أثار قرار تحويل التأمين الصحي الي شركة قابضة العديد من علامات الاستفهام.. وتساءل الكثيرون من الأطباء والمرضي والمشتركين في التأمين الصحي: هل هذا القرار مقصود به الخصخصة؟ وماهي تأثيراته علي مستوي الخدمة المقدمة وقيمة الاشتراكات المدفوعة والمرتبات والحوافز التي تصرف للأطباء والعاملين في التأمين الصحي؟ وتساءل البعض: ما مصير هيئة التأمين الصحي؟ وهل سينتهي عصر إشراف الدولة علي هذا القطاع الحيوي لتتولاه شركات بدلا من وزارة الصحة؟ الإجابة عن هذه التساؤلات لخصها الدكتور سعيد راتب رئيس هيئة التأمين الصحي بقوله إن الهيئة باقية, وليس المقصود خصخصتها وإنما الهدف هو تحسين الخدمة المقدمة للمنتفعين, ووصف إنشاء الشركة القابضة بأنه إجراء إداري هدفه تقديم خدمة ذات جودة عالية لمنتفعي التأمين الصحي, وإتاحة أسلوب إداري عصري يتسم باللامركزية, ورئيس الجمعية العمومية للشركة القابضة هو وزير الصحة, وملكية الشركة القابضة بالكامل للدولة, وجميع العاملين سواء المعينون أو المؤقتون الذين سيجري نقلهم للشركة القابضة أوضاعهم مؤمنة بنص قرار رئيس مجلس الوزراء, ويؤكد أن ما تم هو جزء من برنامج الحزب الوطني وتمت مناقشته بمؤتمر الحزب لسنة2003 و2004, حيث نص علي ضرورة فصل تمويل وإدارة التأمين الصحي عن تقديم الخدمة بمعني أن هيئة التأمين الصحي ستكون مسئولة عن تلقي الاشتراكات, وتقوم بشراء الخدمة لهم من جميع مقدميها المؤهلين لذلك, وذلك بناء علي معايير جودة معينة, وكفاءة مالية, وأن باب تقديم الخدمة لمنتفعي التأمين الصحي سيكون مفتوحا للمستشفيات الجامعية والمستشفيات الأهلية والخاصة ومستشفيات الشرطة والجيش وغيرها ممن سيلتزم بمعايير الجودة, والسعر التنافسي. ويطمئن رئيس الهيئة المنتفعين من التأمين الصحي بأنه لا زيادة في الاشتراكات وأن جودة الخدمة سوف تتحسن بشكل كبير, وانه سيصبح من حق المستفيدين في القريب العاجل المشاركة في اختيار مقدم الخدمة أما بالنسبة للعاملين, فأوضاعهم الوظيفية مؤمنة بنسبة100% وأغلبهم سوف تتحسن أوضاعهم المالية من خلال الشركة القابضة. ويضيف د. سعيد راتب أن هناك دولا كثيرة لها تجارب في مجال التأمين الصحي, ولكن تختلف كل دولة في طريقة تمويلها لهذه الخدمة, فهناك التمويل بالكامل علي نفقة الدولة كما يحدث في قطر وكوبا, أو أن يتم تمويله من الضرائب العامة مثلما يحدث في إنجلترا, أو أن كل مريض يدفع علي حساب نفسه, وقد يوجد صندوق للتأمينات يحصل الاشتراكات ويصرف علي الخدمة إلي نظام النقابات الخاصة يكون لها تأمين صحي خاص بها, أو وجود تغطية تأمينية لحالات الطوارئ فقط في نفس الوقت الذي يشترك فيه المواطنون في شركات تأمين خاصة. النظام الجديد للتأمين الصحي أما نظامنا الجديد للتأمين الصحي في مصر, فحتي الآن لم يتم وضع نظام معين له, فهو في طور الإعداد وحين يتم الانتهاء منه سيعلن عنه علي الفور وسيكون واضحا فيه كل ما يتعلق بنظام الاشتراكات والقيمة المحددة التي ستكون في متناول الجميع. ويضيف أن مظلة التأمين الصحي تغطي حاليا52% من سكان الجمهورية ونبحث حاليا عن الآليات التي من خلالها نستطيع ضم باقي فئات المجتمع لمظلة التأمين الصحي مثل الفلاحين, وهم غير موجودين في أي نظام تأميني, ويجري حاليا بحث امكانية ضمهم عن طريق بنوك التنمية الزراعية أو بنوك التسليف أو عن طريق الجمعيات الزراعية, أيضا الفئات التي تعمل في الاقتصاد غير المنظم نبحث كيفية ضمهم إلي النظام الجديد. علاقة التأمين الصحي بالقطاع الخاص وعن علاقة التأمين الصحي بالقطاع الخاص بمختلف مستوياته بعد تطبيق النظام الجديد يؤكد أن صندوق ادارة التأمين الصحي سيكون مستعدا لشراء الخدمة من أي منشأة طبية في مصر, سواء حكومية أو قطاع خاص, ولكن بشرطين أساسيين, الأول الالتزام بمعايير تقديم خدمة طبية ذات مستوي محدد من الجودة والثاني الكفاءة الاقتصادية, مع العلم بأننا