى الملك غازي ايضا من عراقي ينتمي الى عائلة تجارية شهيرة. لكن العلامة التجارية المميزة التي تتصدر السيارة وهي نسر فقدت في ظروف غامضة. وهناك ايضا سيارات من طراز «بنتلي» عام 1956 و«كاديلاك» عام 1953و«كونتيننتال» 1953. وبين المقتنيات الملكية التي كتب لها ان تنجو من اعمال النهب والسلب، عربة ملكية يتصدرها تاج عراقي صنعت في بريطانيا وتم بداخلها تتويج فيصل الثاني ملكا على العراق عام 1953. وكان الملك فيصل الثاني الذي قتل مع افراد اسرته خلال الانقلاب الذي اطاح بالملكية في 1958 قاصرا في 1939 عندما لقي والده الملك غازي حتفه في حادث سير وتم تعيين خاله عبد الاله وصيا على العرش الى حين بلوغه سن الرشد. والعربة مماثلة لتلك التي تستخدمها ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية. ويقول احد المكلفين حماية هذه السيارات «لقد عايشت مراسم تتويج الملك فيصل الثاني وقد استقل الملك هذه العربة التي كانت تجرها اربعة خيول سوداء». ويضيف الرجل الذي شارف على العقد السبعيني وفضل عدم الكشف عن اسمه «طافت العربة التي انطلقت من البلاط الملكي في منطقة الكسرة مناطق قريبة وكان بداخلها الملك». ويرى ان «من الافضل نقل السيارات الى مكان اخر تتوفر فيه شروط حمايتها وعدم تعرضها للتلف جراء عوامل خارجية لان بقاءها هنا قد يلحق بها اضرارا بسبب محاصرتها بالمياه الراكدة». ويتابع «انها ثروة تاريخية لا تقدر بثمن تشمل حقبة زمنية تعلق بها العراقيون كثيرا وعلى الاجيال اللاحقة ان تعرف تفاصيل هذه الحقبة». وفي الجهة المقابلة للسيارات السبع، وضعت سيارات اخرى تعود للفترة ذاتها لكنها غير صالحة وبدت عليها اثار التقادم وفقدت اجزاء منها بينها مرسيدس حمراء قتل فيها الملك غازي عندما اصطدمت بعمود للكهرباء في احد القصور. وتظهر في مقدمة السيارة اثاربسيطة للاصطدام في حين لم يلحق اي ضرر بزجاجها حيث كان يجلس الملك.