في إطار إستمرار الحوار الإستراتيجي المصري الاميركي، والذي يتم في إطاره مناقشة قضايا المنطقة،ومدى تعاون البلدين في التعاطي مع تلك القضايا، تأتي زيارة أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الحالية لواشنطن والتى أجري خلالها مباحثات هامة في واشنطن أمس مع ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي،وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية تناولت العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولاياتالمتحدة في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، والقضايا الإقليمية والدولية. مباحثات أحمد أبوالغيط وزير الخارجية، والوزير عمر سليمان التي استمرت يومى10،9/7 في العاصمة الأمريكيةواشنطن، تأتي في وقت بالغ الأهمية بالنسبة لتطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وتشير إلي أن مصر تضطلع بدور أساسي ومحوري في الجهود التي تبذل علي الصعيدين الإقليمي والدولي، لإحياء عملية السلام، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقد تناولت المباحثات المصرية الأمريكية وفقاً للمراقبين محورين أساسيين، الاول هو ؛القضايا الهامة في المنطقة وفي مقدمتها سبل إحياء عملية السلام وصولا إلي تحقيق السلام العادل والشامل عبر تسوية القضية الفلسطينية، وإقامة دولتين، إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلي جنب،وفقا لرؤية الرئيس بوش.
والثاني هو، بحث العلاقات الثنائية بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية في جميع المجالات، بما فيها مسألة المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لمصر.
و مع تأكيد المسئولون المصريون دائماً على أن العلاقات المصرية الأمريكية،علاقات قوية بحيث تسمح بالاختلاف والتباين في وجهات النظر بين القاهرةوواشنطن حول بعض المسائل ،أشار أبو الغيط الى تناول المباحثات لموضوع المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية لمصر،ودعوة مصر ألا تستخدم الإدارة الأمريكية هذه المساعدات بشكل يجعل شعور الشعب المصري سلبيا تجاهها ، مؤكدا أهميةً تأمين الاستقرارللعلاقات المصرية الأمريكية الممتدة علي مدي30 عاما. وتعتبر هذه الزيارة هي الثالثة التي يقوم بها ابو الغيط الى الولاياتالمتحدة بعد زيارتين في يوليو 2006 وفبراير 2005 وكان الرئيس حسني مبارك قد زار واشنطن والتقى الرئيس جورج بوش في مزرعته في كراوفورد بتكساس في ابريل 2004 وقبلها في كامب ديفيد في ابريل 2002 وفي واشنطن في ابريل 2001.
ويرى المراقبون أن أهمية جولة الحوار الحالي تظهر من حجم ونوعية البعثة المصرية المشاركة في الحوار وكذلك ما يتضمنه جدول الأعمال من مناقشة قضايا أغلبها إقليمية على مدار يومين،وفي مقدمتها تطورات الوضع في لبنان والأراضي الفلسطينية إضافة إلى قضايا العراق وإيران والمسائل المتعلقة بإفريقيا مثل السودان والصومال، فضلا عن العلاقات الثنائية ومسألة الإصلاحات السياسية والاقتصادية في مصر.
ويشارك في الحوار من الجانب المصري كل من: أحمد أبو الغيط وزير الخارجية والوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية، وفايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي ورشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة، ومن الجانب الأمريكي وزيرة الخارجية كونداليزا رايس، والسفير الأمريكي بالقاهرة فرانسيس ريتشاردوني .
ويذكر أن آخر جولة للحوار الإستراتيجي بين القاهرةوواشنطن كانت قد عقدت في إبريل 2004 على هامش زيارة الرئيس المصري حسني مبارك لواشنطن في ذلك الوقت.
ويرجع الخبراء السياسيون أهمية الحوار الحالي إلى الرغبة الأمريكية في ضرورة الإستعانة بمصر من أجل وضع الحلول للعديد من القضايا الإقليمية المتفجرة والتي قد تؤثر علي المصالح الأمريكية، وخصوصا الصراع الحالي في فلسطين ولبنان والمشكلة التي يمثلها الملف النووي الإيراني للغرب.
