لايري بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة من أزمات الشرق الأوسط التي تستحق سرعة التحرك وحشد المجتمع الدولي لها الآن سوي قضية اقليم دارفور غرب السودان...كل ازمات ومشاكل المنطقة تتراجع أمام مأساة دارفور.. ولأجلها تعهد بان كي مون أمام العالم بإنهاء معاناة سكانها واستخدام جميع موارد الأممالمتحدة ووكالاتها المختلفة لوضع نهاية سعيدة لعذابات مشرديها!! ولا يقلل بان كي مون من مخاطر استمرار الأزمات الأخري في الشرق الأوسط, لكن هذه المشاكل بما فيها العراق والوضع في الآراضي الفلسطينية ولبنان تأتي بالنسبة له-كما ذكر هو نفسه في أكثر من مناسبة- في مرتبة تالية من حيث الاولويات.. أما درافور.. فهي فقط التي تثير اهتمامه في الوقت الراهن وتدفعه إلي القيام حاليا برحلة شاقة لزيارة ثلاث دول(السودان وليبيا وتشاد) من أجل تخليص اكثر من مليونين و500 ألف مشرد في دارفور وحدها. يحمل بان كي مون معه في زيارته للسودان قائمة طويلة من المطالب إلي الرئيس عمر البشير, لكن دوائر دبلوماسية بالأممالمتحدة شككت في مدي استجابة الرئيس السوداني لهذه المطالب خاصة وأن بعضها سيمثل من وجهة نظر الخرطوم خرقا لسيادة البلاد الوطنية فضلا عن تشويهها للصورة التي يحرص الرئيس عمر البشير علي الظهور بها بين مواطنيه كالمدافع الأول عن وحدة السودان والحفاظ علي كرامته الوطنية. وعلمت' الأهرام' أن الأمين العام للأمم المتحدة سيطلب من الرئيس عمر البشير تسليم عدد من كبار مسئوليه للمثول أمام المحكمة الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في دارفوركما سيطلب إلغاء قرار الخرطوم بطرد ممثلي وكالات الإغاثة الدولية وعودتهم الي العمل داخل الأراضي السودانية بأقصي سرعة, والي جانب هذه المطالب التي تبدو شبه تعجيزية لحكومة الخرطوم سيسعي الأمين العام خلال زيارته السودان الي الحصول علي ضمانات أمنية من الرئيس البشير بالكف عن الأعمال العسكرية في دارفور والالتزام بمنع نقل السلاح والعتاد إلي بعض القبائل المتحالفة مع الحكومة السودانية داخل الإقليم. وتقوم حاليا الأممالمتحدة بإجراء تحقيقات خاصة للتأكد من صدق المعلومات التي نشرتها أخيرا إحدي المنظمات الدولية العاملة في السودان وكشفت فيها بالصور تورط الجيش السوداني في تهريب معدات عسكرية إلي اقليم دارفوروهو مايمثل في حالة التأكد من حددوثه خرقا لقرار مجلس الأمن الأخير الخاص بدارفور. قبل مغادرته نيويورك بيوم واحد قاصدا الخرطوم قال لنا بان كي مون إن اعداد الجنود المطلوب ارسالهم إلي دارفور لحفظ السلام هناك( أكثر من26 الف جندي)فاقت كل التوقعات فسألته لماذا اذن تبقي الأممالمتحدة عاجزة عن التدخل في الصومال ولماذا تترك عمر كوماري رئيس الإتحاد الأفريقي يشكو من عدم وجود أي موارد مالية أو جنود لارسالهم إلي مقديشيو رد الأمين العام: إن الصومال ليست كالسودان وأن الوضع في مقديشيو يختلف كثيرا عن الوضع في دارفور, ففي الصومال فشلت الحكومة والشعب معا في إيجاد الظروف الضرورية التي تجعل المجتمع الدولي راغبا في تقديم المساعدة من خلال عمليات حفظ السلام. والمفروض إذن من وجهة نظر بان كي مون أن يقوم الشعب الصومالي اولا ومعه حكومته باجراء حوار سياسي لتحقيق