الاهرام : 15/3/2008 هناك بعض صحف وصحفيين, واتجاهات وشخصيات تتحدث عن المستقبل, بينما هي تطرحه كقضية علي المجتمع من خلال آراء شخصيات ماتت ومن خلال أفكار وطرق سياسية ميتة وثبت فشلها في التجربة. والشاهد في مصر أن الحاضر تطور ويتطور وان المستقبل أصبح منفتحا ومقروءا وتتضح معالمه من خلال الإصرار علي مواصلة عمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي وبالعمل الجاري من أجل تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وبالدستور الذي يقر بانتخاب رئيس الجمهورية من بين متنافسين وبإسناد مسئولية الحكم للحزب الذي يفوز في الانتخابات وبتعدد أشكال الرقابة وبصيانة حرمة الملكية الفردية والعامة والإقرار بالطبيعة المدنية للدولة ونبذ الطائفية وعدم السماح باستغلال الدين في السياسة. هنا نتوقف كثيرا أمام هدف البعض من طرح سؤال المستقبل من زاوية شخصية, والانسياق في ذلك وراء أطراف دولية بالأخص بعض الجهات الأمريكية دون النظر إلي أغراضها ومدي أحقيتها في طرح ذلك. ونحن نعرف بداهة أن أي سؤال عن المستقبل هو في الأصل سؤال عن مصير أمة, يتناول حاضرها كما يتناول ما قد تؤول إليه وما تطمح إلي بلوغه وتحقيقه ويتضمن فيما يتضمن استخلاص تجارب قادرة علي النجاح من خلال خبراتها الذاتية, ونتائج ماتوصل إليه عالمها, لكن مصدر الدهشة والاستغراب في ظاهرة من يحاولون ممارسة الحياة بالموت هو أن وجودهم الإعلامي والسياسي والإقتصادي وليد الإصلاح الذي يستفيدون منه كأشخاص اقتصاديا واجتماعيا بينما يدعون الناس للوقوف ضده من خلال الاستعانة بشخصيات وأفكار التجارب القديمة والفاشلة وجعل الحاضر والمستقبل أسري الأفكار الميتة. وهذه ظاهرة تتركز في عدد من صحف وفضائيات خاصة ولاجدال أن بروز هذه النوعية من وسائل الاعلام إنما يعد دلالة علي تطور الحياة المصرية وانفتاحها وتأسيسها علي مبادئ الاعتداد بالحريات الفردية والعامة, وعلي الرغم من ان هذه الصحف بحد ذاتها إحدي الأدوات الحديثة في العالم إلا أن القائم منها في مصر يتم توظيفه في نشر وترسيخ أفكار ومناهج قومية ودينية ناصرية واخوانية قديمة بل وضد المبدأ الذي تقوم عليه هذه الصحف والفضائيات ذاتها فهذه الصحف بنت الإصلاح والديمقراطية والليبرالية بينما الناصرية والاخوانية ابناء الجمود والديكتاتورية ومصادرة الحريات العامة. ويبلغ التناقض ذروته في أن هذه الصحف والفضائيات يملكها رجال اعمال, يقولون عن أنفسهم انهم ليبراليون ولولا فضل تعميق الديمقراطية والانفتاح والتحديث الاقتصادي لما حازوا علي ثرواتهم الحالية ولك أن تحتار في هذا الشأن وأن تسأل كيف يصرف هؤلاء أموالهم فيما يضرهم وكيف يرعي هؤلاء أفكارا ومناهج هي في الاصل ضدهم؟.. وكيف يستفيدون من الإصلاح ويقفون ضده؟ المزيد من اقلام واراء