ويدللون على هذا بأن هذه الجولة من الحوار جاءت تمت بدعوة من واشنطن لمصر "لإحساس الإدارة الأمريكية بالحاجة للدور المصري في هذا التوقيت الحساس".
وبحسب المصادر نفسها، فإن غالبية القضايا الإقليمية التي تهتم واشنطن بتسويتها أو وقف التصعيد فيها تحتاج إلى الدور المصري الإقليمي، خصوصا قضايا فلسطين ولبنان والسودان والعراق وحتى إيران والصومال.
ووكان الرئيس مبارك قد أكد لصحيفة "الوطني اليوم" -الناطقة باسم الحزب الوطني - الاسبوع الماضى أن "العلاقات المصرية - الأمريكية متينة وإستراتيجية تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة، وهي تتسع لبعض ما يحدث من خلافات في وجهات النظر، خاصة حول القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط"، مشددا على أن "العلاقات الدولية لا تقوم على ضرورة تطابق وجهات النظر حول كل القضايا، وفي جميع الأحوال". وأضاف مبارك -معلقا ضمنا على الجدل في الكونجرس الأمريكي مؤخرا حول المعونة الأمريكية لمصر، ومطالبة البعض بتخفيضها بسبب تراجع الإصلاحات في مصر، والذي حسم لصالح استمرار المعونة لمصر- "أننا استفدنا من المساعدات الأمريكية خلال السنوات الماضية في تنفيذ برامج وسياسات التنمية، وفي تحديث قواتنا المسلحة، ولكن الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول، يعلمون جيدا أن مصر لا تقبل الضغوط، أو التدخل في شئونها الداخلية". ووجدير بالذكر أنه كان قد طرأ تحسن نوعي على العلاقة المصرية الامريكية منذ 30 عاما بعد اتفاق كامب ديفيد بين الرئيس المصري الراحل انور السادات ورئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيجين في سبتمبر 1978 حيث بدأت المساعدات العسكرية والاقتصادية الامريكية لمصر. لكن هذه المساعدات المنتظمة سنويا تعرضت للجدل في 22 يونيو الماضي حين اقرت لجنة المخصصات المالية في مجلس الشيوخ موازنتها السنوية للعام 2008 وادرجت فيه بندا يحجز فيه 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية الى مصر التي تبلغ 3ر1 مليار دولار حتى تحسن مصر سجلها في حقوق الانسان وتوفر استقلالية القضاء وتوقف تدفق الاسلحة الى غزة عبر الحدود البرية المشتركة على حسب الاقوال الأمريكية.
ومن ناحية أخرى أعلن وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط الاثنين في واشنطن ان وزيرا خارجية مصر والاردن اجلا زيارتهما التي كانت مقررة الخميس لاسرائيل لمناقشة سبل تحريك عملية السلام الى اشعار اخر. وكان متحدث باسم الخارجية المصرية اعلن في الخامس من يوليو الجاري ان وزيري خارجية الاردن عبد الاله الخطيب ومصر احمد ابو الغيط سيقومان بزيارة قريبة الى اسرائيل "في اطار التحرك العربي لتفعيل مبادرة السلام العربية والاتفاق على تشكيل مجموعة عمل تنبثق عن لجنة السلام التابعة للجامعة العربية للاتصال بكافة الاطراف المعنية من اجل دفع جهود استئناف عملية السلام وفقا للمبادرة العربية".
وجدير بالذكر أن وزراء الخارجية العرب كانوا قد قرروا إثر اجتماع عقدوه في ابريل الماضي تشكيل مجموعة عمل من مصر والاردن للتباحث مع اسرائيل حول استئناف عملية السلام على اساس مبادرة السلام العربية التي اقرت في قمة بيروت في 2002. وقرر القادة العرب العمل على تفعيل هذه المبادرة خلال القمة العربية الاخيرة التي عقدت في نهاية مارس في الرياض.
وهكذا تبرهن الأحداث أن مصر دولة لها دوراً رئيسياً في هذه المنطقة المليئة بالتوترات، والتي تتصاعد فيها الأزمات من لبنان، وحتى الصومال،مروراً بالعراق والسودان ولابد من تبادل الرأي والمشورة بين مصر والولاياتالمتحدة من أجل إحلال السلام فى هذه المنطقة.