تشهد اسواق المال العالمية الكثير من علامات الركود و القلق بين المستثمرين نتيجة الفوضى التى تعم بعض الأسواق الناشئة نتيجة هبوط عملاتها منذ بداية العام الجديد حيث افتتحت الأسواق الاوربية على بداية سلبية و شهدت الجلسات الصباحية اليوم الجمعة انخفاضا لمعظم المؤشرات الأوروبية لترتد مرة أخرى الى اللون الاحمر حيث سجل مؤشر ستوكس اوربا Stoxx 600 القياسي انخفاضا بنسبة 0.22٪ عند 322.60 نقطة، كما هبط مؤشر فست 100FTSE البريطاني بنسبة 0.23٪ الى 6،525.75 نقطة ، و مؤشر كاك الفرنسي CAC 40 تراجع ايضا بنسبة 0.15٪ إلى 4،174.10 نقطة ،و مؤشر داكس 30 DAX الالماني انخفض بنسبة 0.67٪ الى 9،310.01 نقطة . ياتى هذا بينما لازال الركود يخيم على سوق الاسهم الاسيوية بصفة عامة وأغلقت الأسواق المالية في الصين وهونج كونج و كوريا الجنوبية وتايوان واندونيسيا وسنغافورة وماليزيا والفلبين بسب عطلة السنة القمرية الجديدة ، سجل اليوم مؤشر اسهم نيكى 225 الياباني انخفاضا بنسبة 0.6 % الى 14.914.53 نقطة بينما كانت الحركة ضعيفة فى بقية البورصات مؤكدة حالة الركود العام حيث اضاف مؤشر الهند أقل من 0.1 % و فى تايلاند ارتفع بنسبة 0.4 % و فى استراليا أقل من 0.1% بينما ارتفع مؤشر نيوزيلندا 0.5 % . اما الاسواق الأمريكية فقد ارتفعت بشكل حاد مع اغلاق يوم عمل الخميس حيث هلل المستثمرون للأرباح و استطاعوا تعويض خسائر الاربعاء نتيجة تاكيد البيانات القوية التي أظهرت أن الاقتصاد الامريكي نما بمعدل سنوي 3.2 في المئة في الربع الرابع وقد ارتفع مؤشر ستاندر اند بورز S & P 500 1.1 % بما يوازى 19.99 نقطة ليغلق عند 1.794.19 نقطة ، وقفز مؤشر ناسداك المركب 71.69 نقطة، أو 1.8 % يغلق عند 4.123.13 نقطة ، كما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 109.82 نقطة أو 0.7 في المئة مسجلا 15.848.61 نقطة . و لكن تظل مسالة هبوط أسعار عملات الأسواق الناشئة هى ابرز معالم الاضطراب فى الاقتصاد العالمى ، حيث اصاب هبوط العملات هناك هلع و مخاوف المستثمرين على الرغم من تاكيد صندوق النقد الدولي ان وجود تراجع فى اسعار عملة بعض الدول مثل الأرجنتينوتركياوالهند ، ما هو الا تضافر مجموعة عوامل خاصة بكل بلد و ليست سمة مشتركة . وقال خوسيه فينالز مدير ادارة الأسواق ورؤوس الاموال المالية في " ان التوتر الأخير في الإقتصادات الناشئة 'لا تفسير مشترك له خلافا لما حدث من هبوط في ربيع 2013.. وتابع القول ان "الأوضاع المالية المتوترة تعود إلى نقاط ضعف أساسية في الدول الناشئة وتأتي لتُذَكِر بضرورة مواصلة العمل للتكيف مع شروط التمويل الخارجية الأكثر تقلبا وتعويضات المخاطر الأكثر إرتفاعا التي تطلبها الأسواق". و لكن الخبراء ايضا يؤكدون ان ما حدث هو نتيجة حتمية لاختفاء ما اطلقوا عليه " المال السهل " فى اشارة للاموال التى كان يضخها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الولاياتالمتحدة فى اطار البرنامج التحفيزى الذى اطلقه مع الأزمة المالية عام 2008 كوسيلة لمساندة الأسواق بتوفيرعرض كبير من السيولة حيث تم اغراق الأسواق باموال نقدية ذات معدلات فائدة أقل لتشجيع