جامعة الزقازيق تواصل فاعليات الأنشطة الطلابية لتنفيذ مبادرة "بداية"    المتحدة للرياضة تهنئ الشعب المصري بذكرى الانتصار العظيم في حرب أكتوبر    بأعلام مصر والزي العسكري.. تلاميذ المدارس يحتفلون بانتصارات أكتوبر في بورسعيد -صور    الأحد 6 أكتوبر 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية    سعر الدولار اليوم الأحد 6 أكتوبر.. أعرف التفاصيل    إزالة 9 حالات تعدِ على أراضي زراعية ومخالفة بناء في 3 مراكز بأسيوط    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 139 ألف شهيد وجريح    ميقاتي يثمن دعوة ماكرون بوقف تسليم الأسلحة إلى إسرائيل    قوات الاحتلال تعتقل 15 فلسطينيا من الضفة    في أحدث هجوم لحزب الله على خليج حيفا.. جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخين أرض-أرض    فالفيردي سعيد بالفوز على فياريال ويأسف لإصابة كارفاخال    أحمد مجاهد: سأترشح لرئاسة اتحاد الكرة في هذه الحالة    جيسوس مدرب الهلال يشيد بجماهير الأهلي بعد كلاسيكو الدوري السعودي    عمار حمدي يتحدث عن.. مغادرة الأهلي.. أداء إمام عاشور وحب جماهير الزمالك    أمن أسوان ينجح في ضبط عنصريين إجراميين بحوزتهما أسلحة ومخدرات    حالة الطقس اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024: أجواء خريفية مع ارتفاع في درجات الحرارة    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    مصرع شخص إثر سقوط سيارة في ترعة المريوطية بالبدرشين    أسيوط: حملات تموينية على المخابز والمحال وتحرير 112 محضرا بمركزي القوصية والبداري    حدث بالمحافظة الوسطى بغزة.. سقوط 26 شهيدا وعشرات الجرحى حصيلة ضحايا قصف الاحتلال    فيديو.. ريهام عبدالحكيم تطرح أغنية "جيش وشعب" في احتفالات نصر أكتوبر    كيف خلدت الدراما المصرية ملحمة نصر أكتوبر العظيم؟    "مزمار الشيطان في بيت رسول الله".. رمضان عبد المعز يوضح: ماذا رد النبي يوم النصر؟    اكتشاف كبير.. اثنان من القتلة شاركا في تدمير الحياة قبل 66 مليون سنة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقى السفير السويدي وكبرى الشركات السويدية لدى مصر    في ذكري النصر .. تعرف علي استعدادات القوات المصرية لسحق جيش الاحتلال فى أكتوبر 1973    بمشاركة طارق شوقي.. تكني الإسكندرية تناقش بناء نظام تعليمي مرن    «بأسعار رمزية».. 5 حدائق مميزة بالقاهرة للتنزه في إجازة 6 أكتوبر    «الإسكان»: إعادة فتح باب التقدم لاستيفاء طلبات تقنين الأوضاع في صحراء الأهرام    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    "يصعب موقفه".. قرار صارم من حسين لبيب بشأن تجديد عقد زيزو    تجمع نجوم الفن.. 10 صور جديدة من حفل زفاف ابنة علاء مرسي    ابنة شقيق جورج قرداحي تكشف حقيقة مقتله في غارة إسرائيلية على بيروت    البنوك إجازة اليوم بمناسبة ذكرى نصر 6 أكتوبر    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية كوم أشفين في قليوب ضمن مبادرة «أنت الحياة»    «الدواء» تحذر من عقاقير غير مطابقة للمواصفات.. بينها واحدا لعلاج نزلات البرد    أطعمة تخلصك من حموضة المعدة.. تعرف عليها    الإسكان: حملات على وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات بالمدن جديدة    البالون الطائر يحلق بصور الرئيس السيسي للاحتفال بالذكرى 51 لنصر أكتوبر غرب الأقصر    تفاصيل تفعيل دور صندوق الرعاية الاجتماعية للمعلمين    «التضامن الاجتماعي»: «هنوصلك» تسجل 2391 من ذوي الإعاقة بالمنظومة (تفاصيل)    اللواء المنصوري.. أطلق عليه الإسرائيليون «الطيار المجنون»    دور الأهلى والزمالك فى مباراة الكرامة بذكرى نصر أكتوبر    الأزهر: الأسلحة الدقيقة مصطلح صهيونى يستخدم فى تبرير جرائم القتل الجماعى .. من غزة إلى لبنان.. جرائم الكيان الصهيونى مستمرة    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    الدكتور    مفتي الجمهورية: الرفق والحكمة أساس الفتوى.. وملتزمون بالمنهج الأزهري    طريقة عمل البيتزا في البيت زي المحلات، وبأقل التكاليف    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: لقاح جدري القرود آمن تماما ولم يتسبب في حالات وفاة    الكشف موقف أحمد فتوح من المشاركة في السوبر الإماراتي    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية "مردا" بالضفة الغربية وتهدد أهلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور..فعاليات ثاني أيام مؤتمر " الحرية والمواطنة .. التنوع والتكامل"
نشر في أخبار مصر يوم 01 - 03 - 2017

لليوم الثاني على التوالي.. تستمر فعاليات المؤتمر الدولي " الحرية والمواطنة .. التنوع والتكامل" الذي ينظمه الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين وذلك بمشاركة أكثر من 50 دولة، وسط اهتمام دولي كبير، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وافتتحه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والبابا تواضروس امس الثلاثاء.
دارت اليوم عدة جلسات؛ حيث جاءت الجلسة الأولى بعنوان " مبادرات الأزهر" وجاءت الجلسة الثانية بعنوان " المبادرات المسيحية" ، ثم جاءت الجلسة الثالثة بعنوان " المبادرات الإسلامية".. وفيما يلي تفاصيل ما دار بهذه الجلسات.
مبادرات الأزهر
وجه السيد صالح قلاب – وزير الثقافة و الإعلام الأردني الأسبق في كلمته التي ألقاها خلال إدارته للجلسة الأولى بعنوان " مبادرات الأزهر"، الشكر لفضيلة الإمام الأكبر على هذه المبادرة التي أكدت أن الأزهر منارة لها سيادة معنوية يقدرها ويوقرها العالم، لما لها من مساعي كريمة تدعم عودتنا للعروبة، وتنبذ الطائفية.
ومن جانبه أكد الأنبا آرميا، عضو المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، على الدور الكبير الذي يقوم به الإمام الأكبر لتفعيل دور المواطنة حرصًا على رفعة الوطن والعيش في سلام، ومن هذه المبادرات إنشاء فضيلة الإمام لبيت العائلة المصرية فى 2011م بهدف الحفاظ على النسيج المجتمعي وإرساء أسس التعاون بين أبناء الوطن الواحد.
وأشار آرميا إلى أن كل إنسان يملك الحق في العيش بحرية دون المساس بحريات الآخرين، مضيفًا أنه في ظل انتشار موجات الإرهاب يجب على العالم التكاتف للتصدي لهذه الآفة من خلال التصدي الفكري الذي يعتبر أهم الوسائل التي تقضي على هذه الآفة التي طالت الكثير من دول العالم.
كما اكد د. رضوان السيد، أستاذ الدراسات بالجامعة اللبنانية، إن الأزهر ظل حاضرًا في محاربة أصحاب الفكر المتطرف الذين اعتمدوا على تحريف معاني الدين، ووضعوا مفاهيم خاصة بهم تخدم فكرهم المتطرف، وتصدى لهم من مرصده ومبادراته المتواصلة والتي آخرها هذا المبادرة التي نحن بصددها.
المبادرات المسيحية
أكد الأب رفعت بدر رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام في الأردن، خلال كلمته التي ألقاها بالجلسة الثانية المنعقدة بعنوان" المبادرات المسيحية"، إن المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني أصدر وثيقة تعد "ثورة وثروة" فهي ثورة على الصورة القاتمة للدين، والتي كان يميزها الانغلاق، والانحسار في الشؤون الروحية والعقائدية، تبين الجائز والمحّرم عقائدًيا وأخلاقًيا.
