نقلاً عن جريدة الاهرام تزايدت المشكلات والتحديات التي تواجه حكومة إيهود أولمرت بسبب مناوشاتها البينية وخلافاتها الداخلية وفضائحها الأخلاقية, بما ينعكس علي أدائها ويهدد استمرارها, فقد اتسع نطاق التباينات وتباعدت التقديرات, في وقت بدأت التحركات والتوقعات الاقليمية والدولية تشهد رواجا ظاهرا, أشاع أجواء من التفاؤل بشأن حلحلة العملية التفاوضية. لذلك فالخلاف الحاصل في مركبات الحكومة الاسرائيلية وما يتردد من اتهامات بالفساد لبعض عناصرها من أهم العوامل التي سترخي بظلالها علي كثير من الرؤي والتطورات. فحزب كاديما برئاسة أولمرت هو أكبر المركبات ويسيطر علي ربع مقاعد الكنيست تقريبا,29 مقعدا من أصل120 مقعدا, وهذا الحزب الذي شكله اريئيل شارون قبل نحو14 شهرا لايزال حزب نخبة, ووتيرة بناء مؤسساته تسير ببطء شديد وهي غير ملموسة, وهذا ما يعيه كبار نجوم الحزب, الذين بغالبيتهم الساحقة ليس لديهم قواعد شعبية ملموسة, واستطلاعات الرأي العام تشير الي هبوط الحزب من29 الي9 أعضاء كنيست في حالة اجراء انتخابات مبكرة. ولهذا فإن من يرغب في وضع سيناريو انشقاق في هذا الحزب يجب ان يأخد بالحسبان عدة معطيات داخلية في الحزب, حتي علي صعيد الأشخاص, فالحزب ككل, وفي حال بقي موحدا, فإنه علي يقين من ان أية انتخابات مبكرة لن تمنحه النتيجة التي حصل عليها في الانتخابات السابقة, كما أنه حزب حاكم ولايوجد ما يدفعه إلي تسليم السلطة برغبة. حتي علي صعيد الانقسامات في الحزب علينا الانتباه إلي القانون الذي يحدد ان انشقاق مجموعة عن كتلة برلمانية عليها ألا تقل عن ثلث أعضاء الكتلة, وفي حالة( كاديما) فإننا نتحدث عن عشرة أعضاء, وما هو واضح ان الأوضاع الداخلية في الحزب لاتشير الي احتمال وجود تكتل داخلي بهذا الحجم يرغب بالانشقاق, ولهذا الحزب حاليا11 وزيرا اضافة الي أن الوزير الثاني عشر, حاييم رامون, ينتظر الحكم في محكمته, التي قد تطول في أعقاب أي استئناف متوقع في كل الأحوال, ويضاف إلي هؤلاء سبعة من ذوي المناصب البرلمانية, رئيسة الكنيست ونائبها, ورؤساء أربع لجان برلمانية, إضافة إلي رئيس الكتلة النيابية, وإلي جانبهم هناك ثلاثة نواب من المقربين جدا لأولمرت, بمعني أن في الكتلة22 نائبا, علي الأقل, من أصل29 ليسوا معنيين لهذا السبب أو ذاك بالانسحاب من التكتل البرلماني القائم, وكذلك لاتوجد إغراءات لنجوم الحزب في الحلبة السياسية تدفعهم لترك حزب كاديما والانضمام إلي حزب الليكود, كما يحاول مقربو رئيس هذا الحزب بنيامين نيتانياهو أن يبثوا ذلك في وسائل الإعلام الإسرائيلية. أما حزب العمل فمنشغل الآن في الانتخابات لرئاسة الحزب, التي ستجري في شهر مايو, وتجري حملة انتخابية مبكرة تلقي اهتماما في الشارع الإسرائيلي, كون رئيس الحزب المنتخب سيتولي حقيبة الدفاع بدلا من عمير بيرتس, في حال خسارته لرئاسة الحزب, وقد بينت التجربة ان قادة هذا الحزب ليسوا معنيين بالانسحاب من الحكومة, والتجربة الأكبر كانت حين جري ضم حزب يسرائيل بيتينو إلي الحكومة, فقد تبين أن الغالبية الساحقة من الوزراء عارضوا هذا الانسحاب, حتي أصبحوا إجماعا حين طرحت مسألة الانسحاب علي جدول أعمال الحزب, باستثناء الوزير أوفير بينيس الذي استقال من الحكومة علي نفس الخلفية. وتشير كل الاستطلاعات إلي أن وضعية الحزب ستكون في أي انتخابات قادمة أسوأ بكثير من الانتخابات السابقة, وأنه سيخسر عددا من مقاعده البرلمانية الحالية ولهذا لن يكون معنيا هو الاخر بالتوجه إلي انتخابات جديدة. وحزب المتقاعدين(7 أعضاء كنيست) قائم منذ سنوات طويلة, ولأول مرة منذ أن تم إنشاؤه دخل الي الحلبة السياسية وبقوة, حاملا إلي البرلمان سبعة نواب, ومن اسم الحزب نفسه, نستطيع أن نفهم أنه حزب لقطاع معين من المواطنين ويسعي لتحقيق مطالبهم, ونستطيع القول إن هذا الحزب غائب من أي نقاش سياسي وغيره, عدا ما يخص قضايا المتقاعدين وما هو متعلق بهم, من ناحيته فإن مطالبه حتي الان يتم تطبيقها تدريجيا, ويسعي إلي ما هو أكبر, ومنذ إقامة الحكومة لم يسع إلي أي توتر في داخل الائتلاف الحكومي, وأيضا هذا الحزب تتنبأ له استطلاعات الرأي