تأتي زيارة وزير خارجية فرنسا لمصر برنار كوشنير أمس الأحد تمهيدا للزيارة التي يقوم بها الرئيس مبارك لفرنسا في مطلع شهر أغسطس والتي تكتسب أهمية بالغة في ضوء التطورات الاقليمية التي تشهدها المنطقة وفي ضوء ترويج فرنسا لمبادرة الرئيس ساركوزي الخاصة بالاتحاد المتوسطي ورغبة البلدين في تطور العلاقات السياسية والحفاظ علي نموها وتطورها الإيجابي في عهد الرئيس السابق جاك شيراك. وسوف تتناول المحادثات السياسية المصرية الفرنسية التي سوف تعقد في مصر خلال زيارة كوشنير في فرنسا خلال زيارة الرئيس مبارك القادمة أسس وأساليب معالجة قضية الشرق الأوسط والتوصل الي حل للمشكلة الفلسطينية وتطورات الأوضاع في العراق ولبنان والحفاظ علي إيقاع العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية الي جانب تبادل الرأي حول مشروع الاتحاد المتوسطي والدور الذي يمكن ان تلعبه مصر في اطاره كإحدي الدول المؤثرة في منطقة المتوسط ومدي استجابتها له.. ويعتبر لقاء مبارك ساركوزي المرتقب هو اللقاء الثالث بين الرئيس مبارك ورئيس فرنسا الجديد والذي سوف يتيح فرصة أكبر للتعارف علي معالم فرنسا المستقبل ورؤية ساركوزي إزاء علاقات فرنسا الخارجية وان كانت ملامحها الأساسية قد تحددت الي حد ما, فوفقا للمراقبين فإن ساركوزي يتبني سياسة اطلسية ويحافظ علي مكانة فرنسا الاوروبية علي المستوي الاقتصادي ويقف ضد ضم تركيا الي الاتحاد الأوروبي حتي لا تصبح أوروبا علي حد قوله عند حدود إيران والعراق. وساركوزي مهتم بشعوب حوض المتوسط ولا ننسي قوله بان المستقبل يقع هناك وانه لابد من تجاوز الكراهية وضمان انتصار حلم الحضارة وحان الوقت أمامنا لبناء وحدة متوسطية تكون رباطا بين افريقيا وأوروبا. وسوف تكشف المحادثات الفرنسية المصرية القادمة عن آخر ماتوصلت إليه الدبلوماسية الفرنسية إزاء مشروع الاتحاد المتوسطي الذي يحتاج الي مزيد من البلورة الي جانب المواقف الفرنسية إزاء الملف الفلسطيني والملف العراقي وأزمة دارفور والأوضاع في منطقتنا المحتدمة . وجدير بالذكر ان مشروع ساركوزي يتوجه الي جميع الدول المتوسطية الشريكة للاتحاد الاوروبي ويعرض عليها اربعة محاور رئيسية كانت قد حددتها قبل ذلك إدارة شيراك السابقة وبالتحديد رئيس الوزراء السابق دوفيلبان في مجال تعزيز مكانة اللغة الفرنسية وتطوير الشراكة في مجال التعليم والبحث العلمي وإرساء تعاون متطور في قطاع الاعلام السمعي والبصري وتعزيز العلاقات بين المنظمات الأهلية كما يعتبر ساركوزي ان مشروع الاتحاد المتوسطي هو المحطة الطبيعية المكملة للبناء الأوروبي الموسع. ويري المراقبون ان المشروع المتوسطي له خلفية مختلفة تماما عن مشاريع طرحت في صغ متباينة في السنوات الأخيرة كان أبرزها المسار الاورو المتوسطي الذي اشتهر بمسار برشلونة وارتبط بخلفية مفاوضات التسوية السلمية للنزاع في الشرق الأوسط وانهار بسبب توقف التسوية.. مثلما انهار أيضا مشروع الشراكة الشرق اوسطية الذي كانت قد طرحته الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومشروع ساركوزي المتعلق بالاتحاد المتوسطي يحكمه ثلاثة محاور أولها ملف الهجرة الي أوروبا الذي كان أحد عناصر برنامج ساركوزي خلال الحملة الرئاسية الأخيرة وثانيها عقدة الانضمام التركي للاتحاد الأوروبي الذي يرفضه ساركوزي بحجة عدم انتماء تركيا جغرافيا وحضاريا للقارة القديمة وثالثا تعزيز الموقع الاستراتيجي الفرنسي دوليا.. فهل ينجح مشروع ساركوزي في فرض نفسه في ضوء اعتراض أطراف عديدة علي رأسها بعض الدول الأوروبية. لاشك ان زيارة كوشنير لمصر سوف توضح معطيات وافاق جديدة للدبلوماسية الفرنسية.. كما سوف تحدد زيارة الرئيس مبارك المرتقبة لفرنسا ثوابت وآفاق العلاقات المصرية الفرنسية في ظل رئاسة فرنسية جديدة يتابعها المشاهدون للعبة الاكروبات ومحترفو السياسة ؟!