تعكف وزارة الخارجية الإسرائيلية على بلورة ورقة عمل تتناول «المصالح الإسرائيلية الضرورية» في أي تفاوض مستقبلي مع سوريا فيما تشعل المحافل الأمنية الإسرائيلية جذوة الصراع في المنطقة بتجديد التحذير من أن دمشق تزيد من وتيرة التسلح وان الردع النووي الإسرائيلي لن يمنع نشوب حرب تقليدية تقف وراءها إيران. وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن «وزيرة الخارجية تسيبي ليفني تعقد جلسات مكثفة مع طاقم عمل مكون من المسؤولين الكبار في وزارتها للتداول في تداعيات وإسقاطات مفاوضات من هذا النوع مع سوريا». وأوضحت الصحيفة أن «المداولات بشأن مفاوضات محتملة مع سوريا تأتي على خلفية تصريحات مسؤولين سوريين بشأن رغبة دمشق التفاوض مع إسرائيل لاستعادة مرتفعات الجولان، على ضوء توقعات وتقديرات استخبارية إسرائيلية باحتمال تفجر الوضع على الجبهة السورية». ووصف مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية خطوة ليفني بأنها «تقدم في الشأن السوري بعد أن أدركت أن عليها دراسة الموضوع السوري بعمق».
وكجزء من عمل الطاقم طلبت ليفني من «مركز البحوث السياسية في الوزارة استعراضا استخباريا مفصلا حول المواقف التي ستطرحها سوريا في مفاوضات محتملة مع إسرائيل. وطلب من الموظفين الذين شاركوا بالجلسات تناول الاحتمالات والمخاطر التي تتمخض عنها مفاوضات من هذا النوع». وتفيد أهم التقديرات التي عرضت على الوزيرة بأن «سوريا غير جاهزة بعد لحرب مع إسرائيل وأن رغبتها بالمفاوضات جدية».
وقالت مصادر في الوزارة، رفضت الكشف عن هويتها، إن «العمل لا يزال بعيداً عن نهايته وأنه لم يعرض بعد على رئيس الوزراء إيهود اولمرت». وكشفت «هآرتس» عن أن «إسرائيل تأخذ بعين الاعتبار تغييرا محتملا في موقف الولاياتالمتحدة الرافض للتفاوض مع سوريا وذلك غداة لقاء وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس مع نظيرها السوري وليد المعلم حيث اتضح أن هناك تغييرا معينا تجاه سوريا». وعلى النقيض من تطورات إحياء العملية السلمية كررت صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلا عن مصادر عسكرية إسرائيلية، لم تسمها، أن «سوريا تسرع استعداداتها لحرب مع إسرائيل وأن دمشق تقدر بأن إسرائيل تستعد لشن حرب في الصيف المقبل ولذلك غيّر السوريون الجدول الزمني لإجراء مناورات عسكرية كبيرة كانت تتم عادة في أكتوبر ونوفمبر من كل عام». وتابعت الصحيفة أنه «في موازاة ذلك استكملت سوريا اقتناء عشرات منصات الصواريخ المضادة للطائرات من روسيا طراز (اس.ايه 17) مقابل نحو 5,1 مليار دولار وذلك بتمويل إيراني» وأوضحت أن «خطة التدريب التي بدأت تنفذها سوريا تأثرت جدا بنشاط الجيش الإسرائيلي في لبنان وجرى التشديد فيها على استخلاص العبر من القدرات التي أبداها الجيش الإسرائيلي في لبنان». وتشير مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أنه في المناورات التي نفذها السوريون في العام 2007 حتى الآن يجري التشديد أساساً على الصد أي الميل هو دفاعي وذلك تحسبا أيضا لهجوم أميركي على إيران».
وفي ذات السياق أيضا أشار محللون إسرائيليون إلى أن «دراسة فرص السلام مع سوريا تصطدم بتقارير عسكرية إسرائيلية بشأن التسلح السوري». ويقر المسؤولون أن «الردع النووي الإسرائيلي لن يحل المشكلة فالجيش يرى أن المشكلة الآنية ليست بمعركة الصواريخ النووية مع إيران لكن في تنامي فرص نشوب حروب تقليدية استنادا إلى القول إن طهران أبطلت سلاح الردع الاستراتيجي الإسرائيلي».
وأوضحوا أنه «حتى لو امتلكت إيران قنبلة نووية فهدفها الأول سيكون تفادي أي هجوم تقوده الولاياتالمتحدة. كما أن أمامها سنوات قبل أن تصل إلى كفاءة الترسانة الإسرائيلية المتقدمة التي يعتقد أن بها ما يتراوح بين 80 و200 رأس نووية»، وتابعوا أن الخطر الأكبر لا يزال في حروب الوكالة التقليدية مع (حزب الله) و(حماس) وسوريا».