تعرض القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي الأحد المقبل فيلما جديدا يتضمن معلومات جديدة عن العملية التي نفذها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي«الموساد» لتهريب طائرة مقاتلة عراقية من طراز ميج - 12 إلى إسرائيل قبل أكثر من 40 عاما. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية ان «مركز تراث الاستخبارات» الإسرائيلي قدم عرضا أوليا يوم الأحد الماضي للفيلم الوثائقي الجديد في مقر المركز وإن القناة الأولى ستعرض الفيلم يوم الأحد المقبل. وكان طيار عراقي يدعى منير ردفا هبط في يوم 16 أغسطس 1966 بطائرة «ميج - 21» في قاعدة حتسور التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي. وفي هذه الفترة امتلك عدد من أسلحة الجو العربية هذه الطائرة السوفييتية الصنع فيما لم يكن الغرب يعرف شيئا عن هذه الطائرة المقاتلة والأجهزة وأنواع الأسلحة التي تستخدمها كما أنها كانت تعتبر الطائرة الأكثر تطورا في العالم خلال فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي. وبحسب الفيلم الإسرائيلي الجديد فإن ردفا هرّب الطائرة المقاتلة من العراق إلى إسرائيل في إطار عملية نفذها الموساد الإسرائيلي وتم إطلاق اسم «الطائر الأزرق عملية جوهرة» عليها وأدت إلى رفع حظر بيع أسلحة على إسرائيل كانت قد فرضته الولاياتالمتحدة.
ويكشف الفيلم الذي يمتد على 50 دقيقة وأنتجه الإسرائيلي شموئيل إيمبرمان كافة التفاصيل تقريبا حول عملية تهريب ال«ميغ - 21» وقد ساهم في إنتاجه «مركز تراث الاستخبارات» والقناة الأولى ولأول مرة يتعاون الموساد مع إنتاج الفيلم وسمح باستخدام مواد مخزنة في أرشيفات إسرائيلية سرية. وبدأت فكرة تهريب طائرة «ميغ - 21 » في العام 1965 عندما طلب قائد سلاح الطيران الإسرائيلي في حينه اليعزر وايزمان من رئيس الموساد في حينه مائير عميت «أحضر لي ميج - 21». وقد تم تعيين رجل الموساد رحافيا فاردي قائدا للعملية وكان لدى الموساد معلومات حول وجود 34 «ميج - 21» بحوزة مصر و18 بحوزة سوريا و10 بحوزة العراق.
وكان للموساد «طرف خيط» في العراق يتمثل برجل أعمال يهودي يدعى يوسف شيمش الذي كان يعمل كمتعاون مع الموساد وأقام علاقة غرامية مع شابة مسيحية كانت شقيقتها متزوجة من ردفا الطيار في سلاح الجو العراقي. وأوصل شيمش بين الموساد وردفا الذي كان، بحسب الفيلم الإسرائيلي، خائب الأمل في تلك الفترة بسبب عدم ترقيته على خلفية انتمائه للأقلية المسيحية في العراق مثلما تم ترقية زملائه كما أن ردفا انبهر من الحياة في الغرب التي اطلع عليها خلال تواجده في دورة في الولاياتالمتحدة.
وبمساعدة عملية تغطية نسجها الموساد وصل ردفا إلى العاصمة الايطالية روما حيث التقى هناك مع طيار من سلاح الجو الإسرائيلي وهو العقيد زئيف ليرون وبعد وقت قصير أصبحا صديقين وسافرا جوا إلى اليونان وهناك كشف ليرون لردفا حقيقة كونه طيارا عسكريا إسرائيليا.
وفي اليونان تم منح ردفا هوية مزورة وأصبح اسمه موشيه مزراحي لكي يتوجه إلى إسرائيل ليتعرف على المكان الذي سيهرب ال «ميج» إليه.ومكث ردفا ثلاثة أيام في إسرائيل وقاد طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي لمدة 50 دقيقة وكان بجانبه رئيس شعبة الاستخبارات التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي العميد شايكي بريكِت. ويكشف الفيلم للمرة الأولى صورا لردفا أثناء زيارته الأولى لإسرائيل وهي صور تم التقاطها سرا دون معرفته لكي تكون وسيلة ضغط عليه في حال قرر التراجع عن قراره بالفرار لإسرائيل.
وقبل شهر من وصول ال«ميج» لإسرائيل وبعدما غادر أفراد عائلته العراق أبلغ ردفا الموساد بأنه أنهى كافة الاستعدادات، تم إطلاع رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول على العملية السرية. وتظهر في الفيلم للمرة الأولى أيضا صور هبوط ال«ميغ» وصور طائرات مقاتلة إسرائيلية من طراز «ميراج» التي انطلقت لمرافقة الطائرة العراقية كما يعرض الفيلم صورا للتجربة الأولى التي أجراها طيار إسرائيلي على«ميج- 12». ويبث الفيلم شريط تسجيل لاتصال ردفا مع برج المراقبة الإسرائيلي لدى وصوله بالطائرة .وبعد شهر من وصول ال«ميغ» لإسرائيل تم تسليمها لسلاح الجو الأميركي الذي درس الطائرة السوفييتية بدقة، وذلك مقابل «هدية» لإسرائيل تتمثل باستبدال الطائرات المقاتلة الإسرائيلية، من طراز «ميراج» و«فيتور» الفرنسية، بطائرات «فانتوم» المتطورة.
وبعد عام واحد من وصول طائرة «ميج - 21» إلى إسرائيل اندلعت حرب الأيام الستة وقد اسقط الطيران الحربي الإسرائيلي خلالها عشرات طائرات «ميج -21» بعدما أصبح الطيارون الإسرائيليون يعلمون تماما أماكن ونقاط ضعف الطائرة السوفييتية. ويذكر أن ردفا وعائلته لم يتمكنوا من التأقلم والبقاء في إسرائيل حيث نظم لهم الموساد سكنا في دولة غربية وقد مات ردفا قبل تسع سنين جراء إصابته بنوبة قلبية.(يو بي آي)