نقلا عن الاهرام 16/7/07 المستندات الرسمية كشهادة الميلاد أو بطاقة الهوية نعرفها جميعا.. إلا هؤلاء! هل تصدق أن عددهم يتجاوز7 ملايين مواطن غير مقيدين في الجهات الرسمية كمكاتب الصحة أو السجل المدني؟! المشكلة هذه المرة ليست أطفال شوارع نخشي عليهم أن يقعوا ضحية توربيني آخر يهتك أعراضهم ويقتلهم بلا رحمة, ولا يجدون من يسأل عن مصيرهم.. لكن الكارثة هذه المرة هي أبناء يعيشون وسط أسرهم الذين جنوا عليهم وجعلوهم ضحايا للزواج المبكر والتهرب من التجنيد بل وحتي تسميتهم بأسماء يخجلون من مجرد ذكرها في الأوراق الرسمية! الكارثة كشفتها بالأرقام منظمة بلان مصر في مؤتمر قومي جعلت شعاره.. شهادة ميلادي هي إثبات وجودي.. وفجرت فيه كيف تنكر هذه الأسر وجود أبنائها الذين لا تعرف عنهم السجلات الرسمية شيئا بالرغم من أننا نعيش في الألفية الثالثة.. المأساة يرويها بعض الضحايا الذين يكتشفون أن تصحيح الوضع يستلزم اتباع إجراءات معقدة تشمل12 خطوة يعجز معظمهم عن القيام بها, ومنهم إبراهيم الذي يروي مأساته قائلا: في أثناء حمل أمي بي تعرض أبي الذي يعمل كهربائي سيارات لمشكلات مع الضرائب وقضايا مما أفقده بطاقته العائلية وخوفا من الضرائب لم يستخرج بطاقة أخري بل هرب وتركنا مع أمي التي لا توجد لديها أي أوراق رسمية لتستطيع استخراج شهادة ميلاد لي.. ووجدت كل رفقائي لديهم بطاقات شخصية فقررت استخراجها وفوجئت بأنهم يطلبون مني مستندات كثيرة ومع ذلك وبعد مرور عامين من بدء التقدم بطلب استخراج شهادة ميلاد لم أستطع الحصول عليها. إلي هنا وقصة إبراهيم لم تحل ولم تنته ولكنها تفتح الباب أمامنا لدخول عالم الإجراءات المعقدة لاستخراج الأوراق الرسمية التي ما هي إلا12 خطوة فقط!! رحلة الألف ميل تبدأ الإجراءات بتقديم( نموذج40) الذي يعد طلبا للحصول علي صورة قيد, وبالتالي هذا الطلب يكون مصاحبا لكل خطوة بالسجل المدني وبه تدون البيانات اللازمة لمركز المعلومات للتأكد من وجوده أو عدمه في السجل المدني ثم يدون الموظف المختص ب(نموذج40) أن المتقدم غير مدرج وبهذا يبدأ في إجراءات استخراج شهادة ساقط قيد فيقدم الطالب( نموذج40) مرفقا به صورة قيد عائلي( نموذج17), ثم يقدم( نموذج17) للوحدة واعتماده من السجل المدني مرفقا ب(نموذج40) المدون به أن صاحب الطلب غير مدرج بالإضافة إلي استمارة طلب قيد ميلاد ساقط قيد( نموذج26) وصورة فوتوغرافية حديثة وشهادة ميلاد أحد الأخوة الأشقاء, وفي حالة وجود خطأ باسم الأخ فتمر شهادة الأخ بإجراءات تصحيح الاسم من...,...,... إلخ. ثم يقدم ولي الأمر الأوراق للوحدة الصحية حيث تقوم بختم استمارة ساقط القيد والصورة الفوتوغرافية وإرفاقها مع الأوراق بطلب موجه للشرطة بعد ذلك يتقدم ولي الأمر بنفسه بالأوراق والخطاب المرسل من الوحدة الصحية لقسم الشرطة حيث تقوم بعمل محضر مخالفة عن عدم التبليغ ليحصل ولي الأمر علي رقم صادر للمحضر بعد مرور فترة التحري عن ساقط القيد ويدون ذلك الرقم علي( نموذج26). ثم يعود المتقدم للوحدة الصحية بالأوراق مضافا إليها صورة ورقم محضر الشرطة. وبعد هذه الخطوة تقوم الوحدة الصحية بصياغة طلب موجه للمركز الطبي لعرض ساقط القيد علي لجنة التنسيق وأن يقوم بملء البند(3) من استمارة ساقط قيد نموذج(26). ويتم عرض ساقط القيد مصحوبا بالأوراق علي لجنة التسنين بشرط أن يصحبه ولي الأمر لتتولي لجنة التسنين إعادة إرسال الأوراق للوحدة