استغل الرئيس الأميركي جورج بوش خطابه الإذاعي الأسبوعي السبت للأسبوع الثاني علي التوالي في الترويج لفكرة النجاح في العراق بعد أيام حافلة بالأخبار السيئة والمناقشات الحادة بشأن استراتيجيته في الحرب حتى في داخل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نفسها. ومع بدء العد التنازلي لموعد تقديم تقارير مهمة بشأن العراق إلى الكونغرس في سبتمبر المقبل، شرع بوش في التشكيك في رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تارة ثم الدفاع عنه تارة أخرى، كما ألقى بوش خطاباً مهماً شبه فيه مخاطر الانسحاب من العراق ب«حقول القتل» التي حدثت عقب انسحاب الولاياتالمتحدة من فيتنام. وعلى جانب آخر دعا السيناتور الجمهوري جون ورنر، وهو أحد مؤيدي استراتيجية بوش، الرئيس الأميركي إلى التفكير في الانسحاب تدريجياً من العراق لإرسال إشارة إلى المالكي بشأن فشله في التوصل إلى حل سياسي للأزمة العراقية. وفي خطابه الإذاعي السبت قارن بوش بين جهود أميركا في نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، عن طريق عراق حر وديمقراطي، وبين دور أميركا الناجح في نشر الحرية في القارة الآسيوية في القرن العشرين. وقال بوش «إن وجود أميركا الدائم وسعيها الدؤوب في القارة (الآسيوية) ساعدا على نهضة الديمقراطية وساعدا في تحول أعداء أميركا إلى حلفاء لها وجعل بلدنا أكثر أمناً». ويعتبر عشرة سبتمبر المقبل الموعد النهائي لكي يرفع كل من قائد القوات الأميركية في العراق ديفيد بترايوس والسفير الأميركي في بغداد رايان كروكر تقاريرهما إلى الكونغرس بشأن الوضع في العراق. وذكرت تقارير ان بوش، الذي أمر بنشر نحو 20 ألف جندي إضافي في العراق هذا العام، طالب مراراً بالصبر والتأني حتى يقدم كروكر وبترايوس تقاريرهما بشأن مستجدات الوضع في العراق وهو الأمر الذي سيكون محورياً في تحديد مدى نجاح استراتيجيته الحربية. وذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» وكذلك صحيفة «نيويورك تايمز» السبت ان الجنرال بيتر بيس رئيس قيادة الأركان المشتركة قد يحث بوش على خفض عدد القوات المنتشرة في العراق إلى النصف بحلول أواخر عام 2008. غير ان بيس وصف هذه التقارير بأنها مجرد «تكهنات». إلا ان المعارضة لحرب العراق لا تنمو في الأوساط السياسية في واشنطن فحسب بل تتصاعد أيضاً بين أوساط العسكريين، حسبما ذكرت تقارير إعلامية ومقال للرأي نشر الأسبوع الماضي لسبعة جنود أميركيين ينهون جولتهم العسكرية في العراق في الفرقة 82 المحمولة جواً. وكتب الجنود في صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الأحد الماضي «إنه لأمر بعيد المنال أن يظن المرء أن الأميركيين يمكنهم، بقوة محتلة طال بقاؤها رغم تردد المواطنين في استقبالها، التغلب على المواطنين المحليين المتذمرين وسحق المتمردين».