ابتهج أعضاء وأنصار «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» فور سماعهم نبأ موافقة إسرائيل على الإفراج عن نائب الأمين العام للجبهة عبدالرحيم ملوح المعتقل منذ خمس سنوات. فمنذ غيابه وقبله غياب الأمين العام السابق أبوعلي مصطفى الذي اغتالته إسرائيل في 2001 وبعده غياب الأمين العام الحالي أحمد سعدات الذي اعتقلته إسرائيل من سجن للسلطة العام الماضي تراجع دور الجبهة ومكانتها في المشهد السياسي الفلسطيني المضطرب. ومنذ بداية الانقسام السياسي الذي تعمق حتى وصل إلى الاقتتال المسلح وسيطرة «حماس» على السلطة في غزة بالقوة، تميزت الجبهة الشعبية بموقف وسطي جنبها الاستقطاب الذي طال الغالبية العظمى من الأحزاب والقوى لكنها افتقرت إلى الشخصيات القيادية التي يمكنها أن تترجم مواقفها تلك في دور مؤثر في إطفاء الحرائق التي سرعان ما اندلعت في البلاد. وتمتعت «الجبهة الشعبية» على الدوام بوفرة كوادرها وقياداتها من المثقفين المتمرسين في العمل الجماهيري لكن هذه الوفرة تحولت إلى ندرة بعد التحولات الهائلة التي عصفت بالعالم عقب انهيار الاتحاد السوفياتي وتراجع اليسار. فكثير من تلك القيادات والكوادر إما انكفأ على ذاته أو اعتزل العمل الحزبي أو تحول إلى مواقع سياسية أخرى ومن الفئة الأخيرة الدكتور رياض المالكي الذي يتولى وزارة الإعلام في حكومة الطوارئ التي يقودها سلام فياض. لكن مع إطلاق ملوح الذي يتمتع بخبرة سياسية طويلة ويتميز بمواقفه المعتدلة والمتوازنة وصلاته الخاصة مع الرئيس محمود عباس وقادة «فتح» يُتوقع أن يعود إلى «الجبهة الشعبية» دورها الذي تراجع في السنوات الأخيرة ويتطلع كثيرون إلى ملوح للعب دور في رأب الصدع الكبير في العلاقة بين «فتح» و «حماس» عقب انقلاب الأخيرة على السلطة في غزة. وكان عباس طالب إسرائيل مراراً بإطلاق ملوح وعدد من القيادات الفلسطينية مثل مروان البرغوثي أمين سر حركة «فتح» في الضفة وأحمد سعدات وغيرهم. وفور موافقة الدولة العبرية على إطلاق سراح ملوح اتصل عباس بزوجته ليخبرها بالنبأ السار كما استقبل ملوح أمس فور خروجه من السجن وعقد معه اجتماعاً دام أكثر من ساعة ونصف الساعة. ووقف عباس إلى جانب ملوح خلال إلقائه كلمة في الأسرى المحررين وأسرهم كما حرص ملوح في كلمة له أعقبت كلمة الرئيس على إبراز مواقف الجبهة غير المنحازة إلى أي من طرفي الصراع («فتح» و «حماس») فأعلن تضامنه مع زملائه الأسرى الباقين في السجون وعلى رأسهم رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك. وتتمتع «الجبهة الشعبية» بتأييد لافت في رام الله العاصمة الادارية للسلطة وفازت كتلة تزعمتها في انتخابات المجلس البلدي العام الماضي وأقامت كوادرها أمس استقبالاً حافلاً لملوح في قاعة البلدية يستمر ثلاثة أيام.