قدم رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي استقالته أول أمس لرئيس الجمهورية الايطالي جورجيو نابوليتانو، وذلك بعد فشل حكومته في الحصول علي الثقة في مجلس الشيوخ. وكان برودي قد تعرض لضغوط سياسية من اجل الاستقالة، قبل أن تخضع حكومته إلي تصويت بحجب الثقة في مجلس الشيوخ الا انه فضل ان يحمل اعضاء البرلمان مسئولية سقوط حكومته وخاصة من اعضاء تياره اليساري الذين تسببوا في التعجيل بنهاية حكومة الائتلاف اليساري. وجاءت استقالة برودي الذي تولي مهام منصبه منذ عشرين شهرا فقط بعد سلسلة من التهديدات والخلافات السياسية الحادة التي اشتدت حدتها خلال الايام الاخيرة بين زعماء احزاب الاغلبية حتي وصل الامر ببعضهم بالعمل علي نشرحالة من عدم الاستقرار السياسي لتعجيل الاطاحة بحكومة برودي، ولم يكن يتوقع رومانو برودي ان يتلقي الضربة القاضية التي اطاحت بحكومته أول أمس من زعماء الائتلاف المعتدلين وزعماء احزاب الوسط بل علي العكس كان برودي دائما يشعر بالقلق من مواقف حلفائه المتشددين من احزاب الشيوعية الذين كان يتوقع ان تكون نهاية الحكومة علي ايديهم ولكن كانت المفاجأة المفجعة التي شعر برودي بمرارتها عندما خذله كلمنتي ماستيلا زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي ووزير العدل الذي كان يصنف في مقدمة المعتدلين من تيار يسار الوسط واذا به يجده يفضل التضحية بالحكومة وخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي من اجل مصالحه الشخصية احتجاجا علي موقف قضاة التحقيق بمدينة نابولي منه بعد قرار قضاة اقليم كامباتيا بالقبض علي زوجته ساندرا ليوناردي رئيسة برلمان كامبانيا ووضعها تحت الاقامة الجبرية والتحقيق معها بتهمة الفساد والرشوة. كما اصدر قضاة التحقيق امرا بالتحقيق مع ماستيلا بتهمة الفساد وعندما شعر ماستيلا بخطورة الموقف وتتبع رجال القضاة له حاول الضغط علي حلفائه في ائتلاف الاغلبية ومساومة رومانو ببرودي في الحصول منهم علي تأييد كامل له ولزوجته امام البرلمان علنا في مقابل مساندته لحكومة برودي وعندما احس ماستيلا بضيق الخناق عليه من قبل قضاة التحقيق اعلن سحب تأييده للأغلبية الامر الذي قلب موازين الامور في مجلس الشيوخ وحول ائتلاف الاغلبية الي اقلية لعدم استكمال العدد الذي يستطيع به الفوز بالثقة في مجلس الشيوخ. ولم يكن امام رئيس الجمهورية الايطالي جورجيو نابوليتانو الا بدء مشاوراته السياسية مع زعماء القوي السايسية لتكون رؤية سياسية تحوز تأييد اغلبية زعماء الاحزاب الايطالية لمواجهة الازمة التي تشهدها الساحة السياسية الايطالية بسبب استقالة حكومة رومانو برودي. واصبح رئيس الجمهورية في موقف لايحسد عليه الان وسط تيارين سياسيين كل منهما منشقين علي انفسهم فمن ناحية يتمسك سيلفيو بيرلسكوني زعيم حزب الشعب اكبر احزاب تيار اليمين بحل البرلمان واجراء انتخابات سياسية مبكرة ومن ناحية أخري يقف بيرفرنيدتو كازيني زعيم الحزب المسيحي واحد حلفاء بيرلسكوني يطلب تكليف احد الشخصيات غيرالسياسية بتشكيل حكومة تكنوقراط من خارج الاحزاب لادارة دفة الحكم لحين تغيير قانون الانتخابات الحالي. وفي نفس الوقت تقف احزاب التيار اليساري تنظر بمرارة علي ما وصلت اليه من تفكك وانهيار بسبب مشاكلهم الشخصية التي طغت علي مصالح الدولة. وربما يحاول رئيس الجمهورية تجنب حل البرلمان واجراء الانتخابات المبكرة علي الاقل لمدة ستة اشهر حتي نهاية العام الدراسي في يونيه المقبل اذا وجد تأييدا من قبل زعماء الاحزاب السياسية اسناد حكومة جديدة مؤقتة لاحد الشخصيات غير السياسية التي تلقي تأييدا من اغلبية زعماء القوي السياسية الايطالية. والاحتمال الاخر الذي يمكن ان يضطر رئيس الجمهورية ان يلجأ اليه هو اتخاذ قراربحل البرلمان واجراء انتخابات سياسية مبكرة. ويري المراقبون انه في حالة اجراء انتخابات سياسية مبكرة فسوف يحقق سيلفو بيرلسكوني وتياره اليميني انتصارا كبيرا يسمح له بالعودة لرئاسة الحكومة الايطالية مرة أخري وهذا ما يثير مناخا من القلق وسط تيار اليسار الايطالي. وكان الاعلان عن هزيمة الحكومة قد قوبل بهتافات نواب مجلس الشيوخ من تيار اليمين الذين طالبوا بحل البرلمان واجراء انتخابات برلمانية مبكرة كما احتشد آلاف المواطنين امام مجلس الشيوخ وقصر رئاسة الجمهورية يطالبون رئيس الجمهورية بسرعة اتخاذ قرار سياسي يسمح باجراء انتخابات سياسية مبكرة.