يأتي منصب رئيس صندوق النقد الدولي علي رأس المناصب التي تجذب انظار العالم لما لها من دور في اتخاذ القرارات المصيرية والحاسمة لاقتصاديات العالم، لهذا جاءت موافقة مجلس صندوق النقد الدولي الخميس 12/7على آلية جديدة لاختيار مدير جديد للمؤسسة ترحب بترشيحات من كل الدول الاعضاء في الصندوق والبالغ عددهم 185 دولة وليس فقط من أوروبا التي استحوذت شخصيات منها على المنصب لفترة طويلة وفقا لتقليد قديم، على ان يتعامل المرشحين "بدون افضلية جغرافية" في خطوة قد تغير دفة العمل بالصندوق والتى استمرت لفترة طويلة. وقال المجلس في بيان له أن فترة الترشيح ممتده الي 31 أغسطس 2007م ، علي ان يتمتع المرشح الناجح بخبرة سابقة في صنع السياسات الاقتصادية ومهارات ادارية ودبلوماسية، وسينظر المجلس أوراق المرشحين ليتم اعلان الترشيحات في سبتمبر القادم ، ثم يحدد الشخصية التي ستخلف العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي الاسباني رودريجو راتو الذي استقال فجأة في نهاية يونيو الماضي قبل نهاية ولايته في 2009، ليتخلي عن مهام منصبه في نهاية اكتوبر من العام الجاري.
وجاء تصديق مجلس الصندوق الذي يضم 24 عضوا مع تشكيك بعض الدول الاعضاء خاصة من العالم النامي في التقليد الذي استمر 63 عاما بتولي شخصية أوروبية رئاسة صندوق النقد الدولي وتولي أمريكي لرئاسة البنك الدولي، لكن اوروبا سارعت لتضمن احتفاظها بأعلى منصب في صندوق النقد الدولي من خلال ترشيح وزير المالية الفرنسي السابق دومينيك شتراوس لشغل المنصب لكن بريطانيا قالت انه لم يعد بامكان أوروبا الاحتفاض بالمنصب دون منافس.
ويأتي فتح آلية اختيار مدير الصندوق، بعد ان تعرض التقليد المتبع منذ فترة طويلة لاختيار رئيس البنك وصندوق النقد الدوليين للانتقاد في الآونة الاخيرة من قبل الدول الناشئة وبعض الوزراء بالاتحاد الأوروبي ومن بينهم وزير المالية البريطاني الجديد اليستر دارلنج الذي أكد أن المنصب يجب أن يكون متاحا لأكثر المرشحين كفاءة بصرف النظر عن الجنسية، كأساسي لاصلاحات شاملة تنفذ حاليا في صندوق النقد الدولي بحيث تأخذ في الاعتبار تقدم قوى اقتصادية صاعدة مثل الصين والهند واعطاء الدول النامية مساحة أكبر من الرأي في قرارات الصندوق مع توسيع الصندوق لعمليات مراقبته للاقتصاد العالمي.
هذا، وبعد شهرين من انتخاب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وتزايد شعبيته ، رشح الرئيس الفرنسي الاشتراكي البارز(دومينيك شتراوس كان) لتولي رئاسة صندوق النقد الدولي ، مما سيعزز دور بلاده فى رسم السياسات النقدية الدولية ، كما عمل ساركوزي علي إقناع قادة الاتحاد الأوروبي الآخرين بالوقوف وراء الترشيح الفرنسي، واصفا اياه " بنبأ سار لفرنسا ولاوربا بأسرها". واضاف ساركوزي أن اختيار شتراوس كان -الذى كان يشغل منصب وزير للمالية فى فرنسا سابقا- يظهر ان الترشيح لمثل هذا المنصب يجب ان يقوم على الكفاءة دون الاعتماد علي خيارات حزبية ، ولفت الرئيس الفرنسي قائلا " اعتقد انه مرشح ممتاز لرئاسة الصندوق، وقد دفعت الى ترشيحه وتعزيز ذلك الترشيح". ولفت ساركوزي انه بعد سحب البولنديين مرشحهم، يكون المرشح الفرنسي هو مرشح اوروبا الوحيد لهذا المنصب ولذلك يعد ترشيحه نبأ سارلاوروبا، واكمل ساركوزي ان طريق تعيين شتراوس كان مازال طويلا إذ يجب ان تؤيد باقي دول العالم وخاصة الدول الصاعدة هذا الترشيح.
وفي رد فعل سريع، أيد وزراء مالية دول الاتحاد الاوروبي ترشيح وزير المالية الاشتراكي الفرنسي علي نحو سريع، الامر الذي شكل مفاجأة للجميع، وقالت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد أن شتراوس يعد مرشح الاوروبيين الوحيد مما يفسح له الطريق للتشاور مع كافة الدول الاوروبية بشأن قضاياهم الاقتصادية منذ قبول الترشيح. ومن جانبه، شكر وزير المالية الفرنسي السابق دومينيك شتراوس كان اليوم شركاء الاتحاد الاوروبي لدعمهم مسعاه ليصبح رئيسا لصندوق النقد الدولي وقال انه سيسعى الان للحصول على دعم اوسع، ووصف دعمهم بانها خطوة أولى مهمة جدا سيحاول علي اثرها اقناع الاطراف المعنية الاخرى.
وفي اول تصريحاته منذ اقترحه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لتولي المنصب قال شتراوس ان مهمة صندوق النقد الدولي يجب ان يعاد تعريفها وان الدول النامية يجب ان تعطى الدور الذي تستحقه في رسم السياسات الاقتصادية. يذكر، ان شتراوس (58 عاما) تولي وزارة المالية الفرنسية من 1997 وحتي 1999 ابان حكومة ليونيل جوسبان الي ان هزمته سيجولين روايال مرشحة الحزب الاشتراكي. وفي اشارة لموقف الدول النامية، والذى عبر عنه الرئيس البرازيلى لويس إيناثيو لولا دا سيلفا اثناء لقاءه بوزير الخزانة الأمريكي هنرى بولسون عن انتقادات بلاده لنظام اختيار مسئولي المنظمات المالية الدولية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين، وأرجع سيلفا نقده الي ان نظام اختيار قيادات تلك المؤسسات الاقتصادية الدولية تستبعد تماما الدول النامية من عمليات التصويت. 14/7/2007