نشتري الخدمة الصحية لمنتفعي التأمين الصحي الحالي من خارج الهيئة بما يقدر بنحو450 مليون جنيه. وكشف عن أن تجربة فصل التمويل عن الخدمة موجودة منذ أكثر من6 سنوات من خلال صندوق رعاية الأسرة في محافظات المنوفية والاسكندرية وقنا, فجزء منه ممول من الاتحاد الأوروبي, وفيه يتم شراء الخدمة الصحية من عيادات تقدم الرعاية الأولية للمواطنين المؤمن عليهم, والتجربة ناجحة جدا, والمنتفعون بها سعداء وليس لديهم مشاكل. د. رفعت كامل أستاذ جراحة وزراعةالكبد بطب عين شمس: أكد ضرورة الفصل بين الممول والمشرف علي الخدمة الطبية حتي لايحدث تضارب في المصالح ويصف الوضع الراهن بالجمع بين الاشراف والتمويل في جهة واحدة بأنه يعتبر تضحية بالخدمة الطبية, التي نسعي ونطمح للارتقاء بها عما هي عليه الآن. الشركة القابضة ويري أن إنشاء الشركة القابضة حل مناسب لتحسين مستوي الأداء والخدمات.. خاصة أن قاعدة المستفيدين ستتسع لتشمل فئات أخري إضافية, وبذلك تصبح هناك مراعاة للبعد الاجتماعي للمشتركين ومن ثم تتناسب التكلفة مع أوضاعهم, ولتحقيق هذا الهدف لابد من تفعيل وتنشيط الصفة الرقابية لهيئة التأمين الصحي, وتوسيع رقعة مقدمي الخدمة لتشمل المستشفيات الخاصة, والاستثمارية والجامعية والعامة مما يوجد روح التنافس بينهم لتقديم خدمة جيدة بأسعار محددة من التأمين الصحي دون مغالاة. وأضاف أنه وفقا للقرار فسوف يتم توزيع أطباء الأسرة علي وحدات طب الأسرة بالمحافظات وستولي كل طبيب مسئولية ألف عائلة بدخل شهري يزيد علي1500 جنيه.. وهذا النظام معموله في انجلترا التي تملك أقوي منظومات التأمين الصحي في العالم, وقد شاهدت بنفسي مدي نجاح الأداء والنظام القائم عليها نظامها. لذلك أري أننا نسير في الاتجاه الصحيح وصولا لأداء نفتخر به, وخدمة تشمل الغالبية العظمي من الشعب, دون تحمل عبء مادي واضافي. تساؤلات وعلي الرغم من تأكيد الدكتور شريف عمر رئيس لجنة الصحة السابق بمجلس الشعب ورئيس لجنة التعليم والبحث العلمي حاليا أن النوايا حسنة والاهداف طيبة, وأن فصل التمويل عن تقديم الخدمة أمر متميز وتمت المطالبة بتطبيقه كثيرا من1995, وأن تحسين الخدمة بالنسبة للمتعاقدين مع التأمين الصحي أمر ضروري, وأن مظلة التأمين الصحي تمتد إلي أسر المنتفعين وأيضا أرباب المعاشات والأطفال في سن ما قبل المدارس, أمر يعتبر مثاليا, وأن الشركة القابضة الجديدة تستفيد من خبرة أطباء مصر من جميع المؤسسات الصحية الحائزة علي مواصفات الجودة أمر حضاري وأن رفع التعقيدات عن المتعاقدين شيء طيب, ولكن هناك العديد من التساؤلات كان لابد من طرحها علي الوزير لتوضيح كل جوانب النظام الجديد وتعظيم النقاط الايجابية فيه والوقوف علي السلبيات الموجودة به لتعديلها إلي المسار الصحيح والمناسب, ولذلك فكنا نتمني أن يشرك وزير الصحة د. حاتم الجبلي, لجان مجلس الشعب المتخصصة في مناقشة هذا الموضوع الجوهري في حياة المواطن المصري وشرحها بمنتهي الشفافية والوضوح, فكل ما يأمله الأطباء والمنتفعون أن يعم الرخاء الصحي في الفترة القادمة. ويضيف أنه علي رأس هذه التساؤلات حجم المبالغ التي سيلتزم بها المؤمن عليه, وهل هي في امكانية المواطن البسيط والمتوسط, وهل سيتكلف المتعاقد أو المريض دفع جزء من تكلفة العلاج, وماهو حجم هذا الجزء, وعلي سبيل المثال في لبنان يتحمل المريض15% فقط من تكلفة الدواء, وأيضا هناك تساؤل بالنسبة للامراض شديدة الوطأة والأمراض المزمنة مثل السرطان والسل والأمراض النفسية والعقلية, فماهو موقف التأمين منها, وهل تم اعداد كليات الطب حتي تقدم تعليما وتدريبا للممارس العام طبيب الأسرة يتلاءم مع هذه المسئولية الجديدة, وعلي سبيل المثال يوجد في انجلترا نظام تدريبي واضح وشهادات تصل إلي الدكتوراه بالنسبة للممارس العام. وأخيرا يجب تحديد الحزمة الاساسية من الخدمات التي ستقدم بهذا الاشتراك في التأمين الصحي؟