تساقطت الجيوش العربية جيشا وراء جيش وتهاوت قوات الأمة المنكوبة في حكامها الطغاة وتناثرت في الشوارع وتحت انقاض البيوت الدبابات والطائرات والمدافع.. هذه المعدات التي دفع فيها الإنسان العربي ماله وعمره واحلامه وتحولت إلى ادوات قتل وقمع واستبداد.. من يشاهد الآن الطائرات السورية وهي تقصف البيوت والمساجد والكنائس في حلب ودمشق والدرعية وأشلاء الضحايا تتناثر خلف حاكم مستبد وقاتل يحزن كثيرا على مصير هذه الأمة.. قبل ذلك تساقطت الطائرات والدبابات الليبية التي دفع فيها الشعب الليبي ثروته وحياته.. وقبلها كانت وقفة الشعب التونسي والطاغية يوشك ان يشعل الحرب الأهلية بين ابناء الوطن الواحد وفي اليمن تعرض الشعب اليمني إلى مجازر مخيفة من اجل بقاء حاكم مخبول.. تاريخ اسود مع الطغاة العرب الذين استباحوا موارد أوطانهم وجعلوا الجيوش ادوات قمع واستبداد ثم تحولت بين ايديهم إلى ميلشيات تقتل الأبرياء من ابناء شعوبهم.. تاريخ طويل سوف ترصده الأجيال القادمة عن ملوك الطوائف في عصرنا الحديث الذين باعوا كل شئ من اجل منصب زائل وسلطان لن يدوم وكانت نهايتهم عبرة لكل جلاد قادم وكل طاغية استباح شعبه. تهاوت جيوش العرب جيشا وراء جيش.. منذ سنوات بعيدة دارت الحرب العراقية الإيرانية لم يكن فيها غالب ولا مغلوب ولكنها أضاعت ثروة البلدين التي قدرت خسائرها بأكثر من 400 مليار دولار ومليوني قتيل خلال ثماني سنوات.. وخرج الجيش العراقي من الحرب الإيرانية لكي يحتل بلدا شقيقا هو الكويت.. وما بين العقوبات وحرب التحرير ومعارك الخليج جاءت نهاية الجيش العراقي على يد الاحتلال الأمريكي الذي مازال رابضا على بلاد الرافدين.. وضاعت على الأمة العربية اكبر قوة عسكرية كانت تحمي بوابتها الشرقية.. ورغم ان الجيش العراقي لم يدخل يوما حربا من اجل قضية تخص امن الأمة ومستقبلها إلا ان خسارته كانت هزيمة لهذه الأمة.. بعد ذلك تهاوت قدرات اخرى اصابت الأمة في مقتل.. رغم ان إمكانيات الجيش الليبي كانت محدودة إلا ان الطاغية لم يستخدمها يوما في موقف أو معركة دفاع عن الأمة وحين جاء وقت استخدامها سقط أكثر من 50 الف شهيد تحت قصف المدفعية والطيران وهي قوات دفع فيها الشعب الليبي عمره وحياته.. تفحمت طائرات الميراج والمدفعية الثقيلة والصواريخ والأسلحة الخفيفة وهي تقتل الأبرياء في بنغازي وطرابلس والخزان وطبرق ورحل الطاغية تحت انقاض اسلحته الفاسدة.. ما يحدث في سوريا الآن والجيش السوري الذي خاض يوما مع جيش مصر حرب اكتوبر العظيمة كيف انقسم هذا الجيش واطاع اوامر رئيس مستبد وقام يضرب وينسف ويخرب المدن السورية.. من يقول ان حلب ودمشق تجتاحها الآن دبابات الجيش السوري من كان أولى بهذه المعارك ومن كان احق بهذه الأسلحة ومن يعيد بناء المدن والمرافق التي خربتها المعارك بين ابناء الشعب الواحد.. هذه الجيوش دفعت فيها الشعوب حياتها من دماء الجوعى والفقراء والبسطاء واقامتها الدول لتحمي الأوطان ولا تتحول إلى وسائل فتك وقمع في يد السلطان. والآن ماذا حدث بعد مواكب الطغيان والجيوش العربية تتهاوى امام شعوبها.. مازال العراق يعاني الاحتلال الأمريكي بعد ان دمر الفساد جيشه.. وسقطت القوات الليبية بأسلحتها في حرب أهلية خاضها حاكم مجنون.. والآن تشهد المدن السورية مذبحة يقوم بها الجيش لا غالب فيها ولا مغلوب ولكن الضحية الأولى في هذا كله شعب يموت وجيش ينتحر.. ماذا حدث في اليمن بعد حرب اهلية استمرت سنوات والطاغية يرفض الرحيل. اردت من ذلك كله ان اتوقف عند قضية تخص الشعب المصري وجيشه العظيم الذي حافظ على قوته وشموخه وإصراره على حماية الوطن رغم كل الظروف الصعبة التي تعرض لها المصريون منذ قيام ثورة يناير.. احداث كثيرة