أصدرت المفوضية الأوروبية تقرير المتابعة السنوي لسياسة الجوار الاوروبى الخاص بمصر لعام 2011, والذي أكد أنه فيما يتعلق بعملية الحوار والاصلاح السياسي فى مصر, تم إصلاح النظام الانتخابي, وتنظيم انتخابات نيابية في الفترة بين نوفمبر 2011 وفبراير 2012 في اجواء من الحرية والشفافية, أحرزت فيها الأحزاب الاسلامية تقدما قويا. وأضاف التقرير -الذى حصلت وكالة انباء الشرق الاوسط على نسخة منه- أن مصر واجهت تغييرا عميقا وتحديات سياسية و اقتصادية هائلة في عام 2011, بعد أن أطاحت انتفاضة 25 يناير الديمقراطية بالنظام الاستبدادي, وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الصلاحيات الرئاسية والتشريعية والتنفيذية في البلاد كتدبير انتقالي للوفاء بالمطالب الشرعية للشعب, لكن استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي فى مصر أدى إلى احراز تقدم ضئيل نحو الإصلاح الهيكلي. وأوضح التقرير أن الاتحاد الأوروبي اعتمد في 14 ديسمبر الماضي توجيهات التفاوض لاقامة منطقة تجارة حرة شاملة ومعمقة, إلا أن السلطات المصرية أعلنت أنها "ليست مستعدة بعد" للدخول في عملية التفاوض, كما اعتذرت مصر عن قبول العرض الذي تقدم به الاتحاد الأوروبي لبدء الحوار حول الهجرة والتنقل والأمن توطئة لإبرام اتفاق شراكة التنقل. ودعا الاتحاد الاوروبى مصر -بالنظر الى تقرير العام الجاري وخطة عمل سياسة الجوار الأوروبية في عام 2012- إلى ضمان تسليم كافة الصلاحيات لإدارة مدنية, ورفع حالة الطوارئ بشكل كامل قبل الانتخابات الرئاسية وصياغة واعتماد دستور ديمقراطي يكرس احترام حقوق الإنسان. كما دعا الاتحاد الاوروبى إلى وقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وخلق الظروف المواتية لعمل مجتمع نشط ومستقل من المنظمات غير الحكومية واعتماد التشريعات التي تنظم عمل المنظمات غير الحكومية والتي تتماشى بالكامل مع المعايير الدولية وكذا الحفاظ على الحريات الدينية وحماية الأقليات. ودعا التقرير مصر إلى تصميم وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يضمن استقرار الاقتصاد الكلي ويعزز إدارة الموارد المالية العامة, إلى جانب توقيع والتصديق على الاتفاقية الاقليمية الأورومتوسطية لقواعد المنشأ من اجل فتح الباب أمام المساعدات المالية الدولية, بما في ذلك المساعدة المالية الكلية من الاتحاد الأوروبي. وفيما يتعلق بسياسة الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي, اشار تقرير المتابعة السنوي لسياسة الجوار الاوروبى الخاص بمصر لعام 2011 إلى أنه نظرا للانتفاضة الشعبية والاضطرابات الاجتماعية اللاحقة, والحرب في ليبيا المجاورة, انخفض نمو الناتج المحلي الحقيقي إلى -2.4% مقارنة بالعام الماضي, فيما ارتفع معدل البطالة إلى 12.4% مقارنة ب8.9% في 2010, كما ارتفع معدل التضخم حتى يونيو الماضي, لكنه انخفض بشكل حاد اعتبارا من يوليو انعكاسا لانخفاض أسعار المواد الغذائية محليا ودوليا. وذكر التقرير أن الوضع المالي وارصدة الاحتياطيات الأجنبية تدهور بصورة مضطردة في ظل محاولات قوية من قبل السلطات من أجل الدفاع عن تعويم محكوم في مواجهة الضغوط قوية لخفض قيمة العملة, ونتيجة لذلك, اصبحت الحكومة المصرية تعتمد بشكل متزايد على التمويل الخارجي. وأضاف التقرير أنه تم عقد مؤتمر الحوار الاقتصادي الخامس للاتحاد الأوروبي ومصر في يوليو 2011, حيث تبادل ممثلون عن الحكومة الانتقالية المصرية والاتحاد الأوروبي وجهات النظر حول الوضع الاقتصادي الكلي والسياسات الاقتصادية ذات الصلة, لافتا إلى مصر تقوم حاليا بمراجعة خطة العمل الوطنية الخمسية لتشغيل الشباب, وفي في يونيو, تم رفع مصر من قائمة منظمة العمل الدولية لأسوأ 25 دولة في انتهاكات حقوق العمال. وطالب التقرير بإجراء تعديلات على قانون العمل المصري لضمان كامل حقوق العمال الاجتماعية بما يتماشى مع المعايير الدولية, مشيدا بموافقة السلطات المصرية في يوليو 2011 على تبني حد ادنى للأجور هو 700 جنيه مصري شهريا لموظفي القطاع العام. وفيما يخص القضايا المتعلقة بالتجارة والاصلاحات الاجرائية, ذكر التقرير أن الاتحاد الأوروبي يعد شريك