شدد الرئيس حسني مبارك علي وحدة الأمن القومي العربي في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة حاليا وتتمثل في مخاطر الإرهاب وانتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل, وأكد الرئيس في كلمته إلي القمة العربية صباح أمس أن العالم لن يكسب معركته مع الإرهاب دون التعامل مع جذوره ومسبباته, ودعا مبارك دول العالم إلي التعامل النزيه في جهود منع الانتشار النووي بجهود موازية لنزع السلاح النووي, محذرا من دخول المنطقة في سباق للتسلح لا يفيد أحدا, وتمتد تداعياته إلي الشرق الأوسط والعالم كله. وعبر الرئيس عن أمله في دعم الوفاق الفلسطيني بما يستكمل تنفيذ اتفاق مكةالمكرمة, كما دعا إلي الحفاظ علي وحدة العراق, وإرساء مبدأ المواطنة بعيدا عن الطائفية والمذهبية ومحاولات التهميش. وفيما يلي نص الكلمة: جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين أصحاب الجلالة والسمو والفخامة.. تنعقد هذه القمة المهمة والعالم العربي في مفترق طرق, وسط تطورات بالغة الدقة علي المستويين الإقليمي والدولي, وفي مواجهة أزمات وتحديات خطيرة.. ما بين جمود عملية السلام, والوضع في العراق, والأزمة السياسية في لبنان, وتصاعد المواجهة الدولية مع إيران, فضلا عن الأوضاع في كل من دارفور والصومال. تحتم المرحلة الراهنة أكثر من أي وقت مضي تدعيم العمل العربي المشترك وتعزيز آلياته. إننا نواجه تحديات مشتركة, واقتناعنا راسخ بوحدة الهدف والمصير.. وإن ما اتفقنا عليه في مشاوراتنا بالأمس.. يقطع بنا شوطا مهما علي هذا الطريق, كي نخطو بالعمل العربي المشترك خطوات جديدة إلي الأمام.. دفاعا عن هويتنا, ومصالح وقضايا أمتنا. الأخوة الأعزاء.. يظل الأمن القومي العربي شاغلنا الشاغل, ونحن علي يقين بأنه كل متكامل لا يتجزأ, تترابط أبعاده وحلقاته ما بين أمن الخليج والبحر الأحمر والأمن المتوسطي.. تتصل دوائره من مشرق العالم العربي إلي مغربه, وتتجاوز انعكاساته الشرق الأوسط إلي أوروبا والعالم. تتمثل الانعكاسات الدولية للأمن القومي العربي في قضايا عديدة, وتتضح تداعياته علي وجه الخصوص في تعامل المجتمع الدولي مع مخاطر الإرهاب وانتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل. لن يكسب العالم معركته مع الإرهاب دون التعامل الجاد مع جذوره ومسبباته, ودون تسويات عادلة لقضايا عالقة, تغذي مشاعر الغضب والإحباط في منطقتنا وخارجها, وتمد الإرهاب بالحجج والذرائع. لن يستطيع العالم أن يحافظ علي نظام منع الانتشار النووي دون التعامل دون تسييس أو انتقائية أو ازدواج في المعايير مع هذا الخطر الداهم.. تعامل نزيه يقرن جهود منع الانتشار بجهود موازية لنزع السلاح النووي.. يقرن الدعوة للامتثال لأحكام معاهدة منع الانتشار.. بدعوة مماثلة لاستكمال عالمية الانضمام لها.. ويقرن النداء لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي بتحرك عاجل وملموس لتحقيق هذا الهدف. إن منطقة الشرق الأوسط في حاجة للسلام والأمن والاستقرار, لا للسلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل.. وما لم تتحرك القوي الدولية بموقف جاد ونزيه ندعو إليه منذ سنوات طويلة.. فإن المنطقة سوف تشهد سباقا للتسلح لا تحتاج إليه.. ونحذر من تداعياته علي الشرق الأوسط والعالم. الأخوة الأعزاء.. إننا نتطلع بثقة وأمل لإنهاء ما تشهده منطقتنا من أزمات, ولتفادي نشوء بؤر توتر وصراعات جديدة. نتطلع إلي وفاق فلسطيني, يستكمل تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مكةالمكرمة, يفتح الطريق أمام التهدئة ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني, ويهيئ الأجواء المواتية لاستئناف عملية السلام, وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. إن العراق الشقيق في أعيننا وقلوبنا, ونتطلع إلي تحقيق الوفاق بين أبنائه والحفاظ علي وحدتهم ووحدة أراضيهم.. نتطلع إلي عراق يتصدي للميليشيات ولدعاوي التقسيم تحت أي مبرر أو مسميات.. يرسي مفهوم المواطنة بعيدا عن الطائفية والمذهبية ومحاولات التهميش.. ويرسخ هذا المفهوم لدي أبناء العراق الواحد في كل محاور العملية السياسية الجارية.. في دستورهم وحكومتهم ومؤسساتهم وتوزيع ثرواتهم.. يستعيد الاستقرار ويمضي في إعادة الإعمار. نتطلع لانحسار نذر مواجهة خطيرة بين إيران والغرب.. تدفع المنطقة برمتها لحافة الهاوية.. ونتطلع لانحسار مماثل لمخاطر جديدة.. تستهدف العالم العربي والإسلامي بمحاولات الوقيعة بين السنة والشيعة, مخاطر لم نعهدها من قبل.. تطل علينا اليوم لتضرب استقرار المنطقة ودولها, وتتحدي جهودنا للتقريب بين المذاهب ولمناهضة نوازع الانقسام والطائفية. أثق أنكم تشاركونني التطلع إلي كل ذلك, وإلي إنهاء الأزمات السياسية والتوتر في لبنان الشقيق ودارفور والصومال.. كما أثق أننا بتضامننا وعملنا العربي المشترك, قادرون علي تحقيق هذه التطلعات وغيرها. أدعو الله أن يوفقنا جميعا لما فيه خير أمتنا وشعوبنا.. إنه نعم المولي ونعم النصير. أشكركم... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته