نتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة تخصيص أماكن ترفيهية للنساء فقط بدأت بحمامات السباحة في بعض النوادي الرياضية ثم انتقلت إلي المصايف الشهيرة التي خصصت اجزاء منها لتكون شواطئ خاصة لحواء فقط فأقبلت عليها الكثيرات وجدن فيها الخصوصية التي افتقدنها في الأماكن المختلطة حيث اتيحت لهن فرصة ممارسة جميع الأنشطة الترفيهية مثل السباحة واللعب بالكرة والرقص علي أصوات الموسيقي المنبعثة من كل مكان. والشيء المثير في هذا الموضوع هو أن مثل هذه الأماكن المخصصة للنساء فقط ليست مقتصرة علي بلدنا باعتبارها دولة شرقية محافظة ولكنها أخذت في الانتشار في دول أوروبية وأسيوية وأمريكية حيث كثر الحديث في الاونة الأخيرة عن ميلاد حركة تعرف باسم للنساء فقط وتشمل تخصيص فنادق ونواد رياضية وتاكسيات وأندية ليلية ومقاه ومطاعم ووسائل مواصلات خاصة بالنساء فقط في معظم دول العالم المتقدمة.. ولاقت هذه الأماكن اقبالا كبيرا من النساء مما دفع أصحاب رؤوس الأموال إلي زيادة استثماراتهم فيها ليس بهدف تكريس مفهوم التمييز بين الجنسين ولكن من منظور إتاحة الفرص للنساء اللاتي يعملن مثل الرجال بالتمتع بأوقات خاصة يمارسن فيها حياتهن بحرية وانطلاق في غياب العيون الجريئة التي تتلصص عليهن. ففي تركيا مثلا وفي الدولة السياحية والعلمانية تنتشر اعلانات في كبري الصحف والمجلات عن شواطئ للنساء فقط ولاقت هذه الإعلانات اقبالا كبيرا من نساء العالم كله. ولم يقف الأمر عند هذا الحد حيث سارعت مدينة ريسيون التي تقع علي شاطيء البحر الادرياتي في ايطاليا باعلان تخصيص شاطيء خاص للجنس الناعم تتوافر فيه كل وسائل الترفيه والرياضات المختلفة ومتخصصات في التجميل.. ولاقي نفس الاقبال. وفي العاصمة الفرنسية باريس تم انشاء نادي كورف وهو سلسلة من النوادي الرياضية الأمريكية الشهيرة الخاصة بالنساء والمنتشرة في دول عديدة يقدم لعضواته خدمات رياضشية متميزة لتقوية عضلات الجسم وتعليمهن التنفس السليم وفنون الاسترخاء.. ورفع النادي الباريسي شعارا هو لا للمرايا لا لمستحضرات التجميل ولا للرجال. ويقول أحد المدربين العاملين في هذا النادي إن النساء اللاتي سارعن بالانضمام له وضعن نصب أعينهن هدف ممارسة الرياضة لإنقاص الوزن, ونجحن في تحقيق الهدف بسهولة وفي فترة محددة نتيجة عدم وجود ما يشتت تفكيرهن أو يمنعهن من قضاء ساعات طويلة في ممارسة أنواع مختلفة من الرياضات مثل الاهتمام بالمظهر ووضع مساحيق التجميل والنظر إلي المرآة من حين لآخر.. وهي الأمور التي لا تقوم بها النساء عادة في حالة وجود رجال في المكان.. هذا ما تؤكده ايضا فرانسيس احدي عضوات النادي موضحة ان الجو السائد في هذا المكان مشجع ومفرح خاصة ان النساء عندما يجتمعن بمفردهن في مكان تختفي روح المنافسة بينهن وبالتالي تختفي الحساسيات والمنغصات. وفي هذا الإطار بدأت تنتشر صالات ممارسة الرياضة المخصصة للنساء فقط اقبلت عليها النساء لأن فكرة بذل الجهد بدون الإهتمام بالمظهر تسمح لهن بتحقيق نتائج مبهرة من حيث انقاص الوزن في فترات قصيرة. وفي اليابان بدأت مثل هذه الأماكن تنتشر بشكل كبير ايضا لدرجة أنها بدأت تسبب القلق للحكومة التي تواجه مشكلة انخفاض كبير في عدد السكان ففي طوكيو العاصمة مثلا أصبح يوجد فصل تام بين الرجال والنساء في وسائل المواصلات لمواجهة مشكلة التحرش الجنسي بالنساء.. كما انتشرت بها أيضا الفنادق الخاصة بالجنس اللطيف فقط وكذلك البوتيكات والمطاعم ودور السينما, وغيرها مما جعل بعض الرجال يطالبون بالمساواة بينهم وبين النساء! وفي لندن