مصر التجاري الرئيسي مستحوذا على مايقارب 32% من حجم تجارة مصر الخارجية, وأن حجم التجارة الثنائية وصل إلى أعلى مستوياته في 2011 محققا 23.3 مليار يورو, موضحا أن مصر تبنت تدابير لفرض قيود تجارية منها حظر على القطن, وإجراءات وقائية فيما يتعلق بالغزول القطنية والمختلطة, وتدابير حماية اخرى تؤثر على صناعة الملابس الجاهزة والجلود. وأضاف التقرير الأوروبي أن مصر واصلت استعداداتها للتفاوض على اتفاقية تقييم المطابقة وقبول المنتجات الصناعية, وقام المجلس المصري للاعتماد بالتوقيع على عقد تعاون مع المنظمة الاوروبية التعاونية للاعتماد, مشيرا إلى عدم ملاحظة اي تقدم في مجال قوانين المؤسسات والشركات, وتحرير خدمات حقوق الملكية الفكرية, والمشتريات العامة والمحاسبة. وبالنسبة للتعاون في مجالات العدالة, والأمن, أوضح التقرير أن مصر تحترم عموما مبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين, ولكنها لم تضع بعد تشريعات اللجوء المناسبة ونظام الإدارة, وأن أوضاع طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين في منطقة سيناء, خاصة القادمين من منطقة القرن الإفريقي, من الامور المثيرة للقلق بشكل خاص في عام 2011. وفي مجال إدارة الحدود, أشار التقرير إلى أن مصر خففت القيود المفروضة على تنقل الفلسطينيين المقيمين في غزة, وتمت الموافقة على دخول بعض الفئات (الأطفال والنساء والرجال فوق سن الاربعين عاما والطلاب الفلسيطينيين لتلقي العلاج الطبي في مصر) بدون الحاجة للحصول على تأشيرة الدخول الى مصر. وذكر التقرير أنه في عام 2011, وقع الاتحاد الأوروبي و المفوضية العليا لشئون اللاجئين اتفاقية برنامج الحماية الإقليمية و التي تشمل مصر وليبيا وتونس بقيمة 3,6 مليون يورو, وأن مصر اصبحت جزءا من المنطقة الأولى لتطبيق نظام الفيزا المعلوماتي اعتبارا من 11 اكتوبر الماضي. وفيما يتعلق بالتعاون القضائي في المسائل الجنائية والمدنية, أوضح تقرير المتابعة السنوي لسياسة الجوار الاوروبى الخاص بمصر لعام 2011 أنه تم تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر من خلال مشروع بقيمة 5.2 مليون يورو, تم تنفيذه بالتعاون مع مكتب الاممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة, وأن مصر تشارك في المشروع الاقليمي الثالث للشرطة الاورومتوسطية , والذي بدء في سبتمبر 2011. وأشار التقرير إلى أنه تم نقل العلم المصري من القائمة السوداء الى الرمادية لمذكرة تفاهم باريس لرقابة الدول على الموانىء, داعيا مصر إلى تنفيذ برنامج إصلاح طموح للنقل بقيمة 80 مليون يورو من ميزانية دعم الاتحاد الأوروبي دون إبطاء, كما دعا مصر إلى المشاركة في آلية سوق الكربون الجديدة التي سيتم تطويرها في أعقاب الاتفاقية الاطارية للامم المتحدة حول التغيرات المناخية, وكذلك الالتزام الكامل باتفاقيات كانكون ودوربان. وسيتم تمويل برنامج إصلاح قطاع المياه بقيمة 120 مليون يورو من قطاع دعم سياسات الاتحاد الاوروبي. وفيما يخص التعليم, كشف التقرير أن نظام التعليم في مصر يحتاج الى إصلاحات هيكلية تتضمن زيادة المرونة والكفاءة في الحكم والإدارة المؤسسية, برغم استمرار التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر فى مجال التعليم العالي من خلال برنامج تيمبوس الرابع (أربعة مشاريع إضافية) وبرنامج ايراسموس موندوس (ثلاث شراكات جديدة) و خطة ماري كوري (23 مؤسسة للتعليم العالي و 20 من الباحثين). وأوضح أن مصر تسعى إلى إدخال إصلاحات على القطاع الصحي, بمساعدة ضخمة من الاتحاد الأوروبي تقدر ب 198 مليون يورو لبرنامجين, و خصوصا من خلال توسيع مظلة نموذج "الصحة العائلية " للرعاية الصحية الأولية, وقد شاركت مصر في مشروع " ايبسوث بلاس" المدعوم من الاتحاد الأوروبي والذي يهدف إلى زيادة الأمن الصحي في منطقة البحر الأبيض المتوسط, وجنوب شرق أوروبا. تجدر الإشارة إلى أن سياسة الجوار الأوروبي تحكم العلاقات بين الاتحاد الاوروبي ومصر وفى عام 2004 دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الاوروبي ومصر حيز التنفيذ, وتمت الموافقة على خطة العمل للاتحاد الاوروبي ومصر في عام 2007.