لم يمنح المجتمع الدولى نفسه فرصة لاستجلاء حقيقة الجريمة البشعة التى وقعت فى «خان شيخون» بادلب السورية جميع الأطراف سارعت إلى الإستماتة فى كيل الاتهامات أو النفي, وفى الحالتين جاءت الأسانيد واهية والدفوع ينقصها الإقناع,وكان من المفترض أن تمنح كل الأطراف نفسها فرصة كافية لإجراء تحقيقات دولية شاملة للوقوف على الحقيقة بكل أبعادها بدلا من تسييس الحادث ومحاولات القفزعليه لتحقيق مكاسب ذاتية,إن ما حدث فى «خان شيخون» جريمة مروعة يشيب له ولها الولدان كما يقول المثل الشائع ولا يوجد عاقل واحد على وجه الكرة الأرضية يمكنه القبول بقصف الأبرياء بأسلحة كيميائية محرمة, ولكن الواقع الميدانى يؤكد كذلك أن الأراضى السورية تحولت إلى مرتع تعبث فيه عشرات من المخابرات الإقليمية والعالمية,ومن ثم فان نوعية الحوادث على شاكلة «خان شيخون» يجب ألا تخضع لمثل هذه «الخفة» التى تم التعامل بها مع الحادث المروع,ويجب ألا يكون موضعا للمزايدات المكشوفة أو الحملات الإعلامية المبالغ فيها والتى نظن أنها أصبحت أقرب إلى الحيل الواضحة لخلق مواقف معينة يمكن من خلالها بعد ذلك تمرير سياسات أو مخططات بعينها,ولا يجوز على الإطلاق الانصياع للحملة البريطانية الفرنسية الأوروبية عموما بتحميل قوات دمشق مسئولية هذا الهجوم, حقيقة الأمر أن الاتهامات توالت بسرعة النار فى الهشيم وفيما يشبه المنظومة المنسقة وكأنها اتهامات «سابقة التجهيز» ولم تغب عنها اللهجة السياسية الواضحة والرامية إلى أغراض وأهداف واضحة المعالم لطالما سعت القوى الغربية إلى تحقيقها إلا أن ظروفا دولية وإقليمية حالت دون ذلك فى أكثر من مناسبة, وعلى رأس تلك الأهداف تحقيق تعبئة دولية غير مسبوقة ضد دمشق وتصعيد درجة الكراهية العالمية ضدها وصولا إلى حالة من الإجماع على ضرورة استبعادها من التسوية المنتظرة أو مراحلها الانتقالية، وفى كل الأحوال ستعتبر القوى الغربية الأسد مدانا حتى لو ثبتت براءته, فهى لعبة استعمارية قديمة حديثة تتغير أشكالها وتتبدل ألوانها ولكن الكارثة واحدة.