شهدتها ضفاف نهرنا الخالد ما بين المظاهرات والإضرابات والشهداء والبلطجية والانتخابات والانتصارات والانكسارات ولكن كل شئ بقى بقوته وتماسكه.. وقف جيش مصر يحمي كل شبر فيها.. بقى بقواته وعتاده وانضباطه وتوحده.. لم يسقط بناء واحد.. ولم تشارك قواته في عمل ضد إرادة الشعب.. وبقيت مؤسسات الدولة في حماية جيشها.. إن ما حدث بيننا من خلافات وصراعات وتجاوزات كان شيئا طبيعيا في تاريخ الثورات ولكن المهم ان الجيش المصري حافظ على الشعب واجرى انتخابات حرة وسلم السلطة للشعب كما وعد.. بقي جيش مصر بعد كل الأحداث حصنها الحصين وقوتها الرادعة.. وهنا يمكن ان نقول جاء الوقت لكي نحرر الجيش من تفاهات القوى السياسية ومعاركها وحساباتها المغرضة.. جاء الوقت لكي ننظر إلى حدودنا من كل اتجاه وهي الأحق بالحماية.. ان مايحدث في سيناء يطرح تساؤلات كثيرة خاصة بعد ان اتسعت دائرة المواجهة ووجدنا انفسنا مع قوافل إرهاب لا نعرف من اين جاءت وانواع من الأسلحة الثقيلة التي تسربت إلى أراضينا ومؤامرات دولية تحيط بالمنطقة كلها وينبغي ان يظل جيش مصر بعيدا عن ذلك كله. والآن نحن امام مرحلة جديدة في تاريخ هذه المنطقة.. لقد تهاوت البوابة الشرقية بعد ما حدث في العراق ثم سوريا وما ننتظره من احداث اخرى يتطلب ان يحافظ المصريون على جيشهم. إن ما حدث في ليبيا غربا وما يحدث جنوبا في السودان وما نواجهه على الحدود شرقا مع إسرائيل وغزة وتهديد واضح لسيناء كل ذلك يضعنا امام حسابات جديدة. إن المنطقة كلها على ابواب مستقبل مجهول وغامض وهناك تساؤلات كثيرة عن هذا المستقبل.. ماذا سيحدث لو ان الإدارة الأمريكية وإسرائيل قاموا بتدمير المشروع النووي الإيراني وقام الجيش الإيراني بالرد داخل العمق الإسرائيلي أو على القوات الأمريكية في العراق. ماذا سيحدث لو ان القوات الإيرانية قامت بضرب القواعد الأمريكية في دول الخليج ولن يكون ذلك بعيدا عن قوات هذه الدول ومرافقها ومؤسساتها الاقتصادية.. ماذا سيحدث لو ان إيران اغلقت مضيق هرمز ليشهد معارك بحرية غير مسبوقة بين امريكا وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر، وماهي انعكاسات ذلك كله على ممر بحري خطير مثل قناة السويس.. لن تستطيع القوات الإيرانية ان تعبر الآن من خلال سوريا إلى إسرائيل بل إن الجيش السوري أصبح الآن خارج المواجهة ولم يبق لإيران غير حزب الله في جنوب لبنان. وهنا يمكن ان يقال ان جميع قوات دول الخليج العربي ستكون جزءا من مسرح العمليات الحربية وان الطائفة الشيعية في هذه الدول ستكون طرفا في مواجهة ضارية.. وان الخليج العربي سيواجه مخاطر جسيمة لو حدثت المواجهة بين إيران وأمريكا وإسرائيل.. إن ما يحدث في سوريا الآن بداية مواجهة اكبر قد تتورط فيها معظم الدول العربية وتصل بنا إلى حرب بين السنة والشيعة وهذا ما يسعى إليه الغرب في نهاية المطاف.. وقد تصل الأمور إلى تقسيم سوريا إلى اكثر من دويلة وما سيترتب على ذلك من انقسامات في دول عربية أخرى.. هنا اعود مرة اخرى إلى جيش مصر.. واقول.. لقد حافظ هذا الجيش على ثورة يناير.. ولم يتورط في أحداث داخلية تصل بنا إلى فتنة لا يعلم إلا الله مداها.. وهنا ينبغي ان نقرأ ما يجري حولنا وندرك ان بقاء هذا الجيش بقوته وعنفوانه هو الضمان الوحيد لأمن مصر وإستقرارها وتحرير إرادتها وان أي مخاطر تهدد هذا الجيش سيكون ثمنها غاليا علينا كشعب ووطن ومستقبل.. على النخبة المصرية وهي غارقة في معاركها وحساباتها الخاطئة ان تخرج الجيش تماما من معاركها خاصة اننا الآن امام رئيس منتخب وحكومة شرعية وقوات امن اصبح من مسئولياتها حماية الأمن الداخلي.. يجب ان نطوي صفحة التجاوزات ضد الجيش المصري فقد لحقت به