وأضاف الأب رفعت أننا جئنا اليوم للحديث عن أكثر من خمسين عامًا ماضية، بما حملت في طياتها من تغيرات سياسية واجتماعية، سلًبا أو إيجاًبا، مستعرضًا العديد من التجارب والمبادرات المسيحية الداعية للسلام ونشر ثقافة المواطنة والعيش المشترك
كما وجه رفعت الشكر للإمام الأكبر على دوره في نشر الوسطية والسلام، وعقد الأزهر لهذا اللقاء التاريخي وتنظيم العديد من المؤتمرات والمبادرات في هذا الشأن، مؤكدًا على أن الكنيسة لم توفر يوماً واحداً، دون أن تشير إلى أهمية التقارب بين أتباع الديانات، سواء أكان في التعليم أو في الزيارات التاريخية التي قام بها الباباوات وبالأخص يوحنا بولس – مع رؤساء الأديان وممثليها.
ومن جانبه أكد القس د. فيكتور مكاري، مسؤول مبادرة الملتقي الأكاديمي المسيحي للمواطنة في العالم العربي، نحن هنا اليوم لنواجه تلك الجماعات التي تسعى لتفكيك المجتمع وقطع أوصاله، مضيفًا أن العلاقة بين الدين والدولة هي علاقة ديناميكية لم تتصف يومًا بالجمود فلا يستغنى عن الدين أبدًا، ولذلك نود تفعيل القيم المشتركة بين الأديان، لافتًا أن دولة القانون تحمي المواطن والدولة وتحترم الدين،
وأضاف مكاري ، أننا أصبحنا اليوم نفتقد إلى القيم الروحانية التي تؤهلنا لاحترام بعضنا بعضًا، مشيرًا إلى أهمية دور القيادات الدينية في نشر القيم السمحة ومكافحة الطائفية والفكر المغلوط.
المبادرات الإسلامية
أوضح د. محي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية خلال كلمته التي القاها في الجلسة الثالثة المنعقدة بعنوان" المبادرات الإسلامية"، إن الإسلام رفع الإنسان مكانًا عاليًا وجعله خليفة في الأرض فراعى فطرة الإنسان وكرامته ورفض إهدارها كما حافظ علي دماء البشر وحصنها ضد القتل بغير حق وجعل قتل النفس الواحدة بمثابة قتل الناس جميعًا، مشيرًا أن الإسلام كرم الإنسان لإنسانيته لا لكونه مسلما أو مسيحيًا أو غير ذلك، وهذا ما أكده القرآن الكريم والسيرة النبوية، لافتًا إلى أن عهد الرسالة قدم نموذجًا حضاريًا للتعامل مع أهل الكتاب من خلال قواعد التعامل مع المسلمين وغير المسلمين.
وأضاف عفيفي، أن الأزهر أجرى خطوات عملية لتحقيق السلام والتواصل بين علماء الأديان لبناء التواصل والتعاون بين الأديان في ترسيخ القيم المشتركة ، مشيرًا إلي زيارات الإمام الأكبر الخارجية.
ومن جانبه أكد د. عبد الناصر أبو البصل، عضو مجلس الإفتاء الأردني، أن المبادرات هى حماية للحرية والتنوع، حيث تعمل علي بث أفكار جديدة تعمل علي تعزيز وإرساء قيم المواطنة من خلال توصياتها، مضيفًا أن مشكلة الغلاة أنهم لا يستطيعون ولا يعرفون فهم القرآن والسنة فيعملون على التفسير الخاطىء للآيات والأحاديث بما يخدم توجهاتهم وأفكارهم المتطرفة، ومن هنا يظهر عطاء الأزهر في التصدي لهؤلاء.
