مع إعلان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير تنحيه عن السلطة في27 يونيو المقبل وخروج الرئيس الفرنسي جاك شيراك من الاليزيه يصعد نجم3 من اهم اقطاب اوروبا في اهم3 دول بالقارة ومع تعلق الانظار والآمال بهم تتزايد الاسئلة المطروحة حول مصير علاقتهم بواحدة من اهم قضايا الشرق الاوسط, هي العراق فهل يتمكن جوردون براون البريطاني ونيكولا ساركوزي الفرنسي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل من الاجابة عن هذه الاسئلة ؟ وعلاقة هؤلاء الزعماء بالقضية العراقية يحكمها في الاساس علاقتهم بالولاياتالمتحدة ليس فقط لأن الولاياتالمتحدة تقود الحرب في العراق لكنها ايضا اهم دولة حليفة لهم وتربطهم بها علاقات صداقة ومصالح رئيسية ومتشعبة علي مر التاريخ ومعروف ان بريطانيا كانت ومازالت اكبر تابع حقيقي للولايات المتحدة منذ بدء الحرب وان بلير لم يبد يوما واحدا ندمه علي خوض الحرب الي جانب امريكا والآن اصبح مصير تلك القضية في يد خليفته جوردون براون. اما فرنسا والمانيا فقرارهما بهذا الشأن قد اثار جدلا واسعا وعلاقات متوترة منذ غزو العراق في عام2003 عندما اتفق جاك شيراك والمستشار الالماني السابق جيرهارد شرودر علي عدم خوض هذه الحرب وعدم اشراك قواتيهما بها بأي شكل حتي لو علي سبيل تقديم المساعدات الانسانية فقط. ومع تغيير القيادات في البلدين قد تتغير بعض الآراء سواء علي الصعيد المحلي او الدولي وقد تظهر معها خطوات جديدة ملموسة في سبيل تحسين الاوضاع. فهل يعني ذلك الانقلاب التام علي القيادات السابقة والانصياع للمطالب الأمريكية ام الاستمرار فيما قد نطلق عليه المشاحنات الباردة. ومع بدء حملة براون لامتصاص غضب الناخبين من الاخطاء التي اقترفها حزب العمال الحاكم علي مدي السنوات العشر الماضية تناول علي الفور ومباشرة القضية العراقية باعتبارها الدافع الرئيسي لهذا الغضب والتي تتحكم بشكل أو بآخر في مصير حزب العمال في الانتخابات العامة المقبلة واعترف براون بارتكاب اخطاء بسبب الحرب لكنه ذكر في الوقت نفسه ان منهج تناول هذه القضية سيتغير بشكل ما خلال الاشهر المقبلة حيث سيشهد حوارا اكبر مع القوات البريطانية في العراق وحكومتها بهدف الاسراع بتحقيق المصالحة الوطنية والتطور الاقتصادي وصحيح ان العلاقات الامريكية قد تظل علي المدي البعيد قوية كما اقر براون نفسه وبالتالي فقد يظهر براون مع الوقت انحرافا في المسار الذي سيسلكه في السياسة الخارجية, خاصة فيما يتعلق بالعراق عن تلك التي تتبعها الولاياتالمتحدة حاليا. وبفوز ساركوزي بالرئاسة الفرنسية أزاحت الإدارة الأمريكية عبئا جديدا عن كاهلها واضافت مكسبا جديدا لمصالحها الاستراتيجية فمن المعروف ان ساركوزي كان معارضا لموقف شيراك الرافض للحرب في العراق لذا فقد سارع في زيارته للولايات المتحدة العام الماضي ان يمهد لاستعداداته القوية لبلوغه الرئاسة وان يؤكد في الوقت ذاته ان الحكومة الفرنسية ارتكبت خطأ فادحا برفضها المشاركة في الحرب ومساندة واشنطن. وأكد ساركوزي بشكل قاطع ضرورة الحفاظ علي العلاقات الوطيدة بين البلدين لكنه اكد في الوقت نفسه أن ذلك لا يعني الانصياع ثم عاد واعلن عن رفضه للحرب في العراق ووصفها بالخطأ التاريخي لكنه حذر من الانسحاب الفوري للقوات الأمريكية برغم اعترافه بأن التأخير في هذه الخطوة قد يزيد العنف بالبلاد. ومع تولي المستشارة الحالية أنجيلا ميركل لتولي مهام منصبها, اكدت علي الفور ان قوات بلادها لن تشارك في الحرب كما لن تنضم لقوات حلف شمال الاطلنطي( الناتو) لتدريب الجيش العراقي علي الاراضي العراقية وإن كانت ستواصل قيادة التدريب علي اراضي دول مجاورة ولكن مع الوقت بدأت حدة الموقف تخف قليلا واصبحت ميركل اقرب اصدقاء الرئيس الامريكي جورج بوش في اوروبا. وسواء كانت هذه الدول مازالت معارضة أو لا للسياسة الخارجية الأمريكية فإن الإدارة الأمريكية تعلم قبل كل شئ انه لا يمكنها خسارة حلفائها الاساسيين الذين يربطها بهم تاريخ ثقافي واقتصادي وعسكري قديم يصعب تجاهله مع اول اختلاف في وجهات النظر.. ويصعب ايضا علي هؤلاء الزعماء الثلاثة تجاهل مصالحهم في دولهم حيث منحهم الناخبون هذه السلطات الواسعة لكنهم ايضا مدركون لحجم وقوة الولاياتالمتحدة. وكما قال ساركوزي في عبارته الذكية ان الصداقة هي احترام وتفهم وتعاطف وليس خضوعا لذا يجب علي الولاياتالمتحدة الصديقة ان تترك لهم الحرية لتكون هذه الدول صديقة لهم ايضا.