أكد تقرير جديد للبنك الدولي أن معدل مشاركة النساء في أسواق العمل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يتجاوز نصف المعدل العالمي, مشيرا إلى أن الحواجز القانونية والاجتماعية وعدم كفاية المهارات وضيق آفاق نمو القطاع الخاص هي أبرز المعوقات التي تعترض مشاركة النساء في اسواق العمل في المنطقة. جاء ذلك في تقرير جديد أصدره البنك الدولي اليوم, بعنوان "فتح الأبواب: المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في مؤتمر استضافه مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت ومؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن بالتعاون مع البنك الدولي. وأوضح التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خطت خطوات رائعة خلال العقود الأربعة الماضية لتضييق الفجوات بين الجنسين, وخاصة في مجالي التعليم والرعاية الصحية, ولكن من المفارقات أن هذه الاستثمارات في الموارد البشرية لم تقابلها زيادة في المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة, ولا يتجاوز معدل دخولها في أسواق العمل بالمنطقة نصف المعدل العالمي. ويرى التقرير أن التغيرات التي اجتاحت المنطقة على مدى العامين الماضيين تتيح فرصا لتعزيز جهود تحقيق المساواة بين الجنسين ولكنها تزيد أيضا من مخاطر التراجع. وتعليقا على ذلك, قالت إنجر أندرسن نائبة رئيس البنك الدولي لشئون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مقدمة التقرير: "لقد رأينا النساء اللائي تتغير طموحاتهن تغيرا سريعا ولا تصغي حكومات بلدانهن لاحتياجاتهن في ميادين التظاهر وساحات الاحتجاج.. ولا شك أن هذه الحقيقة مسألة مهمة يتعين معالجتها في ظل التحولات العميقة التي تمر بها المنطقة." وأبرز التقرير الحواجز التي تعوق قدرات النساء على صنع القرار والاختيار والقدرة على الانتقال والحصول على الفرص. من جانبها, قالت مانويلا فيرو مديرة قطاع الحد من الفقر وإدارة الاقتصاد في مكتب المنطقة: "إن ما يقف في الغالب حائلا بين النساء وفرص العمل هو الحواجز القانونية والاجتماعية.. وقد استثمرت بلدان المنطقة بحكمة في تعليم المرأة, لكنها لم تستغل بعد استغلالا كاملا إمكانياتهن للمساهمة في تحقيق النمو والرخاء.. والخلاصة أن زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة هي من مقومات حسن الاستغلال الاقتصادي للموارد." ويشير تقرير البنك الدولي بعنوان "فتح الأبواب: المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إلى أن وتيرة خلق فرص العمل في القطاع الخاص بالمنطقة كانت أضعف من أن تستوعب الأعداد الكبيرة والمتنامية للشبان الباحثين عن وظائف.. وفي ظروف صعبة كهذه, لا تستطيع النساء المنافسة على قدم المساواة.. وتصل معدلات البطالة بين النساء الشابات إلى 40 في المائة في كثير من دول المنطقة..ومن ثم, فإن أحد التحديات ذات الأهمية البالغة في مجال السياسات سيتمثل في خلق مجموعة واسعة ومتنوعة من فرص العمل للنساء والرجال. وأوضح أنه حتى إذا تم خلق فرص العمل, فإن هناك حاجة إلى جهود موجهة على عدة جبهات لزيادة مشاركة النساء في المجالات الاقتصادية والسياسية, ويجب أن تتسق هذه الجهود مع السياق الخاص بكل بلد. وتشتمل هذه الجهود على إجراء تغييرات في السياسات لضمان مساواة النساء أمام القانون, ومعالجة النقص في المهارات وعدم توافقها مع احتياجات سوق العمل, والسعي الحثيث لتعزيز مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية والمدنية والسياسية. الجدير بالذكر أن البنك الدولي قد أجرى مشاورات مع العديد من الأطراف المعنية في شتى أنحاء المنطقة لجمع مساهمات في هذا التقرير.. وأكدت النساء مرارا رغبتهن في العمل وأبرزن نقص فرص العمل مع التشديد على المعوقات التي تخلقها المعايير المحافظة المتعلقة بدور المرأة.. وكان الرأي السائد في هذه المناقشات هو الدور الذي تلعبه القوانين التي تحكم قدرة المرأة على ممارسة حق الاختيار والانتقال بحرية والحصول على الفرص. وبناء على استنتاجات التقرير, أوجزت تارا فيشواناث كبيرة الخبراء الاقتصاديين في مجموعة الحد من الفقر وإدارة الاقتصاد عددا من التوصيات, حيث قالت: "سيتعين على بعض الدول تضييق ما تبقى من فجوات في المساواة بين الجنسين في الرعاية الصحية والتعليم وتحسين مستويات تقديم الخدمات.. ويجب عليهم جميعا السعي الحثيث لتعزيز الفرص الاقتصادية المتاحة للنساء من خلال إزالة المعوقات أمام مشاركتهن في سوق العمل ورعاية مشروعات العمل الحر.. ومن المهم أيضا ضمان أن تتاح للنساء قدرة أكبر على التعبير عن آرائهن واللجوء إلى نظام قضائي عادل". ويشدد التقرير على أن تصميم حزم من السياسات الفعالة سيتوقف على أوضاع كل بلد على حدة, ويجب أن يسترشد بالشواهد والبيانات.