الصحية. وترسل الوحدة الصحية الأوراق للسجل المدني مع تسليم ولي الأمر إيصال استلام الأوراق, ثم يحول السجل المدني الأوراق إلي مصلحة الأحوال المدنية حيث قرار لجنة الأحوال المدنية لتعود الأوراق مرة أخري للسجل المدني ثم تعود للوحدة الصحية, وتقوم الوحدة الصحية بإخطار ولي الأمر بالموافقة, ثم يتقدم طالب الشهادة للسجل المدني بالأوراق المختومة الموثقة مع استمارة طلب جديد( نموذج40) وشهادة ساقط قيد. وأخيرا يتم إخطار الوحدة الصحية بالموافقة علي تسجيل ساقط القيد حيث يدون في دفتر المواليد للعام الحالي بتاريخ الميلاد الذي أقرته لجنة التسنين. وعموما هذه الرحلة تستغرق فقط3 سنوات. أهم الأسباب وفي تحليله لأهم الأسباب الرئيسية وراء هذه الظاهرة يؤكد الدكتور أيمن هاشم المستشار الطبي لمنظمة بلان مصر أن الدراسات الاجتماعية والمسحية التي قمنا بها في العديد من المحافظات أوضحت مجموعة من العوامل المهمة: أولها: أن الفترة القانونية لتسجيل المواليد والحصول علي شهادة ميلاد مجانية هي15 يوما بعد الولادة فقط. وبعدها تفرض غرامة بالإضافة للإجراءات المعقدة في استخراج شهادة لساقطي القيد مع عدم كفاءة الموظفين المختصين بالتعامل مع أوراق المواليد غير المسجلين وتعقيدهم الإجراءات أمام الأهالي مما يدفعهم لليأس وإهمال المشكلة برمتها خاصة مع عدم وجود الوعي بأهمية استخراج شهادات الميلاد خاصة لسكان المناطق النائية والعشوائية والمحافظات البعيدة حيث ترتفع النسب المئوية لساقطي القيد في القري النائية داخل مراكزها والمتاخمة للصحراء حيث تتناقص الخدمات والوعي ويتناقص أيضا دور الاجتماعيين والقادة المحليين مما يوجد حالة اجتماعية من عدم أهمية استخراج شهادات ميلاد أو أوراق رسمية لأن العادة جرت في تلك المناطق الحدودية علي التعامل بلغة العرف وليس القانون. ويضيف الدكتور أيمن هاشم أن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية لأن انتشار الفقر والأمية والجهل تجعل الأسر لا ترغب في استخراج شهادة لساقطي القيد نتيجة معتقدات خاطئة. ولابد من الوضع في الاعتبار أن هناك ظواهر اجتماعية فرضت علينا الكثير من السلبيات في مقدمتها الزواج العرفي والخلاف الذي يحدث بين الوالدين لعدم تسجيل الطفل, والكلام للدكتور عامر الخولي وكيل وزارة الصحة الذي أكد أن الوزارة ستقوم بعمل مشروع قومي تحت رعاية مجلس الوزراء لتسجيل جميع المواليد عن طريق ملف لكل أسرة مميكن وذلك بالتعاون مع وزيرة الدولة للتنمية الإدارية ووزارة الداخلية. أين التسهيلات؟ في النهاية طالبت السفيرة مشيرة خطاب الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة بأهمية تسهيل إجراءات استخراج شهادات الميلاد خاصة لأهالي المناطق الفقيرة لعدم وعيهم بأهمية استخراج أوراق رسمية لأطفالهم دون إدراك بأن حرمان الطفل من هذه الشهادة هو حرمانه من الهوية والوجود القانوني له, وستبدأ التجرية الفعلية للمشروع في أول أكتوبر المقبل. ظاهرة عالمية رغم كل ما يعانيه ساقطو القيد من مشكلات إلا أنها ليست ظاهرة خاصة بالمجتمع المصري فقط بل إنها مشكلة عالمية, ومن هذا المنطلق قامت منظمة بلان مصر كما يؤكد أمير أبو ريدة المدير القطري بالإنابة ببعض الخطوات للإسهام منها في حل هذه المشكلة منها عقد ندوات في الريف والمناطق الحدودية لرفع الوعي بين الآباء, مخاطبة رجال الدين الإسلامي والمسيحي للتوعية بأخطار عدم تسجيل المواليد.