الشركات الامريكية والمستهلكين على الاقتراض والإنفاق . و مع بدء مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى ديسمبر الماضى باتخاذ الاجراءات للانهاء التدريجى للبرنامج التحفيزى مع ظهور مؤشرات على بعض التحسن فى الاقتصاد الامريكى ، تسبب هذا فى احداث بلبلة فى اسواق عملات الاسواق الناشئة حيث استبق المستثمرون إستبقوا اجراءات تشديد السياسة النقدية الأمريكية وأعادوا أموالهم فجأة إلى الولاياتالمتحدة مما ادى إلى تراجع التمويل العام والخاص في بعض البلدان من بينها تركيا والبرازيل ، و ادى الىوجود مشكلة سيولة فى الدولار و ارتفاعه امام العملات المحلية و تحققه اسعارا قياسية. وخفض مجلس الاحتياط الفيدرالى الامريكى امس من قيمة برنامج التحفيز الشهرى بنحو 10 مليارات دولار و يقلص مشترواته الشهرية من السندات و الاسهم للمرة الثانية لتصل الى 65 مليار دولار شهريا وهو الامر الذى يصفه المحللون بان تاثيره على الاسواق الناشئة سرى كالرصاصة و ادى لمزيد من الانهيار فى سوق عملات هذه الدول ، حيث تحمل "فورنت " المجرى وطأة ضغوط البيع في وقت مبكر اليوم ، ليحاكى مستوى انخفاضات الاسعار فى الليرة التركية والراند الجنوب إفريقي في اوائل الأسبوع ولكن "الفورنت " نجح بالتعافى من خسائره المبكرة مقابل اليورو نتيجة وجود احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي مما اعطى مجالا اكبر للبنك المركزى المجرى لدفع العملة للصعود و الصحوة ، اكثر من الفرصة التى كانت متاحة امام البنوك المركزية فى العديد من الدول ذات الأسواق الناشئة. ويرى بعض المحللين ان ضعف العملة واسع النطاق في الأسواق الناشئة امر مبالغ فيها حيث يقول جورج ايوانيكى George Iwanicki الخبير الاستراتيجي بالأسواق العالمية الناشئة في جيه بي مورجان لإدارة الأصول " يبدو ان الأسواق فى ذروة البيع ، وهو امر مؤلم و لكنه قد يكون على المدى القصير، وهو في الواقع إيجابي للغاية ، فمن خلال تسويات العملة تصبح الأسواق الناشئة أكثر قدرة على المنافسة" . ومنذ منتصف 2013 سجلت الليرة التركية تراجعا بنسبة تتجاوز الثلاثين في المئة مقابل الدولار ، و هذا الاسبوع نجحت الليرة التركية فى عبور أدنى مستوياتها في وقت سابق لتعزز قيمتها بنسبة 0.8٪ لتصل إلى 224.34 ليرة مقابل الدولار. لكن وعلى الرغم من الانتعاش، فإنها لا تزال في مستوى تداول مماثل إلى حيث كانت قبل رفع أسعار فائدة البنك المركزي التركي. بينما أضاف الراند الجنوب افريقي 1.6٪ من قيمته مقابل الدولار، بعد أن تم تداوله في وقت سابق بالقرب من أدنى مستوياته في خمس سنوات..كذلك الروبل الروسي، الذي وصل إلى أدنى مستوياته في خمس سنوات في وقت سابق اليوم الخميس انتعش بنسبة 0.5٪ مقابل الدولار حيث حصلت العملة على دعما اضافيا نتيجة تصريح رئيس البنك المركزي الروسي بانه لا توجد خطط لوقف التدخلات فى النقد الأجنبي بعد عام 2014. ويقول صندوق النقد الدولى ان المصارف المركزية في الاسواق الناشئة بات عليها بذل جهود أكبر وبسرعة لمكافحة التضخم الذي يثير نفور المستثمرين عبر إضعاف قيمة موجوداتهم و استثماراتهم ، وبعث الثقة للمستثمرين الدوليين.