ناقشت اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا البدائل المطروحة حول انتخابات الرئاسة الجديدة التى ستجرى من خلال البرلمان عقب الانتخابات البرلمانية فى 22 يوليو الجارى، وتناولت اللجنة التى عقدت برئاسة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان العديد من البدائل خاصة أسماء المرشحين من خارج البرلمان فى ضوء إعلان أردوغان أن حزبه سيسعى لتحقيق التوافق والتواصل إلى حل وسط مع أحزاب المعارضة بشأن اسم المرشح للرئاسة، وقد أكد أردوغان أمس تمسك الحزب باختيار اسم المرشح من بين نواب البرلمان الجديد وتطرق إلى الموقف الذى أعلنه رئيس حزب الشعب الجمهورى " دينز بايكال " والذى طالب باختيار المرشح للرئاسة من خارج البرلمان حتى يكون شخصية محايدة لا علاقة لها بأى حزب سياسى، وركز حزب العدالة على الأزمة التى يمكن أن يواجهها البرلمان الجديد فى انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالى حل البرلمان والتوجه إلى انتخابات مبكرة مجدداً. وتؤكد الأوساط السياسية فى تركيا أن حزب العدالة والتنمية لا يمكنه فى المرحلة المقبلة أن يفعل كما فعل فى الانتخابات السابقة فى أبريل الماضى عندما رفض التشاور مع الأحزاب الأخرى، مما أدى إلى فشل البرلمان فى انتخاب وزير الخارجية عبد الله جول رئيساً للجمهورية، ولذلك بات مُضطراً للاتفاق مع حزبى الشعب الجمهورى والحركة القومية لاختيار اسم الرئيس القادم للجمهورية، وبدا المحللون السياسيون فى تداول أسماء المرشحين من خارج البرلمان يحظى غالبيتهم بقبول حزب العدالة والتنمية، فى مقدمتهم رئيس هيئة أركان الجيش السابق "الجنرال حلمى أوزوكوك" المتمسك بقوة بالديمقراطية ورئيس البرلمان الأسبق "حكمت شتين"، والذى رشحته حكومة العدالة والتنمية لمنصب الممثل المدنى لحلف الناتو وتولى المنصب خلال حكمها، وهو وزير خارجية أسبق وعضو بحزب الشعب الجمهورى المعارض إضافة إلى رئيس المحكمة الدستورية السابقة " تولاى توغجو" . وقد انتقد رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان زعيم حزب الشعب الجمهورى " دينز بايكال " واتهمه بالسعى إلى وضع عراقيل وشروط جديدة أمام التفاهم والتوصل على تسوية بشأن انتخاب رئيس الجمهورية القادم مقابل الدعوة التى وجهها لتفاهم الأحزاب عند اختيار مرشح الرئاسة، وأشار أردوغان أن بايكال لا يزال يضع شروطاً جديدة أمامهم فى موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية من قبل البرلمان القادم الذى سيتشكل بعد انتخابات 22 يوليو الجارى . وأكد وزير الخارجية التركى عبد الله جول أن الشعب التركى يرفض ما حدث فى انتخابات الرئاسة فى أبريل الماضى، مُشيراَ أن تدافع المواطنين الأتراك بالآلاف لحضور المؤتمرات الشعبية لحزب العدالة والتنمية هو أكبر دليل على أن الشعب التركى لا يقر ولا يحترم ما حدث فى انتخابات الرئاسة، ويعتبر مقاطعة المعارضة للتصويت فى البرلمان إلى جانب قيام حزب الشعب الجمهورى بنقل الموضوع إلى المحكمة الدستورية عملاً ضد الديمقراطية، مُضيفاً أن الإرادة الوطنية لم توضع فى الاعتبار من جانب الذين يخافون مواجهة الشعب، مؤكداً أن إرادة الشعب هى الديمقراطية الحقيقية وأن حزب العدالة يؤمن بذلك . ومن جانبه أكد رئيس حزب الشعب الجمهورى التركى المعارض " دينز بيكال " أن حزبه لو كان يمتلك 360 مقعداً فى البرلمان لكان قد انتخب رئيس الجمهورية بنجاح، ولما كانت هناك أزمة كالتى تعيشها تركيا الآن، مُشيراً أن حزب العدالة والتنمية الحاكم فشل فى انتخاب مرشحه وزير الخارجية عبد الله جول فى انتخابات الرئاسة التى جرت فى أبريل الماضى على الرغم من أغلبيته فى البرلمان بسبب موقف رئيسه رجب طيب أردوغان ورفضه التوصل إلى حل وسط مع الأحزاب الأخرى . ومن ناحية أخرى كشف استطلاع للرأى نشرته صحيفة وطن التركية أمس عن أن غالبية ساحقة من الأتراك يؤيدون دعوة الحكومة إلى انتخاب رئيس للبلاد من خلال اقتراع عام وليس من خلال البرلمان، وكانت المحكمة الدستورية التركية قد رفضت فى وقت سابق هذا الشهر طعن حزب المعارضة الرئيسى والرئيس أحمد نجدت سيزر فى مجموعة بنود الإصلاح التى تؤيدها الحكومة والتى ستسمح للناخبين باختيار رئيس البلاد مستقبلاً، غير أن الناخبين الأتراك قد لا تتاح لهم الفرصة لانتخاب الرئيس مباشرة قبل عام 2014 حيث من المقرر أن يختار البرلمان خليفة سيزر هذا الخريف لولاية مدتها سبع سنوات وطالب أردوغان بأن يكون خليفة سيزر من البرلمان الجديد رافضاً دعوة زعيم حزب المعارضة الرئيس " دينز بايكال " إلى اتفاق الأحزاب على مرشح من خارج البرلمان . وكانت تركيا قد دخلت فى أزمة سياسية فى شهر أبريل الماضى، وذلك بعد فشل عبد الله جول وزير الخارجية فى الحصول على أصوات كافية لانتخابه رئيساً للبلاد فى أول جولة اقتراع فى البرلمان التركى، وذلك بعد حصوله على 357 صوتاً بما يقل عن العدد المطلوب، وهو 367 تمثل ثلثى أعضاء البرلمان البالغ عددهم 550 عضواً، مع العلم بأن حزبه وهو حزب العدالة والتنمية الإسلامى يمتلك 354 صوتاً فقط . ويرى المراقبون أن حزب " الشعب الجمهورى " حزب المعارضة الرئيسى يتحمل المسئولية عن الأزمة السياسية التركية، وذلك بعد مُصادقة المحكمة الدستورية على الطعن المقدم لها من الحزب حول انتخابات الجولة الأولى لأن معنى ذلك أن يصمت السياسيون ويتحدث القضاة فى شأن يخص البرلمان، كما أن نقل موضوع الانتخابات إلى المحكمة الدستورية جاء بمثابة ضربة مُوجعة للديمقراطية فى تركيا ولإرادة البرلمان التركى . وكان رئيس هيئة الأركان التركية قد أشار فى تصريحات سابقة إنه لا يتدخل فى انتخابات الرئاسة وأن أعضاء البرلمان هم أصحاب الحق فى انتخاب الرئيس التركى القادم، إلا أنه طالب فى نفس الوقت الرئيس المنتخب باحترام مبادئ العلمانية فى تركيا، ومن المعروف أن منصب رئس الجمهورية فى تركيا شرفى فى المقام الأول وهو أقل أهمية من رئاسة الوزراء، غير أن أول من تولى رئاسة الجمهورية هو مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديث ومؤسس العلمانية مما يجعل لهذا المنصب أهمية كبيرة بالنسبة للأتراك . 12/7/2007