تجددت في الايام الاخيرة موجة التفجيرات اللبنالمتنقلة في المناطق انية، وكان اخرها ليل الاربعاء 23/5 تفجير عبوة ناسفة في أحد الأسواق ببلدة عاليه الواقعة على مسافة 20 كيلو مترشرق بيروت ذات الغالبية الدرزية والتي يتمتع فيها الزعيم وليد جنبلاط احد قادة الأكثرية النيابية المناهضة لسوريا، بنفوذ واسع،حيث اسفر هذا الاعتداء عن جرح 16 شخصا احدهم سوري، كما الحق أضراراً جسيمة بالمحال التجارية والمبانى المحيطة حسب تقارير الشرطة اللبنانية ، التى أشارت إلى أن الانفجار نجم عن قنبلة تم إخفاؤها في حقيبة، وضعت أمام أحد المباني، قرب منطقة تجارية بالبلدة. وجدير بالذكر أن مدينة عاليا من أشهر مدن الأصطياف بالنسبة إلى اللبنانيين ورعايا دول الخليج العربى و تمثل أحد أهم المنتجعات الصيفية الجبلية فى لبنان. ويعد انفجار عاليا ثالث انفجار تشهده لبنان منذ اندلاع المواجهات بين الجيش اللبناني ومليشيات "فتح الإسلام" فجر الأحد الماضي، بعد انفجاري "الأشرفية"فى شرق بيروت و"فردان" فى غربها، اللذين وقعا مساء الأحد والاثنين 21،22/5،واسفرا عن قتيل والعديد من الجرحى. . وقد حدث انفجار عاليا الذى خلف أضرار مادية بالغة،فى وقت تستمر فيه الهدنة التى وصفت بالهشة بين الجيش اللبنانى و مجموعة فتح الإسلام المتحصنة فى مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين فى شمال لبنان .هذا ويلاحظ المراسلون فى لبنان أن الرعب قد خيم على العاصمة اللبنانية بيروت في ظل استمرار مسلسل الانفجارات،وأصبح المواطنون اللبنانيون ينتظرون في ذعر وهلع مكان وزمان الانفجار القادم في ظل هذا التوترالسياسي والأمني وغياب المعالجات السياسية الجذرية للمشاكل التى أدت الى هذه الاوضاع. من يقف وراء التفجيرات ؟ تشير الانباء إلى تلقى دوائر دبلوماسية عربية في بيروت تقارير أمنية، مصدرها جهات فلسطينية، من داخل مخيم نهر البارد، تفيد بأن تنظيم فتح الاسلام يقف وراء التفجيرات التي تحصل وأنه يريد توجيه رسالة واضحة للسلطة اللبنانية "بأننا لسنا أيتاما بل هناك امتدادات لنا في أكثر من منطقة لبنانية، وهناك جهات أصولية تقف معنا"،وذلك في تلميح غير مباشر الى تنسيق يجري مع تنظيم القاعدة الذي يشير المراقبون إلى أنه كان قد عزّزبنيته اللبنانية خاصة في أعقاب العدوان الاسرائيلي على لبنان الصيف الماضي. هذا وقد اشارت جريدة "السفير" اللبنانية " الى تحذيربعض المصادر الدبلوماسية العربية من عدم جدية لبنان في التعاطي مع هذه القضية، وقالت على السلطة اللبنانية ان تعي ان الخطر بدأ يقترب من اليونيفيل حيث أشارت الأنباء إلى أن هناك نقلة نوعية في مستوى التدابير الوقائية للقوات الدولية في الجنوب في الأيام الماضية، وأيضا لبعض المؤسسات الدولية في بيروت وبعض السفارات التي اتخذت اجراءات احترازية. وفي السياق نفسه، حذرت مراجع سياسية لبنانية كبيرة من ماأسمته بمنحى الهروب إلى الأمام، وقالت انها تملك معطيات ووقائع لا تحليلات حول حقيقة تنظيم فتح الاسلام وكيف تمكن العشرات من هذا التنظيم من الدخول الى لبنان، عن أحد طريقين لا ثالث لهما، اما عبر البر عن طريق سورياومعظمهم دخل بطريقة غير مشروعة، وبعض المجموعات كانت تتنقل ذهابا وإيابا بين لبنان والعراق، وإما عبر مطار بيروت الدولي، حيث كانت تمنح لهم تأشيرات الدخول فورا على قاعدة أنهم ينتمون الى بعضالجنسيات العربية خاصة من الخليج. إنعكاسات التفجيرات على الواقع اللبناني على الصعيد الإقتصادى ، ذكرت تقارير صحفية ان استمرار التفجيرات سيؤثر بالسلب على الاقتصاد اللبناني والذي بدأ يتعافى من حرب الصيفالماضي، حيث تلقى الاقتصاد اللبنانى مرة أخرى، ضربة قوية علىالمستوى التجاري والسياحي. كما نقلت جريدة "الديار" اللبنانية عن مصادر معنية بالشأن الاقتصادي قولها، إن التفجيرات الثلاث أثرت بشكل كبير على موسم الاصطياف، وأن المخطط التخريبي ضد لبنان أصاب العصبين الاساسيين للإقتصاد اللبنانى وهما التجارة والسياحة، وبطبيعة الحال قطاع الخدمات. وكأن الذي يقوم بالتخريب يختار اهدافه بدقة، فإذا لبنان في أزمة، واذا بالشعب اللبناني يعيش حالة مأسوية. و تسائلت الصحيفة ما الذي سيحصل خاصة وانحركة عودة المغتربين ،وحركة