المصالحة الوطنيةوبعد تحقيق هذه الشروط ينبغي علي الأممالمتحدة وفي اقرب وقت أن تبادر بالتفكير الجاد في الوسائل المتاحة لمساعدة الصوماليين في حل مشاكلهم إن أمكن! لكن بعض الأطراف المتنازعة في دارفور وبالرغم من جميع محادثات السلام التي عقدت سواء في أديس ابابا أو طرابلس أو الخرطوم أو باريس أو الرياض خلال الشهور الماضيةلا تزال تعارض اتفاق أبوجا الاساسي للسلام في الإقليم وترفض الانضمام إلي العملية السلمية القائمة حاليا باشراف الأممالمتحدة. بان كي مون قال ايضا إنه سيلتقي بجميع الفصائل والتيارات المختلفة بالسودان من أجل حثهم علي اقناع قادة الجماعات المتمردة بالانخراط في العملية السياسيةوأنه سيدعو إلي اجتماع موسع في نيويورك في21 من الشهر المقبل يشارك في رئاسته ألفا عمر كوناري رئيس الاتحاد الأفريقي. سألناه عما تردد في أروقة الأممالمتحدة بشأن مطالبته الرئيس عمر البشير تسليم أحمد هارون وزير الدولة السابق للشئون الأمنية وعلي كوشيب أحد قادة ميليشيا الجنجويد لمحاكمتهما أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب فقال إنه سيبحث مع الرئيس البشير هذا الموضوع الشائك والذي يأتي في وقت يتم فيه اطلاق عملية سياسية مهمة تستدعي ارسال قوات سلام إلي السودان, لكنه اضاف أن المجتمع الدولي بأسره ينظر إلي السودان الآن ليري مدي التزامها بقرارات مجلس الأمن. سألناه أيضا إن كان سيستخدم زيارته في اقناع الرئيس السوداني بعودة المسئولين في منظمة' كير' للأعمال الإنسانية إلي السودان وعما اذا كان سيطلب تفسيرات لقرارات الخرطوم بطرد عدد من مبعوثي بعض البلدان الأجنبيةفقال إنه سيناقش ذلك مع جميع المسئولين السودانيين بما فيهم الرئيس عمر البشير. واسترسل الأمين العام في الحديث عن خدمات' كير' التي قدمتها إلي أكثر من اربعة ملايين سوداني حتي الآن ولذلك فمن الطبيعي أن تسعي الأممالمتحدة الي مساندتها هي وجميع مؤسسات الإغاثة الآخري العاملة في دارفورخاصة وأن السودان وقعت مع الأممالمتحدة علي بيان انساني مشترك يلزم الخرطوم بتنفيذ بنوده المتعلقة بأنشطة الجمعيات الأهلية بشفافية. وحول من سيتولي قيادة ال26 الف جندي التابعين للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور وعما اذا كانت الأممالمتحدة ستستجيب إلي طلب الخرطوم بضرورة أن يكون جميع جنود القوة من البلدان الأفريقيةقال بان كي مون إن هناك مسائل مالية وادارية تحتاج الي خبرات خاصة وهو ماسيقتضي وجود قوات من خارج الدول الأفريقيةكما أن الاتفاق الذي وقعت عليه السودان يلزمها بقبول مبدأ المشاركة في القيادة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي. بعد انتهاء الحديث مع الأمين العام للأمم المتحدة سألت السفير عبد الحليم عبد المحمود مندوب السودان لدي الأممالمتحدة عن مدي استجابة بلاده لتسليم اثنين من مواطنيها إلي المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهما بتهم ارتكاب جرائم حرب في دارفورفقال إن حكومته قامت بالتحقيق في القضايا التي اثارتها المحكمة الجنائية الدولية وتبين عدم وجود أدلة كافية لادانتهما, فسألته هل سيكون الوزير أحمد هارون من بين مستقبلي بان كي مون في السودانفرفض السفير السوداني التعليق.