إهانات كثيرة في مظاهرات غاضبة وتجمعات أساءت كثيرا لنا كشعب وان نحذف تلك الهتافات التي اطلقها البعض في لحظات غضب لا تليق. لا ينبغي ان تحاول بعض القوى السياسية ان تورط الجيش في معاركها الفاشلة.. إذا كانت النخبة قد فشلت في الانتخابات أو معركتها مع التيارات الدينية فإنه من الخطأ الجسيم ان يطالب البعض كما نقرأ ونسمع الجيش بأن يتدخل وان يكون طرفا في موازنات سياسية او حتى يتصور البعض ان يقوم الجيش بانقلاب ضد الشرعية وضد مشروع الديمقراطية الوليد الذي انتظرناه زمنا طويلا.. لقد سلم الجيش السلطة للمدنيين كما وعد وتم انتخاب رئيس للجمهورية وعلى القوى السياسية ان تمارس دورها السياسي بعيدا عن الجيش الذي ينبغي ان يبقي حاميا للشرعية التي اختارها الشعب وهو لن يكون طرفا في العبث السياسي الذي يجري في مصر الآن.. ان المطلوب من الجيش المصري ان يشارك في هذه الفترة العصيبة في حماية الشارع المصري حتى تسترد قوات الشرطة كامل إمكانياتها ليعود الجيش حاميا لحدود مصر وإستقلالها وإرادتها.. هل يمكن ان تعترف النخبة الآن بأن الساحة السياسية هي ارض الصراع وان الحوار هو لغتها وان الجيش لم يعد طرفا فيها.. إننا ننتظر اليوم الذي نحتفل فيه بجيش مصر وهو يعود إلى ثكناته كاملا بعد ان أدى دوره في حماية الثورة ووضع مصر بكل الأمانة على أول طريق الديمقراطية.. إن مصر في حاجة إلى كل طلقة رصاص في جيشها وكل ذرة رمل يمشي عليها جندي ليحمي ترابها وبعد ان تهاوت الجيوش العربية سوف يدرك الجميع يوما ان جيش مصر هو الحصن الحصين ليس لمصر وحدها ولكن لهذه الأمة المنكوبه في حكامها. ارجو من القوى السياسية المتصارعة في مصر ألا يكون الجيش المصري طرفا في صراعاتها السياسية.. نحن امام رئيس شرعي منتخب..وامام حكومة شرعية.. وامام انتخابات برلمانية قادمة..ودستور سيتم الاستفتاء عليه من الشعب وعلى المصريين الآن ان يمارسوا حقهم في الرفض والاختيار والمواجهات السياسية ولكن بعيدا عن إقحام الجيش في كل هذه المعارك.. الجيش يجب ان يكون بعيدا عن المستنقع السياسي ويكفي ما حدث. إن ماجرى في سيناء وما حدث في جيوش المنطقة العربية يجب ان يكون درسا لنا حتى نخرج من هذا المأزق وجيش مصر بكامل قوته واستعداداته فهو آخر ما بقى لهذه الأمة من مصادر القوة... ويبقى الشعر يارب فلتجعل نهاية رحلتي عند السؤال شفاعتي وثباتي أنا في رحابك جئت أحمل توبتي خجلان من شططي ومن زلاتي أنت الغفور وكان ضعفي محنتي وعذاب قلبي كان في هفواتي أشكو إليك الآن قلة حيلتي وهوان عمري.. حيرتي وشتاتي.. تتزاحم الأيام بين خواطري ما بين ذنب حائر وعظات يارب سيرت القلوب مواطنا للحب.. فأغفر يا كريم هناتي قد كان ذنبي أن قلبي عاشق فأضعت في عشق الجمال حياتي أنت الذي سطرت قلبي غنوة للعاشقين.. وهذه مأساتي أغفر ذنوب العشق أن جوانحي ذابت من الأشواق والعبرات والآن جئتك بعد أن ضاق المدي واثاقلت في رهبة خطواتي ندما علي عمر تولي ضائعا أم خشية من طيف عمر آت أسرفت في ذنبي وبابك رحمتي ولديك وحدك شاطئ ونجاتي في هذه الأرض الشريفة أشرقت يوما قلاع النور والبركات بدأ الوجود خطيئة ثم انتهي بالصفح والغفران في عرفات حتي أطل علي الوجود محمد فازينت عرفات بالصلوات فأضاء تاريخ وقامت أمة بالحق تكتب أروع الصفحات وسري علي أرجائها وحي الهدي جبريل يتلو أقدس الايات ومحمد في كل ركن ساجد يحي قلوبا.. بعد طول موات بدء الخليقة كان من أسرارها حين استوت بالخلق في لحظات وتزينت لنبيها حتي بدا نور الرسالة فوق كل حصاة وتكسرت أصنام مكة.. وانزوي خلف الحطام ضلال ليل عات في حضن مكة كان ميلاد الهدي والدهر يشدو أعذب النغمات "من قصيدة على باب المصطفى 2010" نقلا عن جريدة الأهرام