تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 20 جنيهاً    الإسكان: مهلة شهرين لاستلام الأراضي الملغاة لعدم الاستلام عدا أراض ابني بيتك    البورصة المصرية تربح 13.8 مليار جنيه في ختام تعاملات الاثنين    عاجل - غارات إسرائيلية تستهدف مواقع أسلحة حزب الله    الثقافة تختتم الملتقى 18 لشباب المحافظات الحدودية بأسوان ضمن مشروع "أهل مصر"    إحلال وتجديد مدخل المنطقة الصناعية بالطرانة بحوش عيسى في البحيرة    المالية: زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح المالي والاقتصادي خلال المرحلة المقبلة    ندوات توعوية لطلاب مدارس أسيوط حول ترشيد استهلاك المياه    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    استبعاد ديمبلي من قائمة باريس سان جيرمان لمباراة أرسنال ل«أسباب تأديبية»    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    تشكيل السد القطري المتوقع لمواجهة استقلال طهران اليوم الإثنين    مدرب منتخب الشاطئية يطالب الجبلاية بتوفير مباريات ودية    جريزمان يلاحق ميسي بإنجاز تاريخي في الليجا    وكيل فهد المولد يكشف تطورات أزمة اللاعب الصحية    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    منخفض جوي جديد.. 6 تحذيرات من الأرصاد للمصريين    إصابة شخصين إثر انقلاب سيارة واشتعال النيران بها بصحراوي المنيا    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    ما هي قصة أول متحف للفن الصوفي الإسلامي في باريس وما هي مقتنياته؟    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    حملة دعاية واسعة استعدادا لانطلاق الدورة 7 لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    وكيل شعبة الكهرباء: الفتح والغلق المتكرر للثلاجة يزيد الاستهلاك    نائب رئيس جامعة بنها تتفقد الدراسة بكليتي العلوم والهندسة    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    وزير التعليم يتفقد 6 مدارس بحدائق القبة لمتابعة سير العام الدراسي الجديد    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    ضبط دجال بالإسكندرية يروج لأعمال السحر عبر مواقع التواصل    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    41615 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    أبو ليمون يتابع تطوير كورنيش شبين الكوم والممشى الجديد    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعونة الأمريكية‏..‏هل تصلح كآلية للضغط علي مصر؟
نشر في أخبار مصر يوم 26 - 01 - 2008


الأهرام 24/01/08
عندما يحدث أي خلاف مصري أمريكي تقفز في ذهن البعض في واشنطن قضية المساعدات الامريكية لمصر علي أساس أنها محور جوهري في هذه العلاقة‏,‏ وأنه يمكن استخدامها للضغط علي الحكومة المصرية بشأن القضايا محل الخلاف سواء تعلقت بالديموقراطية أو حقوق الإنسان والأقليات‏.‏ ولأن واشنطن هي الداعم التاريخي للنظم البوليسية والدموية المعادية لشعوبها في مختلف أرجاء العالم‏,‏ ولأنها تحتفظ حتي الآن بعلاقات وثيقة وتفرض حمايتها علي نظم لا تعرف الديموقراطية وحقوق الانسان إليها سبيلا في بعض البلدان التي تحصل منها واشنطن علي النفط‏,‏ ولأنها هي الراعي والحامي لكيان نشأ بالاغتصاب ويستمر بالعدوان وانتهاك حقوق الآخرين وسحق آدميتهم مثل إسرائيل‏,‏ فإنها آخر من يحق له أن يتحدث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان والأقليات‏,‏ لأنه ببساطة حديث ابتزاز يستهدف أمورا أخري لها علاقة بالمصالح الأنانية للإدارة الأمريكية ولإسرائيل‏,‏ ولذلك لم يكن غريبا أن ينأي كل المعنيين بالتحول الديموقراطي الكامل واعتبارات حقوق الإنسان في مصر‏/‏ بأنفسهم عن الولايات المتحدة ومواقفها الابتزازية‏.‏
ويتصور البعض بجهالة مضحكة أن مصر تعيش علي المساعدات الأمريكية‏,‏ أو أن تلك المساعدات تمثل شيئا مهما وكبيرا للاقتصاد المصري‏,‏ وأن قطع مائة مليون دولار منها‏,‏ أو حتي إيقافها كليا سيؤدي لكارثة اقتصادية في مصر‏.‏
إن مبلغ ال‏100‏ مليون دولار يشكل أقل من‏0.1%‏ من الناتج المحلي الإجمالي المصري المحسوب وفقا لسعر الصرف عام‏2006,‏ ويشكل أقل من‏0.03%‏ من هذا الناتج المحسوب وفقا لتعادل القوي الشرائية‏,‏ أما قيمة المساعدات الاقتصادية كلها‏,‏ فإنها توازي‏0.4%‏ من الناتج المحلي الإجمالي المحسوب بالدولار وفقا لسعر الصرف‏,‏ ونحو‏0.1%‏ من الناتج المحسوب بالدولار وفقا لتعادل القوي الشرائية بين الدولار والجنيه‏.‏ وإذا كان الناتج المحلي الإجمالي وفقا للبيانات الرسمية المصرية قد بلغ‏731.2‏ مليار جنيه‏,‏ أي نحو‏132.9‏ مليار دولار في العام المالي‏2007/2006,‏ فإن أهمية المساعدات الأمريكية المحدودة تتضاءل كثيرا بالنسبة له‏.‏