كلمة الدكتور عباس شومان
كما كان للشيخ عباس شومان وكيل الزهر كلمة استفتاحية خلال هذا اليوم الثاني للمؤتمر، فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله ربُّه رحمةً للعالمين، وبعد:
فأهلًا وسهلًا بحضراتِكم على أرض مصر الكنانة، وفي رحاب الأزهر الشريف الذي يعقد مع مجلس حكماء المسلمين هذا المؤتمر الفكري العالمي الراقي تحت عنوان: «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل»، وهو موضوع أصبحت معالجتُه اليوم ضرورةً ملِحَّة، خاصة في ظل ما يموج به العالم من فتن واضطرابات يحاول بعض أصحاب المصالح والأهواء هنا وهناك إلصاقها بالرسالات السماوية التي تحمل الخير والسلام للبشرية جمعاء. وسوف تدور كلمتي الموجزة هذه حول «استغلال الدين في النزاعات والصراعات».
الحضور الكريم:
باستقراء تاريخ البشر منذ عرفوا الرسالات السماوية لا نجد دينًا إلا وقد استخدمه بعض أتباعه استخدامًا خاطئًا، فجعلوه سببًا لنشوب النزاعات أو وقودًا لإشعالها وتعقيدها، وعلى الرغم من أن الدين الذي أنتمي إليه هو آخرها تاريخيًّا، فإنني سأبدأ به نفيًا لتهمة التحيز أو التحامل على أتباع الديانات الأخرى، فلقد كان الخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي – رضي الله عنه – أولَ من استخدموا ديننا الحنيف في نزاعهم السياسي مع سيدنا علي استخدامًا خاطئًا بزعم باطل وتأويل فاسد، فكانوا نَبتة السوء التي ما زلنا نجني شوكها إلى يوم الناس هذا، وذلك بادعائهم أن قبول سيدنا علي بالتحكيم في الحادثة المشهورة في التاريخ الإسلامي باسم حادثة التحكيم، مخالفٌ لنصوص القرآن الكريم، مستدلين على ذلك بقول الله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ)، وقوله كذلك: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ).
وهذا الذي ادعاه هؤلاء الخوارج في صدر الإسلام إنما هو كلمة حقٍّ أريد بها باطلٌ، كما قال سيدنا علي؛ حيث أولوا الآيات تأويلًا فاسدًا للوصول إلى المغزى الذي كان يداعب أخيلتهم وقتئذ، وبهذا التأويل استحلوا قتلَ كلِّ مَن لا يقول بقولهم!
وإذا كان الزج بالدين في النزاعات قد أحدث ما أحدث في صدر الإسلام؛ فلم يسلم عصر من العصور من خوارجه، ففي أواخر القرن الخامس إلى أواخر القرن السابع الهجري كانت البشرية على موعد مع خوارجَ من نوع آخر؛ حيث خرج الصليبيون على تعاليم المسيحية ورفعوا الصليب شعارًا واتخذوا من الدين مطيةً لتحقيق مآربهم الخاصة، فدمَّروا وخرَّبوا وقتَّلوا وشرَّدوا وعاثوا في الحرث والنسل فسادًا باسم المسيحية، وهي من أفعالهم براء. وفي بدايات القرن العشرين كنا على موعد آخر مع خوارجَ جُدد، هؤلاء الذين جاءوا من كل حدب وصوب بتأثير نبوءة يهودية تزعم أن الوطن الذي استباحوه وشردوا أهله وانتهكوا مقدساتِه هو أرض الميعاد! ولا شك أن اليهودية من أقوالهم وأفعالهم وادعاءاتهم وجرائمهم التي يرتكبونها إلى يومنا هذا براء، فجوهر الرسالات السماوية جميعًا الدعوة إلى المحبة والتسامح والسلام.
وخوارج عصرنا الحاضر هم جماعات وتنظيمات قلَّ في الدين فهمُهم وعَظُمَ في الناس شرُّهم؛ حيث ضلوا في استنباط الأدلة الشرعية من نصوص الأديان، وراحوا يلوون عنقها ليبرروا مواقفهم وأفعالهم الدموية، فلم يتورعوا عن التجرؤ على الدماء والأعراض والأموال بغير حق، واستصدروا فتاوى شاذة تخدم مصالحهم وأغراضهم الخبيثة، فحرفوا الكلم عن مواضعه، وحمَّلوا النصوص ما لا تحتمل، ونسبوا أحكامها جهلًا وزورًا إلى الأديان، وهي منها براء.