انتشرت في شوارعها تاكسيات لونها وردي تقودها نساء ولا يسمح فيها الا بركوب النساء بعد أن أظهرت سجلات الشرطة الانجليزية ان عشر نساء علي الأقل يتعرضن شهريا لهجوم أو اعتداء من جانب سائقي تاكسيات لا يحملون رخصا وتوالت الأماكن التي تقدم خدماتها للنساء كشركات تأمين كل موظفيها من النساء ولا تتعامل سوي مع الجنس اللطيف للتأمين علي السيارات. وإذا انتقلنا إلي مجال السياحة سنجد أن مفهوم تقديم خدمات للنساء فقط أخذ في الاتساع حيث ظهرت في فرنسا أول شركة سياحية تحمل اسم نساء العالم هدفها اتاحة الفرصة للنساء من مختلف المجالات للالتقاء ببنات جنسهن في بلاد أخري. وعلي الفور رصدت مجلة رحلات عمل هذه الظاهرة وبدأت تتبعها من خلال تحقيقات يجريها محرريها في الدول السياحية المختلفة, فوجدوا فنادق تخصص طوابق بأكملها للنساء بهدف إرضاء سيدات الأعمال اللاتي يتضاعف عددهن يوما بعد يوم مثل فندق مليا جايا سبورتو في البرتغال وفندق جرانج سيتي هوتيل في لندن وهو فندق خمس نجوم خصص طابقا مكونا من68 غرفة للنساء فقط وفندق ارتميزيا في برلين. كذلك ظهرت نواد لسيدات الأعمال وشبكات انترنت وفي أمريكا نواد ليلية لا ترتادها سوي النساء.. فالفكرة في مجملها تتلخص في محاولات لارضاء النساء وتوفير أماكن تسمح لهن بالانطلاق والاستمتاع بالحياة بعيدا عن الرجال. فما رأي المتخصصين, في هذه الظاهرة الاخذه في الإنتشار هل يرونها نوعا من الارتداد للحركات النسائية أو يرون فيها مجرد أماكن تسمح للنساء باللهو والاستمتاع البريء في جو لا تسوده الرغبة في التنافس علي جذب انتباه الرجال؟.. يقول الأن توران عالم الإجتماع ومؤلف كتاب عالم النساء أن رغبة هؤلاء في الوجود في أماكن خاصة بهن لا تعبر عن رغبة دفينة في الانطواء علي أنفسهن لأن النساء اللاتي يرتدن هذه الأماكن متعلمات ويشغلن مناصب رفيعة وهن لسن منغلقات بحال من الأحوال.. لذلك لا يوجد تناقض بين الرغبة في المساواة بالرجال التي لا يأمن المطالبة بها, وبين الرغبة في الوجود بمفردهن أحيانا ليمارسن حياتهن بحرية خاصة أن الرجال منذ قديم الزمان يمارسون أنشطة خاصة بهم بدأت بالحروب والرياضة وحتي السياسة. ويضيف في كتابه أن النساء اليوم أكثر من أي وقت مضي في حاجة إلي مساحة لتبادل الأحاديث الخاصة بهن بدون وجود الجنس الخشن بجانبهن خاصة ان هذه الأماكن غير المختلطة تسمح لهن بممارسة أنشطة مختلفة بدون الحاجة إلي بذل أي محاولات لإثارة اعجاب الرجال.. هذا بالإضافة إلي أن الدراسات العلمية الحديثة التي اجراها أثبتت بالدليل القاطع أن النساء قادرات علي تبادل الأحاديث الإيجابية بشكل أفضل في حالة عدم تدخل الرجال لأنهن أكثر قدرة علي تحليل الأمور والمواقف ويتمتعن بقدرات ابتكارية تفوق الرجال: ويستطرد قائلا انه رصد من خلال تجاربه التي بدأها عام1970 أن النساء عندما يجتمعن معا لا يركزن في أحاديثهن علي الرجال علي عكس الاعتقاد الشائع وانما يتحدثن أكثر عن أمهاتهن وأطفالهن وأعمالهن.. وتوصل في النهاية إلي حقيقة ان هذه الظاهرة التي تحمل شعار ممنوع للرجال لا تعني علي الإطلاق وجود تراجع في مسيرة النساء لكنها مجرد رغبة في إعادة البناء الذاتي وإعادة جمع ما مزقه الرجال من قبل بكلماتهم وشعاراتهم التي كانت تدور حول الفصل بين الجسد والروح وبين الخاص والعام.. وتعكس وجهة نظر المؤلف هذه ترحيبه الشديد بهذه الظاهرة الصحية لإدراكه التام بأنها تتيح فرصا رائعة للنساء اللاتي تعودن دائما شغل المرتبة الثانية في أي مكان يتواجدن فيه, ولكنهن اليوم في ظل هذه الظاهرة بدأن يشغلن المكانة الأولي