وإذا كانت المساعدات الأمريكية تقدم لمصر أو لأي دولة‏,‏ مقابل حصول الولايات المتحدة علي منافع سياسية واستراتيجية وأحيانا اقتصادية‏,‏ فإن ما حصلت عليه الولايات المتحدة من مصر‏,‏ كان أكبر كثيرا من أي مساعدات امريكية تلقته مصر‏.‏ فالآليات التي تتم بها المساعدات الأمريكية المربوطة لمصر‏,‏ تجعل جانبا مهما من تلك المساعدات يعود للولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ سواء في صورة استيراد سلع أمريكية عندما كان قسما من هذه المساعدات يستخدم في تمويل استيراد القمح وسلع أخري من الولايات المتحدة‏,‏
أو عقود لتنفيذ الأعمال تذهب للشركات الأمريكية بشروط كان من الممكن لمصر أن تحصل علي أفضل منها كثيرا لو كانت المنافسة مفتوحة أمام الشركات العالمية لتنفيذ تلك الأعمال‏,‏ أو تذهب كأجور ومرتبات لخبراء هيئة المعونة الأمريكية‏,‏ أما الأهم من كل ذلك‏,‏ فهو أن هذه المعونة كرست علاقات تجارية شديدة الاختلال بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ وخلال الفترة من عام‏1983‏ حتي عام‏2006,‏ بلغ مجموع العجز التجاري المصري المتراكم مع الولايات المتحدة‏,‏ نحو‏41.5‏ مليار دولار‏,‏ وهو ما يزيد بفارق كبير عن حجم المساعدات الأمريكية لمصر منذ بداية تدفقها وحتي الآن‏,‏
وهذا العجز التجاري المصري مع الولايات المتحدة وثيق الصلة بهذه المساعدات التي تجعل مصر واحدة من البلدان القليلة التي تحقق الولايات المتحدة فائضا تجاريا معها‏,‏ وهناك تصور انطباعي خاطيء مفاده أن مصر دولة تعاني من ديون خارجية ثقيلة وأنها تحتاج بالتالي للمساعدات الأمريكية والأجنبية عموما‏,‏ وهو تصور لا علاقة له بالواقع لأن الديون الخارجية لمصر في الحدود الآمنة‏,‏ والمشكلة الحقيقة بالنسبة للديون العامة هي الديون الداخلية التي اقترضتها الحكومة من الشعب المصري‏.‏
وبالنسبة لحجم الدين الخارجي لمصر‏,‏ فإن البنك الدولي في تقريره عن مؤشرات التنمية في العالم‏2007,‏ يشير إلي أن إجمالي الدين الخارجي لمصر ذات ال‏75‏ مليونا من السكان‏,‏ قد بلغ‏34.1‏ مليار دولار في عام‏2005,‏ في حين بلغ الدين الخارجي لبلد تعداده‏4‏ ملايين نسمة مثل لبنان‏,‏ نحو‏22.4‏ مليار دولار‏,‏ وسوريا ذات ال‏19‏ مليون نسمة‏,‏ نحو‏21.5‏ مليار دولار‏,‏ والأردن ذي الستة ملايين نسمة‏,‏ نحو‏7.8‏ مليار دولار‏,‏ والسودان ذي الستة وثلاثين مليون نسمة‏,‏ نحو‏18.5‏ مليار دولار‏,‏ وتونس ذات العشرة ملايين نسمة نحو‏17.8‏ مليار دولار‏,‏ والمغرب ذي الثلاثين مليون نسمة نحو‏16.9‏ مليار دولار‏.‏ وإذا أخذنا بمؤشر ثقل المديونية الخارجية كنسبة من الناتج القومي الإجمالي‏,‏ فإن نسبة الدين الخارجي لمصر إلي ناتجها القومي الإجمالي المحسوب بالدولار وفقا لسعر الصرف قد بلغت نحو‏36.7%,‏ مقارنة بنحو‏99.1%‏ في لبنان‏,‏ وحوالي‏80.1%‏ في السودان‏,‏ ونحو‏81.8%‏ في سوريا‏,‏ وقرابة‏61.8%‏ في تونس‏,‏ ونحو‏57.8%‏ في الأردن‏,‏ ونحو‏32.1%‏ في المغرب‏,‏ أي أن المديونية الخارجية المصرية أخف من الدول العربية المدينة الأخري باستثناء المغرب‏.‏
وترتيبا علي كل البيانات السابقة فإن المساعدات الأمريكية لمصر‏,‏ هامشية بالنسبة لحجم الاقتصاد المصري‏,‏ كما أن المديونية الخارجية لمصر تعتبر مديونية محدودة ولا يمكن أن تكون مدخلا للضغط علي مصر‏,‏ وبالتالي فإنه يجب علي الإدارة الأمريكية أن تكف عن تصور أن مساعداتها المحدودة تمنح مصر أي شيء جوهريا‏,‏ وبالمقابل فإن مصر كدولة قائدة إقليميا يجب أن تفكر جديا في الاستغناء عن المساعدات الأمريكية الهزيلة لإنهاء أي مساس باستقلال الإرادة المصرية وحتي تنهض العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة أؤ غيرها علي أسس تبادل المصالح واحترام كل طرف لحقوق الآخر‏.‏ فمصر تبقي قوة قائدة إقليمية‏,‏ وبلدا له إسهام حضاري جبار‏.‏ ومثلما تهتم مصر بأن يكون لها علاقات دولية واسعة ومتكافئة وقائمة علي الندية والاحترام المتبادل‏,‏ فإن الدول الأخري كبري أو صغري من مصلحتها أن تحتفظ بعلاقات وثيقة مع مصر التي يبدو أن مكانتها الإقليمية والعالمية أقرب للقدر الجغرافي والتاريخي منذ عشرات القرون‏.‏
المزيد فى أقلام وآراء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.