بنتائج أقل مما حققها في الانتخابات السابقة, خاصة أن تلك النتائج كانت مفاجئة للجميع, بمن فيهم أعضاء الحزب نفسه, ومما لاشك فيه أنهم ليسوا معنيين بحل الحكومة والتوجه الي انتخابات جديدة تنتقص من حجمهم الحالي. وحزب شاس(12 عضو كنيست) أثبت منذ أن ظهر لأول مرة علي الخارطة البرلمانية في العام1984 أنه حزب مصالح لقطاع محدود من الجمهور, حتي وإن حاول التنوع في خطابه والولوج الي القضايا السياسية المصيرية, فما يحكم موقفه من أي حكومة, وحتي من أي خطوة سياسية هو تلبية مطالب هذا الحزب التي تخدم جمهوره. وبالنسبة لشاس هذه حكومة ضعيفة, ولكنها لاتثير غضب قوي اليمين التي تحسب لها شاس حسابا, ولهذا فإن هذا الضعف يلزم أقطاب الحكومة بالحفاظ علي هدوء شاس وتلبية مطالبها. وإلي ذلك حزب شاس لايتخوف من انتخابات جديدة, لأن استطلاعات الرأي تمنحه نفس القوة, ولكن السؤال الذي يجب أن يطرحه حزب شاس هو: هل ستكون بعد انتخابات برلمانية حكومية كالحالية بإمكانها تلبية مطالبه؟. وجاء حزب يسرائيل بيتنا(11 عضو كنيست) بزعامة افيغدور ليبرمان ليزيد الغالبية البرلمانية القائمة للائتلاف الحكومي, الذي كانت له أغلبية67 نائبا من أصل120 نائبا, وبدخول هذا الحزب أضيف للائتلاف11 نائبا ليصبح78 نائبا. وفي تقديرنا أن بقاء الحكومة الاسرائيلية الحالية أو عدم بقائها هو أمر يخص الشعب الاسرائيلي, وما يهمنا هو مدي توافر الإرادة السياسية لأي حكومة تجاه المسيرة السلمية علي مساراتها المختلفة, وهناك سيناريوهان يؤثران علي الخارطة السياسية في اسرائيل وعلي المسيرة السلمية,الأول سيناريو سقوط الحكومة الاسرائيلية الحالية, يشير إلي ان الائتلاف الحكومي يواجه تحديات عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية وقد تأكدت تلك التحديات بفعل عدة عوامل منها موقف الرأي العام الاسرائيلي من فشل الحرب الإسرائيلية علي لبنان ومسئولية الحكومة عن هذا الفشل العسكري والسياسي في إدارة تلك الحرب. وكذلك المشكلات التي تتعلق بالفساد والتربح غير المشروع, وكل هذه التحديات والمشاكل التي تواجه الحكومة قد تؤدي الي تفكك هذا الائتلاف, وسيترتب علي سقوط الحكومة الحالية تغير في الخريطة السياسية يهبط عدد أعضاء الكنيست لحزب كاديما من(29) إلي(9) وسيعود عدد كبير من أعضائه لليكود ليصبح الكتلة الكبري, مما يؤدي لتولي زعيم الليكود نيتانياهو رئاسة الحكومة والعودة لحالة الجمود السياسي إزاء عملية السلام نظرا لمواقف نيتانياهو اليمينية المتطرفة من عملية السلام والتي برزت أثناء رئاسته الحكومة الإسرائيلية من قبل. والثاني, سيناريو استمرار الحكومة الإسرائيلية الحالية هو الأكثر ترجيحا وستستمر الحكومة بالتمسك بموقفها من عملية السلام سواء علي المسار السوري ورفض استئناف المفاوضات معها, وكذلك علي المسار الفلسطيني والتمسك بتلبية أي حكومة فلسطينية لشروط الرباعية, ولن تستطيع هذه الحكومة اتخاذ قرارات جوهرية حول موضوعات الحل النهائي نظرا لضعفها رغم تمتعها بعدد(78) عضو كنيست من أصل120 وهو ما تأكد في أعقاب القمة الثلاثية الفلسطينية الإسرائيلية الأمريكية يوم2/19 الأمر الذي يتطلب ضغوطا إقليمية ودولية علي اسرائيل لإحياء عملية السلام والتوصل لسلام شامل. وعموما فإن الوقت لم يعد يتسع لحلول مؤقتة أو أحادية للقضية الفلسطينية, وهناك ضرورة للتوصل إلي اتفاق سلام شامل, وهذا يتطلب بلورة موقف عربي واحد يطرح علي اللجنة الرباعية في اجتماعها في ابريل القادم علي المستوي الوزاري مع استمرار الاتصالات الجارية بالاطراف الاقليمية والدولية لإحياء عملية السلام. كما أن الأمر يتطلب من الجانب الفلسطيني وحدة الصف الفلسطيني وإعلاء المصلحة الفلسطينية فوق مصالح الفصائل, مع استقلالية القرار الفلسطيني مع الواقعية وعدم إضاعة الممكن جريا وراء المستحيل وان يعرض بقوة وبوضوح قضية الشعب الفلسطيني العادلة ويسند من الشرعية الدولية وفكرة إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية وعلي أساس الاتفاقيات الموقعة يضع إسرائيل في مواجهة اختبار السلام ويضع الرباعية الدولية أمام مسئولياتها في رعاية عملية السلام.