اعتدنا سماع كلمة للرجال فقط في كثير من المواقف والوظائف وكثير من الأماكن التي لا يملأها سواهم ولكن أن تنقلب الآية ويصبح التخصص لصالح النساء فهذا جديد. فقد ظهرت مؤخرا كثير من المجلات الفنية والاجتماعية والمواقع الإلكترونية للفتيات والنساء فقط والتي بدأت بمجلة حواء التي كانت تناقش قضايا المرأة وتهتم بها لتفتح بذلك المجال لكثير من المجلات التي تهتم بالمرأة وتقدم لها موضوعات متنوعة ومقالات خاصة بها وبحياتها الاجتماعية مثل مجلة هي ومجلة إشراقة والعروسة التي تهتم بشئون العرائس وبنصائح التجميل. أما عن المواقع الإلكترونية التي تهتم بالفتيات والصبايا فهي كثيرة جدا girlstats، gogrls، girlyworld وكلها مواقع تتحدث عن المهارات الخاصة بالفتيات والأمور التي تهمهن وآخر صيحات الموضة والأزياء حتي تم عمل موقع تحت اسم aerogirl حيث يحصل علي تشجيع وتحفيز الفتيات علي تعلم الطيران، وأصبحت هناك مقاه للفتيات فقط وأشهرها مقهي «صبايا». وحتي الديسكوهات تخصص منها للفتيات فقط ترفع عليها لافتة «ممنوع دخول الرجال» حيث تكون الفتيات علي حريتهن بلا قيود، وأيضا المواصلات والتي رأينا منها نموذجا مصغرا وهو عربة السيدات بالمترو ومؤخرا مشروع تاكسي السيدات وحتي الجروبات علي الفيس بوك والتي تطالب بعمل مواصلات وأتوبيسات خاصة بالسيدات فقط مثل جروب «مواصلات للبنات وبس» حيث عمل مواصلات لا يركبها سواها ولا يقودها غيرهن. مطلوب إنسات وفي الوظائف فأصبحت الآن «مطلوب آنسات وفتيات للعمل»، إلي جانب وجود بعض الشركات التي لا توظف سوي السيدات، ولقد استفسرنا عن سبب هذا من إحدي مالكات هذه الشركات وهي السيدة «علا الخوازيري» والتي تمتلك شركة دعاية وإعلان والتي أكدت أنها لا تعين لديها غير الفتيات وذلك حتي يستطعن العمل بحرية وبدون قيود أو قلق من حدوث أي تحرشات أو مشاحنات بينهن وبين الرجال. وعن آراء الفتيات أنفسهن والشباب فيقول «أحمد عبدالغفار» 23 سنة، أن هذا غير طبيعي لأن الاختلاط شيء عادي ومنطقي وفكرة فصل السيدات عن الرجال في كل شيء أمر ليس له أي مبرر ولن يطبق بشكل صحيح وأكبر دليل علي ذلك عربة السيدات بالمترو فهي تطبق بشكل خاطئ فالرجال يركبون بها أحيانا بعد منتصف الليل كما أن النساء يملأن باقي عربات المترو فلا أهمية لهذا الفصل الذي لا يمنعنا من الاختلاط في النهاية. أما «غادة صلاح» 22 سنة تري أن هذا أمر جيد ولكن ليس في كل الأحوال حيث في بعض الأحيان نحب نحن الفتيات أن نكون علي حريتنا بدون قيود أو تحفظات ولكن ليس بشكل مستمر لأن هذا يعتبر انعزالا عن العالم. ويري «محمد مسعد» 24 سنة أن هذا الأسلوب خاطئ لأن الوضع الآن تغير وأصبحت مشاركة المرأة ضرورية في كل شيء وأصبح وجودها في الشارع وفي كل مكان أمرا طبيعيا فلا نتخيل أن تعزل المرأة في عملها ومواصلاتها وحتي أماكن ترفيهها. أما «فاطمة سعيد» 30 سنة تري أن هذا أمر غير مقبول لأننا لم نناد بحرية المرأة وتحررها ومشاركتها في كل شيء لنقوم في النهاية بعزلها عن المجتمع وتخصيص أماكن لها بعيدا عن الرجال. وتقول الدكتورة «هدي زكريا» أستاذة علم الاجتماع إن هذا التخصيص جيد لأنه المتنفس الوحيد للفتيات للاستمتاع بوقتهن خارج المنزل وكنوع من الأمان في الشارع المصري الذي يملأه التحرشات وفي وسط مجتمع ذكوري تسوده ثقافة الرجل أولا، فالشارع المصري ملك للرجال فقط طوال الوقت فلم لا يكون هناك للسيدات الحرية في بعض الأماكن وسط هذا الشارع الذي هو من المفترض أن يكون ملكا للجميع لأن قيم الشارع القديمة لم تعد موجودة الآن. حق أنساني فالرجال يعتبرون السيدات «ضيفا ثقيلا غير مرغوب فيه» وكأنهن يخرجن من بيوتهن فقط لإغراء الرجال مع أن هذا غير صحيح فالنساء لهن دور إيجابي ومتميز في المجتمع ولهن حق إنساني في الخروج للمجتمع والمساواة بالرجال ولكن الرجال يتعاملون مع النساء من منطلق «ارجعوا البيت وإلا هنتعرض لكم بالتحرش» لذا فهذا التخصص يعطي الفتيات والسيدات قسطا من الحرية والأمان الذي يفتقدونه في الشارع المصري، أما عن عربة السيدات بالمترو فهذا احترام للنساء وتقدير لهن وإعطاؤها بعض الخصوصية وحمايتها من التحرش فهي فكرة جيدة، وعن تخصيص المجلات والمواقع فهو شيء ترفيهي لا ضرر منه بل هو يساعد المرأة علي الاهتمام بنفسها وعملها وبيتها وأولادها ولا يعتبر هذا تخصصا سلبيا بل هو إيجابي في ظل مجتمع يحتاج إلي إعادة هيكلة تفكيره وحتي نستطيع أن نغير ثقافة سائدة وهي أن المرأة مكانها الأول والأخير هو المنزل، فلابد من إعادة تربية المجتمع برجاله ونسائه، وإلي أن يحدث هذا سيكون مر علينا خمسون عاما فهل سنظل كل هذه السنوات محبوسات في منازلنا ننتظر التغيير بالطبع لا فهذه الظاهرة ليست تخصصا علي قدر كونها محاولة لإثبات وجودنا في الشارع المصري إلي أن نحصل علي حقوقنا كاملة. أما «هالة عبدالقادر» المدير التنفيذي للمؤسسة المصرية لتنمية الأسرة، فتختلف معها حيث تري أن هذا التخصيص سلبي لأنه يقسم المجتمع فعليا إلي قسمين، فمن المفترض وجود فكرة المساواة والتمتع بالحقوق كاملة ولكن هذه الفكرة وهي التخصص فهي تؤكد الصورة الموجودة وهي العزل والتهميش وأن النساء غير قادرات علي اختراق كل الأماكن التي تصور الرجال أنها ملك لهم وحدهم، فلابد أن نشعر بالحرية في أي مكان وتحت أي ظرف دون تخصيص أماكن ومواقع للنساء فقط لأن هذا الفصل سيقسم المجتمع ومع الوقت لن نجد مكانا لنا وهذا أمر سييء للغاية.