السياحة في هذا الصيف ستكون شبه معدومة، والنمو الاقتصادي تأثر جداً، وستكون سنة 2007 سلبية اقتصادياً،وهنالك اكثر من 2400 مؤسسة تكاد تصل الى الإفلاس في ظل هذه الأوضاع ،على حد قول الصحيفة. وعلى المستوى السياسى، يشير المراقبون من ناحيتهم إلى أن لبنان يعيش أزمة عنيفة تتعقد يوما بعد يوم، فرئيس الجمهورية يتحالف مع المعارضةالموالية لسوريا ولا يستطيع ممارسة مهامه بالكامل، وولايته الممددة ستنتهي خلال خمسة أشهر،ورئيس مجلس النواب أغلق مقر البرلمان ولم يسمح بانعقاده برغم طلبات الأغلبية النيابية المتكررة،والحكومة شبه عاجزة بعد انسحاب الوزراء الشيعة ومحاصرة المعارضة لها في الشارع وفي الإعلام،وبقي الجيش اللبناني المؤسسة الرسمية الوحيدة التي لم يصب عملها بالشلل،وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول ما إذا كان هجوم عناصر فتحالإسلام علي الجيش والاشتباك معه هو محاولة لضرب آخر أدوات الدولة اللبنانية التي تعاني الضعف الشديد.هذا وقد تساءلت صحيفة الديار اللبنانية فى هذا السياق ، وفى ظل استمرار هذا الإنقسام السياسي، وبالرغم من تأكيد اللبنانيين بكل فئاتهم وقوفهم الى جانب الجيش،كيف سيتفق اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد أم سيبقى الخلاف مستمراًكما هو؟ **هذا وتوجد أيضاً تساؤلات على جانب آخر،وهى علامات إستفهام عديدة محيطة بتنظيم فتح الإسلام،المنشق عن فتح الانتفاضة،التنظيم الفلسطيني الذي احتضنته سوريا،وكيف أصبح لدي عناصر فتح الإسلام خلال6 أشهرفقط هي عمر الظهور الفعلي لهذا التنظيم في شمال لبنان كميات كبيرة من السلاح والأموال واتصالات مع تنظيمات مشابهة لبنانية وفلسطينية داخل وخارج المخيمات،وقدرة علي إيواء عناصر عربية من الذين سبق لهم القتال ضد القوات الأمريكية في العراق،وهو الأمر الذي دفع وزراء وقيادات أمنية لبنانية إلي اتهام سوريا بدعم هذا التنظيم،لكن سوريا نفت،وأكدت أنها طاردت من قبل عناصره التي ظهرت في أراضيها. ويرى المراقبون أن في لبنان بيئة خصبة لجذب التنظيمات الأصولية السنية،سواء لتوافر المأوي لها في الأماكن البعيدة عن متناول يد الجيش اللبناني مثل المخيمات الفلسطينية،وبعض المناطق الحدودية،أو لتوافر الدعم المادي وسهولة الحصول علي السلاح،وتوفر الغطاء السياسي لها أحيانا عبر القوي المرتبطة بمصالح إقليمية. ويرى المراقبون أنه برغم الاشتباكات العنيفة التي جرت بين الجيش اللبناني وفتح الإسلام، فإن الجيش لايستطيع القضاء علي هذه الجماعة، فهولا يستطيع لأسباب سياسية اقتحام مخيم نهر البارد حيث معقل التنظيم ويكتفي بقصفه من الخارج فقط ، ولا يستطيع أيضا الدخول في مواجهات مفتوحة مع تنظيمات أصولية فلسطينية أخري متحالفة مع فتح الإسلام مثل جند الشام والأنصار وغيرهما،خاصة في ظل الأزمة السياسية التي تمر بهاالبلاد وقد عجزت الاغلبية في لبنان من قبل عن تنفيذ اتفاق تم التوصل اليه عبر جلسات الحوار الوطني يقضي بنزع السلاح خلال6 أشهر،بعد تهديد الفصائل الفلسطينية المعارضة بإشعال حرب داخل المخيمات إذا حاولت الحكومة اللبنانية نزع سلاحها. وعلى المستوى الأمنى يلاحظ المراقبون أن التفجيرات خاصة التفجيرين الأوليين فى بيروت لم يستهدفا قتل أشخاص بقدر ما استهدفا إثارة الذعربين المواطنين،فالعبوات الناسفة كانت صغيرة، وتنوعت الأماكن المستهدفة بها بين حي مسيحي( الاشرفية) وحي مسلم سني( فردان)، وتشير معظم الشواهد إلي أن هذه الانفجارات المتنقلة هي مجرد رسائل بأنه يمكن إثارة الفزع والفوضي في الشارع اللبناني بسهولة،وهو أمر يرتبط في نظرالكثيرين بقيام مجلس الأمن بالبدء في عملية إقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري رئيس الوزراء الأسبق وفقا للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، بعد أن تعذرت عملية إقرار هذه المحكمة عبر الطرق الدستورية في لبنان نتيجة رفض حلفاء سوريا،خاصة حزب الله لها. وفي كل الأحوال،فإن جميع المعطيات ترشح إنجراف الأوضاع في لبنان نحو الأسوأ، مالم يتم التوصل إلي حل للأزمة السياسية الحالية،بالتوافق مع القوي الإقليمية والدولية وثيقة الصلة بالوضع اللبناني،وقبل أن تنفجر لبنان من جديد. 24/5/07