ومكمن الخطورة في هذه التنظيمات أنها استطاعت بعوامل استقطاب واستدراج كثيرة وتمريرات وتسهيلات دولية عجيبة، تضليلَ كثيرٍ من الشباب والتغرير بهم باسم الأديان، فلبَّسوا عليهم بعض المفاهيم، كما فعلت بعض الجماعات التي تعلن انتماءها إلى ديننا الإسلامي، وفي مقدمتها تنظيم داعش المجرم، كالحاكمية والجهاد والخلافة والدولة الإسلامية وغيرها من المفاهيم التي اتخذوها ذرائع ومداخلَ لتحقيق مآربهم الدنيئة.
الحضور الكريم:
لقد حرمت الشريعة الإسلامية السمحة قتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان والمدنيين في حالة الحرب التي لا تكون في الإسلام إلا للدفاع وصد العدوان، كما حرمت الظلم والجور، وتخريب العمران، وقطع الأشجار، بل حرمت قتل الدواب كذلك، فمن أين أتى هؤلاء الأدعياء الجهلاء بما يقومون به من قتل للرجال والنساء والأطفال، وترويع للآمنين، وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، وتهجير الديار من ساكنيها؟! أين هؤلاء الذين شوهوا صورة الإسلام النقية، وصوروه على أنه دينُ عنفٍ وقتلٍ وإرهابٍ, من قول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، وقوله عز وجل: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)؟! أين هم في حملهم للناس على معتقداتهم بقوة السلاح من قول الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)؟! أين هم في مغالاتهم وتشددهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الدين يسرٌ، ولن يشاد الدينَ أحدٌ إلا غلبه)؟!
إن المنصف المتجرد لَيدركُ أن هذه الجرائم النكراء لا تمت للإسلام بصلة؛ فالإسلام دين السلام والرحمة، بل إن هذه الأفعالَ الشنيعةَ لا يقبلها دينٌ صحيح ولا عقلٌ سليم ولا فِطرةٌ سوية! ومن ثَم، ينبغي ألا يكون اختلاف الدين سببًا من أسباب الصراع أو النزاع، فلم تأتِ به شريعة من الشرائع السماوية، (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، وينبغي كذلك ألا يكون الاختلاف العِرقي أو المذهبي بين أتباع الدين الواحد مدخلًا لنزاع أو ذريعةً لصراع. وهنا نقرر أن ما وقع في تاريخ أمتنا الإسلامية من نزاعات وحروب بين المسلمين وغيرهم، فإنما هو نتيجة دفاع المسلمين عن اعتداء أو عدوان وقع عليهم لا بسبب اختلاف الدين، وإلا فلماذا نهى الإسلام أتباعه عن قتل المخالفين في الدين من النساء والشيوخ والأطفال والرهبان؟! ونقرر أيضًا أن ما وقع من نزاعٍ أو صراع – وربما تقاتُلٍ – بين المسلمين أنفسِهم، فإنما مَردُّه تأويلٌ فاسد أو اجتهادٌ جامح أو نزعةٌ بشرية بَعُدَتْ عن هدي الوحي الكريم.
