وصلت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الى العراق الثلاثاء فى زيارة مفاجئة لعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في الحكومة العراقية بعد ان أقر البرلمان أول قانون من سلسلة قوانين تهدف الى المصالحة بين الفصائل العراقية المتناحرة. وعقدت رايس فور وصولها اجتماعا مع نوري المالكي رئيس وزراء العراق الشيعي ثم اجتمعت مع وزير الخارجية هوشيار زيباري وأعلن البيت الابيض ان رايس توجهت الثلاثاء الى بغداد للبناء على ما تراه ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش تقدما بشأن المصالحة السياسية في العراق. وقال جوردون جوندرو المتحدث باسم البيت الابيض للصحفيين بالرياض ان بوش ورايس قررا ان تنفصل وزيرة الخارجية الامريكية عن الوفد الامريكي الزائر في السعودية والقيام بزيارة مفاجئة للعراق. وتريد واشنطن من حكومة المالكي المنقسمة على نفسها ان تعكس المكاسب الامنية التي تحققت في العراق من خلال تحقيق تقدم في عملية المصالحة السياسية بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية التي كانت مهيمنة يوما على العراق اثناء حكم الرئيس السابق صدام حسين. وتسبب الصراع الطائفي في العراق في مقتل عشرات الالاف منذ الغزو الامريكي للبلاد عام 2003 وهدد بانزلاق العراق الى حرب أهلية شاملة. وتجيء زيارة رايس للعراق بعد ان مرر البرلمان العراقي السبت قانون "المساءلة والعدالة" الاصلاحي بدلا من قانون اجتثاث البعث الذي يسمح بعودة الالاف من اعضاء حزب البعث السابق للوظائف الحكومية والذي يعتبر من الخطوات الضرورية التي حددتها واشنطن لتخطي الانقسامات الطائفية في البلاد. وقال جوندرو "الرئيس بوش والوزيرة رايس قررا ان هذه ستكون فرصة طيبة للوزيرة للذهاب الى بغداد للبناء على التقدم الذي تحقق والتشجيع على مزيد من المصالحة السياسية والعمل التشريعي." وتتضمن سلسلة القوانين المستهدفة قانونا لاقتسام أرباح النفط الذي يهدف الى كسب الاقلية السنية العربية التي همشت بعد سقوط صدام وعودتها الى العملية السياسية وابعادها عن تيار العنف الدامي في العراق ووصف بوش تمرير القانون الخاص بالبعثيين السابقين بأنه خطوة هامة على طريق المصالحة. وأصيبت حكومة المالكي بتصدعات العام الماضي مع انسحاب جبهة التوافق وهي التكتل السني الرئيسي في العراق وأيضا بعد انسحاب وزراء موالين للزعيم الشيعي الشاب المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر. وتحقق التقدم في العملية السياسية المتعثرة في العراق بعد تحسن ملحوظ في الوضع الامني بعد ارسال بوش العام الماضي قوات اضافية الى العراق قوامها 30 ألف جندي. وتراجعت مستويات العنف بشكل عام في العراق بنحو 60 في المئة منذ يونيو حزيران الماضي. وفي الكويت أطلع الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية في العراق والسفير الامريكي في بغداد رايان كروكر بوش على تطورات الموقف في العراق. وقال الرئيس الامريكي يوم السبت ان الاستراتيجية الامريكيةالجديدة حالت دون استمرار تدهور الموقف. وصرح بوش بأن المكاسب الامنية التي تحققت في العراق ستسمح بعودة بعض القوات الامريكية الى الوطن. ويعتزم الجيش الامريكي سحب أكثر من 20 ألف جندي من العراق بحلول منتصف العام. وكان التحرك نحو المصالحة بطيئا رغم تحسن الوضع الامني نظرا لفشل البرلمان في تمرير القانون الخاص بالبعثيين السابقين العام الماضي والذي وصفته الاممالمتحدة بأنه تأخر كثيرا. ولم تظهر مؤشرات بعد على تحقيق اي تقدم ملموس فيما يتعلق بقانون اقتسام أرباح النفط وفيما يتعلق بقانون اخر هام متعلق بالانتخابات المحلية. وأبدى التكتل السني الرئيسي استعداده للعودة الى حكومة المالكي في مسعى لاحياء حكومة الوحدة الوطنية التي انهارت العام الماضي. ولمح طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي لاحتمال حدوث انفراج سياسي في العملية السياسية بما يمهد الطريق لعودة قريبة لجبهة التوافق السنية التي سبق ان انسحبت من الحكومة تاركة حكومة المالكي دون اي تمثيل سني مما اصابها بالشلل وصعب من تحقيق اي تقدم على الجبهة التشريعية. الامريكان باقون حتى 2018 فى حين قال وزير الدفاع العراقي عبد القادر محمد جاسم ان بلاده ستبقى في حاجة الي مساعدة عسكرية أجنبية للدفاع عن حدودها لعشر سنوات اخرى ولن يكون بمقدورها حفظ الامن الداخلي حتى عام 2012. وقد تصبح تعليقات جاسم التي أدلى بها في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز مسألة في حملة انتخابات الرئاسة الامريكية. وزير الدفاع العراقى عبد القادر جاسم وقال جاسم "نعتقد انه من الربع الاول من 2009 وحتى 2012 سيكون بمقدورنا السيطرة بشكل كامل على الشؤون الداخلية للبلاد." "فيما يتعلق بالحدود.. بخصوص حمايتها من أي تهديدات خارجية فان تقديرتنا تظهر اننا لن نكون قادرين على الرد على أي تهديدات خارجية حتى 2018 الي 2020 ." وقال الرئيس الامريكي جورج بوش ان القوات الامريكية ربما تبقى في العراق لسنوات لكن معظم المتنافسين في سباق الرئاسة الامريكية وخصوصا الديمقراطيون يدعون الى انسحاب أسرع بشكل كبير.