رغم أن الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف حرص علي اعتقال منافسه المعارض نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني السابق لدي وصوله اسلام أباد وابعاده الي السعودية فوراً الا ان المعركة بينهما لم تنته بعد.. فقد تعهد »شريف« عقب ابعاده بالاطاحة بالديكتاتورية العسكرية التي أطاحت به عام 1999 في اشارة الي »مشرف« كما أكد حسن شريف نجل »نواز« ان والده خاب وظنه بعد نفيه الي السعودية إلا انه مصمم علي العودة الي بلاده في أول فرصة ممكنة. ويري المراقبون ان عودة نواز شريف تمثل اكبر تهديد لحكومة »مشرف« التي تعاني الضعف وتصاعد الضغوط الداخلية ضدها. وانعكس ذلك في حالة الرعب التي سيطرت علي »مشرف« لدي اعلان »شريف« اعتزامه العودة الي باكستان وظهر ذلك بوضوح في الممارسات التي اتخذها والتي تمثلت في وضع كافة المطارات الرئيسية في باكستان في حالة تأهب قصوي رغم ان شريف كان سيصل الي مطار اسلام أباد أو لاهور. كما شنت الشرطة الباكستانية حملة ضد عناصر من حزب الرابطة الاسلامية الذي يتزعمه »شريف« بل ان قادة الحزب اكدوا اعتقال اكثر من »4« آلاف شخص في المناطق المختلفة من باكستان. كما نشرت السلطات الباكستانية المئات من افراد الشرطة حول المطارات لمنع أنصار »شريف« من الاقتراب، وهو الذي أثار احتجاجات شعبية عارمة خاصة بعد نفي رئيس الوزراء الباكستاني السابق. ويخطط مؤيدو »شريف« حالياً لاطلاق حملة ضد نفيه باعتباره انتهاكاً لقرار المحكمة العليا الذي أكد حق »شريف« بالعودة الي باكستان رغم الاتفاق الذي عقده مع »مشرف« عام 2000 وألزمه بالبقاء خارج البلاد لمدة »10 سنوات«. وتزايدت شعبية »شريف« في باكستان مؤخراً باعتباره الرجل الذي لا يمكن مساومته نظراً لمواقفه الحادة من مشرف، وذلك في الوقت الذي تسعي فيه بنظير بوتو رئيسة وزراء باكستان السابقة التي تسعي لاتفاق غير رسمي لتقاسم السلطة مع »مشرف« ويحرص »شريف« علي التأكيد علي رغبته في العودة الي وطنه ليخلصه من المشاكل وانعدام القانون بسبب سياسات الرجل الواحد وليسدد الضربة الأخيرة لما يصفه بالديكتاتورية المتهادية«. ويعتبر المحلل السياسي حسن عسكري أن اللعبة السياسية في باكستان بسيطة جداً، فمشرف يتمسك بالسلطة والمعارضة بقيادة نواز شريف تريد اسقاطه في أسرع وقت. ورغم ان »شريف« يقود المعارضة حالياً في باكستان لانهاء الديكتاتورية الا انه بدأ حياته السياسية عام 1981 في ظل الجنرال ضياء الحق الذي حكم باكستان بقبضة من حديد خلال الفترة من 1997 وحتي 1988. وفاجأ »شريف« الجميع بصعوده السريع في عالم السياسة حيث ترأس حكومةولاية البنجاب في الفترة منذ عام 1988 وحتي 1990 وهي الولاية الأغني والأكثر اكتظاظاً بالسكان وتولي »شريف« الأمانة العامة لحزب الرابطة الاسلامية الباكستانية وهو حزب محمد علي جناح مؤسس باكستان ثم أصبح »شريف« رئيساً للوزراء خلفاً لبوتو. ولم تمض »3« أعوام حتي عادت »بوتو« رئيسة للوزراء في انتخابات اجريت بضغط من الجيش الباكستاني وعاد »شريف« الي السلطة عام ،1997 الا انه في هذه المرة استوعب الدرس جيداً وحرص علي التمسك بالسلطة من خلال محاولاته لفرض نظام استبدادي رغم ان باكستان كانت غارقة في أزمة اقتصادية في ذلك الوقت حاول »شريف« اخضاع الجيش الباكستاني وتمرير قانون يمنع الرئيس من اقالة رئيس الوزراء وعين »شريف« الجنرال برويز مشرف قائداً للقوات المسلحة الا ان العلاقات بينهما تدهورت بسرعة وخشي »شريف« من أن يطيح به هذا العسكري ذو الشخصية القوية وحاول ابعاده تدريجياً، الا ان مناوراته فشلت وتمكن »مشرف« من الاستيلاء علي السلطة في أكتوبر من عام 1999. وواجه »شريف« حكماً بالسجن مدي الحياة بعد ادانته بتهريب اموال والتهرب من الضرائب والخيانة ثم خرج من السجن في ديسمبر من عام 2000 بعد اتفاق مع »مشرف« لنفيه الي السعودية لمدة »10« أعوام. ويري المحللون أن منع »شريف« من العودة الي باكستان قد يؤدي الي اضرابات بينما يمكن ان يؤدي السماح بعودته الي تخفيف حدة التوتر ويخلق مجالاً للحوار بين الحكومة والمعارضة. وظهر ذلك بوضوح في الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها باكستان والتي قد تتصاعد خلال الفترة القادمة. ومن الصعب علي »مشرف« ان يواجه هذه الضغوط خاصة وان الولاياتالمتحدة بدأت تتخلي عنه حيث يواجه »مشرف« انتقادات من الولاياتالمتحدة التي تري انه تخاذل عن قمع مقاتلي حركة طالبان وتنظيم القاعدة في باكستان كما يطالب الاتحاد الأوروبي باعطاء الفرصة ل»شريف« للدفاع عن نفسه امام المحكمة العليا مما يعني ان الضغوط تتصاعد علي »مشرف« علي المستويين المحلي والدولي.