السادة الحضور:
إن الأزهر الشريف متيقظ لتلك الأخطار التي تهدد أمن الأمة فكريًّا وثقافيًّا، خاصة تلك التي تستهدف الشباب؛ لأن أعداء الأمة يدركون جيدًا قيمة الشباب، ويعلمون يقينًا أنهم الطريقُ لتدميرِ مستقبل الأمم أو رِفعتِها، ولقد وقفت مؤسسة الأزهر على مدار تاريخها العريق سدًّا منيعًا أمام محاولات النيل من شباب أمتنا، فأَوْلَت عناية خاصة بتوضيح المفاهيم التي تستغلها تلك الجماعات، وتفنيد الشبهات التي تدلس بها على الناس، وذلك من خلال ندوات ومؤتمرات محلية وعالمية، ومقررات عصرية، ومؤلفات علمية، ترسخ للقيم الإسلامية السمحة، والمواطنة والعيش المشترك، والتعددية، وقبول الآخر، ونبذ العنف والغلو في الدين، والنأي به عن الخلافات والنزاعات إلا أن يُستخدم على وجهه الصحيح، وهو تطبيق هديه لحل المشكلات ونزع فتيل الأزمات؛ فقد جعل الله الاحتكامَ إلى كتبِه المنزَّلة وتعاليمِ رسلِه المرسلة ديدنَ المؤمن الحقيقي في الأديان كافة، وجعل هذه التعاليم مانعةً لنشوب النزاعات والصراعات بين البشر، فإن وقعت فإن الامتثال لها كفيلٌ بحلها. كما أخذ الأزهر الشريف على عاتقه تقويةَ اللُّحمة الوطنية لنسيج المجتمعات، والسعي لإقرار الأمن والسلام بين البشر من دون نظر إلى اختلاف الديانات والثقافات والأعراق.
ولعل حضراتِكم تتابعون ما يقوم به الأزهر الشريف من جهود حثيثة على الأصعدة كافة داخل مصر وخارجها يضيق المقام عن سردها، ومنها جهود «بيت العائلة المصرية»، تلك التجربة الفريدة التي أصبحت نموذجًا يحتذى في العالم؛ لما تقوم به من جهود لوأد الفتن الطائفية داخلَ مصر وخارجَها، كما حدث في المصالحة التاريخية بين فرقاء أفريقيا الوسطى على سبيل المثال. كما تمكن الأزهر بفضل الله تعالى من جمع الفرقاء من أبناء ميانمار هنا في الأزهر الشريف لأول مرة منذ نشوب الأزمة، وذلك بالتنسيق مع مجلس حكماء المسلمين، وقد جرى الاتفاق على مواصلة الجهود حتى المصالحة بإذن الله، ومن جهود الأزهر كذلك ما يقوم به «مركز الأزهر لحوار الأديان» الذي يعمل على إرساء دعائم المواطنة والتعددية الفكرية وتبني ثقافة الحوار والتعايش مع الآخر في العالم كله، وما حوار الأزهر والفاتيكان في قلب مشيخة الأزهر عنا ببعيد، ومن قبله حوار شباب الأزهر مع شباب مجلس الكنائس العالمي، فضلًا عن حوارات وجولات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر شرقًا وغربًا، بالإضافة إلى جهود مرصد الأزهر باللغات الأجنبية في رصد أنشطة الجماعات المتطرفة وتحليل أفكارهم المنحرفة وفتاواهم الشاذة وتفنيد مزاعمهم التي تزعزع أمنَ المجتمعاتِ واستقرارَها.
وختامًا.. أكرر تأكيدي على أن اختلاف الدين لا يسوِّغ ظلمَ الآخر أو التضييقَ عليه أو تحقيرَه أو التقليلَ من شأنه أو تهجيرَه من موطنه، والمسلمُ وغير المسلم في ذلك سواء في الفكر الأزهري، ولقد أعلن الأزهر الشريف استنكاره الشديد لتلك الهجمات التي استهدفت إخواننا شركاء الوطن في كنائسهم أو ديارهم، والتي كان آخرها تلك الممارسات البربرية التي تسببت في ترك بعض إخواننا المسيحيين لديارهم في العريش بسيناء، كما أنني أؤكد أننا إذا أردنا سلامًا وأمنًا حقيقيين يسودان العالم؛ فعلى الذين يملكون القوة، أن يمتلكوا كذلك الإرادة لإنقاذ العالم من الدمار والخراب والفقر والجهل والمرض، وأن يتوقفوا عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وانتهاج التمييز المقيت في التعامل مع الآخر، تلك المعاملة التي تولد الشعور بالقهر والكراهية، وتغذي روح الانتقام، ولا شك أن ذلك لن يُخلِّف إلا مزيدًا من الدمار الإنساني والتراجع الحضاري.
وفقكم الله أيها السادة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.