فتحت البنوك في قبرص ابوابها مجددا الخميس بعد وضع قيود صارمة على رأس المال بعد اغلاق دام اسبوعين تقريبا في وقت كان فيه المفاوضون يسعون للتوصل لاتفاق بشأن خطة إنقاذ دولية للجزيرة. واصطف العملاء بهدوء في طوابير طويلة أمام فروع البنوك في نيقوسيا في الوقت الذي انتشر فيه رجال الشرطة والأمن الخاص لحفظ النظام أمام وداخل البنوك. وقال ديميتريس أنطونيو مدير فرع "بنك أوف سيبروس" في وسط العاصمة نيقوسيا أمام طابور يضم حوالي 60 شخصا قبل فتح باب الفرع "نطلب منكم الصبر. نحن نبذل قصارى جهدنا ونفعل كل شيء لتسهيل المعاملات". وأضاف أمام عشرات رجال الأمن والصحفيين الذين تجمعوا أمام باب البنك "نحن نحتاج فقط إلى التعاون والتفهم لآننا سنظل هنا طوال اليوم". وفي الوقت نفسه فإن فروع ثاني أكبر بنك في قبرص وهو لايكي بنك لم تفتح أبوابها حيث أن خطة الإنقاذ المالي تتضمن إعادة هيكلة البنك وتقسيمه إلى جزئين الأول يضم الأصول المعدومة والمشكوك في تحصيلها وتتولى الدولة التعامل معه والثاني يضم الأصول الرابحة وينضم إلى "بنك أوف سيبروس". ومع استئناف البنوك عملها قرر البنك المركزي القبرصي فرض مجموعة من القيود على حركة الأموال بهدف حماية النظام المالي من الانهيار نتيجة اندفاع المودعين إلى سحب ودائعهم وإخراجها من البلاد واستنزاف السيولة النقدية في قبرص.من ناحيتها دعت أليكي ستيليانو المتحدثة باسم بنك قبرص المركزي المودعين إلى ضرورة التحلي بالهدوء وتفادي إلحاق الضرر بالقطاع المصرفي ككل. ولن يسمح لأي عميل بسحب أكثر من 300 يورو (383 دولارا) في اليوم الواحد كما لن يتم السماح لأي قبرصي بالسفر خارج الجزيرة وبحوزته أكثر من 1000 يورو في الرحلة الواحدة وذلك قبل يوم واحد من السماح بإعادة فتح البنوك القبرصية التي ظلت أبوابها مغلقة لمدة 15 يوما تقريبا حيث لم يكن مسموحا لأي شخص سحب أكثر من 100 يورو يوميا من ماكينات الصراف الآلي. وتشمل الإجراءات التي اقترحها البنك المركزي القبرصي فرض حد أقصى للأموال التي يمكن تحويلها إلى الخارج عبر البنوك أو سحبها ببطاقات الائتمان بمقدار 5000 يورو (6380 دولارا) شهريا. ومن ناحيتها قالت المفوضية الأوروبية إن ضوابط رأس المال المطبقة من جانب قبرص لمنع استنزاف بنوكها هي إجراءات مبررة وتتفق وقواعد الاتحاد الأوروبي بينما دعت أيضا إلى عودة حرية الحركة لرأس المال في أسرع وقت ممكن. وسيتم السماح للشركات بتحويل أموال المرتبات إلى أصحابها لمساعدة الشركات التي تضررت بشدة خلال الأيام الماضية بعد أن اضطر المستهلكون إلى الحد من مشترياتهم بسبب عدم توافر السيولة النقدية لديهم. وفي الوقت نفسه، يجب إبلاغ السلطات بعائدات التصدير خلال أسبوعين من تحصيلها في حين يسمح للقبارصة الذين يبيعون منازلهم بالاحتفاظ بأموالهم في حسابات مصرفية محلية لمدة شهرين على الأقل لمنع تحويل الأموال إلى حسابات مصرفية خارجية. وتأتي هذه القيود على حركة رؤوس الأموال بعد نجاح قبرص في تفادي الانهيار المالي في وقت سابق الأسبوع الحالي بعد اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي على حزمة قروض إنقاذ بقيمة 10 مليارات يورو (13 مليار دولار). يذكر أن قبرص هي أول حكومة في منطقة اليورو تفرض قيودا على حركة الأموال في إطار جهودها لمنع انهيار النظام المالي فيها.يأتي هذا فيما أرسل البنك المركزي الأوروبي أمس حوالي 5 مليارات يورو كتمويل طارئ لقبرص. وتم نقل الأموال تحت الحراسة المشددة من مطار لارناكا إلى مقر البنك المركزي القبرصي في نيقوسيا، بحسب صحيفة كاثميريني. كانت قبرص نجحت الأثنين الماضي في التوصل إلى اتفاق جديد بشأن قروض الإنقاذ التي تطلبها ويسقط الاتفاق الشرط السابق الخاص بفرض ضرائب على الودائع المصرفية والذي واجه رفضا متكررا من جانب البرلمان القبرصي مقابل إعادة هيكلة أكبر بنكين في قبرص وتحميل أصحاب الودائع التي تزيد عن 100 ألف يورو جزءا من الخسائر الناجمة عن إعادة الهيكلة حيث من المتوقع خصم ما بين 30 و40% من قيمة هذه الودائع.