نشرت مجلة فورن افيرز foreign affairs الامريكية مقال بعنوان " مثلث الخطر" و تتناول فيه الساحة العالمية فى ظل متغيراته الجديدة و تتنبأ فيه بمواجهه جديدة على ساحة الصراع العالمى الذى اصبح ثلاثى الاضلاع احدهم الصين الصاعدة و الثانى روسيا المعزولة و اخيرا الولاياتالمتحدة التى ظلت على مدار السنوات القريبة الماضية القوى العظمى الوحيدة منفردة و يقول المقال ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زارهذا الأسبوع في الصين متطلعا إلى تعميق العلاقات بين بلاده وجارتها إلى الجنوب فى رحلة يمكن أن تمثل بداية حقبة جديدة في العلاقات بين روسياوالصينوالولاياتالمتحدة وتغير فى مظاهر هذه العلاقة الثلاثية التي سادت في العقود الأخيرة من الحرب الباردة والآن تعود من جديد لتطل بوجهها على العالم . بعد العدوان الروسي على شبه جزيرة القرم عادت موسكووواشنطن لتخوضا صراعا جديدا فخلال الحرب الباردة استفادت الولاياتالمتحدة بشكل مطرد من طبيعة التوتر القائم بين الصين والاتحاد السوفيتي و عمدت واشنطن على اقامة علاقات اوثق مع الصين يؤرخ لها بزيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون الشهيرة إلى بكين عام 1972 و التى جعلت الاتحاد السوفيتي يخشى اجواءالعزلة التامة حينذاك وبالتالي أصبح أكثر استعدادا لاستيعاب مطالب الولاياتالمتحدة. و تشير الفورين افيرز الى ان تفكك الاتحاد السوفيتي وصدمة ميدان "تيانانمين" احداث ميزت نهاية الحقبة الأولى من عصر( الاقطاب الثلاث). خيارات الصين ضمن المثلث كان العداء بين الصين والاتحاد السوفيتي هو لب العلاقات الثلاثية خلال فترة الحرب الباردة واليوم اصبحت التوترات الروسية الامريكية توترات مختلفة نتيجة المصالح المتضاربة. و من المتوقع زيادة التوترات فى العلاقات الروسية الامريكية فان الرئيس الامريكى المقبل لن يحتمل سياسة "إعادة ضبط" العلاقات مع روسيا إلا إذا كان حريصا على تجنب نكسة سياسية داخلية. وبالمثل "بوتين" له أسبابه الخاصة لحفظ التوترات عالية؛ انه يود إثارة القومية للحفاظ على شعبيته في الداخل وخصوصا في مواجهة استمرار الانكماش الاقتصادي. ويأمل بوتين فى إقناع الصين باستخدام نفوذها و تقديم الدعم الاقتصادي والسياسي الكبير لبلاده فالصين تريد الاحترام العالمي لترتقى سلميا نحو مكانتها كقوة عظمى بينما روسيا تريد تحدي وتقويض الغرب في كل مناسبة تلاقى المصالح الروسية الصينية ويتطلع بوتين للتوسع بشكل كبير فى دور روسيا كمصدر للطاقة فى الصين و بالتالى الى بقية دول القارة الاسيوية و هو الامر الذى من شأنه أن يخلق مساحة من النفوذ بالنسبة لروسيا في التعامل مع أوروبا في مجال الطاقة و غيرها من القضايا الخلافية. بالإضافة إلى الطاقة فان الصين ترغب ايضا فى فتح السوق الروسية و جعلها ايسر و أسهل امام الشركات الصينية للاستثمار الا ان الخبراء يرون انه فى اطار المثلث الجيوسياسي الجديد سوف تتلاقى المصالح الاقتصادية الروسية والصينية و ستقوم موسكو بالفعل بتخفيف القيود على الاستثمارات الصينية ومن المرجح أن تسرع من هذه العملية. كذلك قد تطلب الصين من روسيا الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية الأكثر تقدما و قد كانت روسيا ترغب فى تزويد الصين بعتادها العسكرى المتقدم لكنها كانت تخشى ان تستخدم بكين يوما ما هذه الأسلحة ضد روسيا. كذلك سيكون التقارب الروسى الصين ذو تاثير على الاقتصاد العالمى فقد يجعل هذا التقارب الصين أقل حرصا على تحرير سياسات الاستثمار الأجنبي وهو أمركانت تطالب به الولاياتالمتحدة طويلا كوسيلة لخفض العجز في التجارة الثنائية. تاثير العلاقات الصينية الروسية على السياسات والقرار الامريكى خلافا لفترة الحرب الباردة حينما كان تقارب واشنطن مع بكين يمثل عامل ضغط على موسكو لتغيير جوانب كثيرة من سياستها العالمية فان العلاقة الروسية الصينية الاكثر حميمية المتوقعة من غير المرجح أن تغير حسابات صناع السياسة الأمريكية بشأن معظم القضايا الكبرى . وبالتالي فإن ديناميات المثلث الجديدة لن تحاكي ديناميات المثلث ابان الحرب الباردة و لكن ارتقاء الصين بدعم من روسيا اليائسة سيجعلهما قوة جيوسياسية هائلة. وتختتم " الفورن افيرز" مقالها بالتاكيد على ان الولاياتالمتحدة مختلفة عن الاتحاد السوفيتى فاليوم الولاياتالمتحدة لديها القدرة العسكرية والمالية والقوة السياسية - إلى جانب وجود شبكة عالمية من التحالفات - لتقف على قدميها ولكن صعود الصين سيجعل من الصعب على الولاياتالمتحدة الحفاظ على مكانتها الحالية وعلى التوازن الإقليمي في المحيط الهادئ.