تحولت جامعة القاهرة إلى نيابة عامة تصدر أحكاماً ثم تشكل لجنة للتحقيق فى واقعة طالب الهندسة المغفور له بإذن الله محمد رضا، فقد أعلن د.جابر جاد نصار أن الشرطة قتلته داخل الجامعة وكان التصريح مقدمة لذهابه إلى المشاركة فى مسيرة الطلاب وكأنه «عربون» لكن حدث العكس وطرده المتظاهرون. وكانت الواقعة والتصريحات فرصة لطلاب الإخوان لإشعال الجامعات ثم خرج د.محمود كبيش عميد كلية الحقوق بالجامعة ينتقد نسب تصريحات «نصار» إلى مجلس الجامعة الذى لم ينعقد وقتها، لكن الأغرب أن مجلس الجامعة قرر بعد انعقاده تشكيل لجنة للتحقيق يتم خلالها الاستماع لشهادات أساتذة الجامعة والطلاب ممن حضروا الواقعة. وبعيداً عن معركة التصريحات بين د.حسام عيسى وزير التعليم ود. جابر جاد نصار فإن الطب الشرعى قرر أن المقذوف الذى أدى إلى وفاة «رضا» ليس من النوع الذى تستخدمه وزارة الداخلية وأكدت النيابة العامة الكلام ذاته.. وبالتالى كان الأجدى أن تكون النيابة العامة هى المنوط بها مثل هذه الأمور وأيضاً ساحات المحاكم، أما القفز فوق كل القواعد المتعارف عليها من أجل مكسب شعبى فهى ظاهرة ستؤدى إلى انهيار البلد ومؤسساته وستسهم بشكل كبير فى إضعاف ثقة المصريين بأجهزة الدولة، وعلى رأسها القضاء والنيابة العامة، خاصة أن الأخيرة محامى الشعب.. وإذا كانت مثل هذه التصرفات تصدر من شباب صغير أو تيارات سياسية غير واعية فيمكن معالجتها، أما أن تصدر من أساتذة جامعة القاهرة أعرق جامعة فى مصر، فالمصيبة أخطر. لا أعرف كيف ستفتح جامعة القاهرة تحقيقاً فى الواقعة؟ وماذا لو جاء متناقضاً مع تقرير النيابة العامة؟ وما هى الوضعية القانونية لهذه اللجنة؟ ومن ستطبق قراراتها.. النيابة العامة أم لجنة الجامعة؟ ومدى تأثير التقارير على الرأى العام؟.. أسئلة كثيرة تؤكد أن المسئولين فى مصر يفتقدون البوصلة.. وأن مداعبة الجماهير، حتى ولو بأخبار غير صحيحة، أصبحت ظاهرة حتى لو على جثة الوطن. من حق أسرة محمد رضا أن تعرف من القاتل، بل هو حق لكل مصرى يعيش على تراب هذا البلد، لكن وفقاً للقنوات المتعارف عليها. ومن يشك فى أى إجراء خاطئ فليطعن عليه طبقاً للقانون، أما تحويل كل القضايا إلى آراء واجتهادات فهو أمر غير مقبول فى دولة تحاول استعادة مكانتها واحترام الناس للدستور والقانون. تعنت د.حسام عيسى فى عودة الحرس الجامعى يخلق كل يوم مشاكل جديدة.. وتصريحات د.جابر جاد نصار كارثة.. وقرار جامعة القاهرة بتشكيل لجنة تحقيق يؤكد غياب القانون، فالجامعة قررت إنشاء «نيابة عامة» بداخلها. بعيداً عن القانون، لكن الأهم أن كل هذه التجاوزات تؤكد أن البلد مافيهاش كبير!! نقلا عن صحيفة الوطن