يعتزم الحلاق السوري محمد السحار والمعروف باسمه الآخر حلاق الفنانين في سوريا إصدار كتاب ضخم سيتضمن مذكراته المصورة وصداقاته الشخصية التي تربطه بمعظم النجوم العرب الذين رافقهم عن قرب، واستطاع توطيد علاقته معهم، بحيث لم تعد تلك العلاقة بين حلاق وزبون، بل تعدتها لتكون صداقة كبيرة منذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن . ولا يخفي السحار علاقته مع نجوم العالم العربي، بل تراه يحتفي بهذه العلاقة من خلال صور وزعت على جدران محله الكائن في وسط العاصمة دمشق، ويبرز على رأس هذه الصور صورته مع عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب وحسين فهمي وأسعد فضة وفريد شوقي وغيرهم من النجوم.. ولفتتنا صورة تجمعه مع الممثلة نجلاء فتحي، فسألناه: هل كنت تزين لها شعرها أيضاً؟ فقال لا هذه صورة من فيلمي اليتيم معها. وللحلاق في المجتمعات العربية ميزته في دخول الأماكن المحظورة واللقاء بالشخصيات الكبيرة للحاجة التي تدعو إلى ذلك ولا يخفي السحار أنه كان يحلق شعر بعض الزعماء العرب والأجانب وبينهم الزعيم الكوبي فيديل كاسترو من دون أن يرغب بتسمية الآخرين. وقال: ربما أذكرهم في الكتاب الذي أنوي إصداره قريبا. فشهرته كانت تطغى على كل أبناء جيله في هذه المصلحة وخبرته في المهنة جعلته مقرباً من الكثيرين. ويقال إن الفنان ياسر العظمة اعتمد على حضور السحار في المشهد الشامي العام وصاغ قصة من قصص سلسلة «مرايا» حول حلاق يقوم بتشكيل حكومة وهو يتنقل بين رؤوس أصحاب القرار يحلق لهم ويناقشهم في إجراءات ترتيب الحكومة الجديدة. يضحك محمد السحار على هذه القصة، ويقول: «مهمتي أقل من هذا بكثير، وأحرص على ألا أتدخل في مواضيع لا شأن لي بها». وللسحار قصص طريفة مع النجوم وبحكم علاقته الحميمة مع نور الشريف وبوسي فإنه يتذكر كيف كان أحد أسباب عقد قرانهما في الوقت الذي كانت تحاك في الكواليس مؤامرة لترتيب زواج بوسي من أحد الأثرياء فما كان من السحار إلا أن أطلع نور على هذه المؤامرة حينما كان يصور أحد الأفلام في بيروت فسافر نور وعقد قرانه على بوسي. وعادا ليمضيا شهر العسل في دمشق، بدعوة من السحار نفسه الذي يحز في نفسه الحال التي وصلت إليها علاقة نور وبوسي والطلاق الذي فرق بينهما مشيراً إلى أن كليهما حتى الآن صديقان له ويزورانه في بيته كل عام. ويعترف السحار بأنه أول من اطلع على قصة حب سعاد حسني وعبد الحليم حافظ وحينما كان يحلق لحليم كان يحكي له عن علاقة الحب التي يعيشها مع سعاد ولم يكن حليم مجرد زبون فقد كان السحار صديقه الحميم ويرافقه في أسفاره إلى باريس ولندن ولعل أهم واكبر الصور في صالونه هي تلك التي التقطها مع العندليب الأسمر. والسحار هو الحلاق الأول الذي أدخل الموضة إلى دمشق بعد أن تعلمها في باريس منتصف القرن الماضي وقد تعرف على الموسيقار محمد عبد الوهاب عام 1960 ويعتبر عبد الوهاب أحد زبائنه «المتعبين»، وكما هو معروف عن عبد الوهاب خوفه من المرض لدرجة الوقاية المزعجة. وعلى الرغم من ان السحار كان في كل حلاقة يحضر له أدوات جديدة إلا أنه كان يطلب منه تعقيمها قبل أن يحلق له وذات مرة طلب من السحار موزة فقام السحار بغسلها جيداً بالماء والصابون قبل ان يأكلها عبد الوهاب والذي ضحك من هذا التصرف ورد عليه قائلاً: «خسارة يا سحار عرفتك بعد أن خسرت معظم شعري».! وهنا يعلق السحار ضاحكاً: «إن معظم الفنانين أصحاب الشعر الخفيف أو الصلعان يقصدونني باستمرار مما يدل على عمق العلاقة بيننا، وليس لأنني حلاقهم». ويرى الفنان اسعد فضة في تصريح ل «البيان»: إن السحار استطاع أن يجذب هذا الكم الكبير من نجوم العالم العربي لظرافته وخفة دمه، وليس لمهارته في الحلاقة فقط وهو حتى الآن لم يتغير.. أعرفه منذ نصف قرن تقريباً ولم أجد إنساناً بوده ودماثة أخلاقه وظرفه. وقبل مغادرتي صالونه، يطلب السحار إلي أن أجرب حلاقته، ويعلق بطرافته وابتسامته المعهودة: «لا تخف أنا كبرت بالعمر ولكن لدي ثلاثة أبناء شبان تعلموا هذه المهنة وبإمكانك زيارتنا في ثلاثة فروع رئيسية في دمشق ولكن إذا أردت حلاقة النجوم.. فليس لك غيري».