قبل 130 عاما توقف طريق الحج البري الذي كان يمر بوسط سيناء، وكان عبوره يشكل مشقة كبيرة للحجاج; يتسم بوعورة أرضه وقسوة التقلبات الجوية ونقص المراعي اللازمة لدواب الركوب والحمل; إلى جانب ندرة مصادر المياه على طوله، كل هذه المشاق انتهت بافتتاح الطريق البحري عبر خليج السويس عام 1303 ه الموافق 1885 م. وقال مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء والوجه البحري بوزارة الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان -في تصريح اليوم الثلاثاء- إن طريق الحج البحرى كان يبدأ من خليج السويس إلى البحر الأحمر، حتى ميناء الجار الذي كان ميناء المدينةالمنورة، في رحلة تستغرق 20 يوما، ومنه يتجهون إلى المدينةالمنورة. وأضاف أنه منذ ذلك الحين اشترك الحاج المسلم مع (المقدس المسيحي) في جزء من الطريق، فالحجاج المسيحيون كانوا يأتون من أوروبا عبر الإسكندرية، مبحرين في نهر النيل، ومنه يتجهون بريا إلى ميناء القلزم (السويس) ليستقل نفس السفينة مع الحاج المسلم للإبحار إلى ميناء الطور القديم، الذي بدأ نشاطه منذ العصر المملوكي واستمر حتى عهد أسرة محمد علي. وتابع بالقول "من ميناء الطور يتجه الحجاج المسلمون والمسيحيون لزيارة الأماكن المقدسة بمنطقة الجبل المقدس (سانت كاترين حاليا) حيث دير طور سيناء الذي تحول اسمه إلى دير سانت كاترين في القرن التاسع الميلادي"، لافتا إلى أن الحجاج المسيحيين نقشوا أسماءهم في الأودية المحيطة بالدير مثل وادي حجاج، كما نقش الحجاج المسلمون أسماءهم في محراب الجامع الفاطمي داخل الدير الذي بني في عهد الخليفة الآمر بأحكام الله عام 500 ه 1106 م. وأشار ريحان إلى طريق الحج البحري تغيرت وجهته إلى جدة ومنها إلى مكةالمكرمة في عهد الخديوي توفيق (1297- 1310ه / 1879 / 1892م)، وتمت توسعة محجر الطور ومد خط تلغرافي إليه من السويس عام (1318ه / 1900م)، ووفر هذا الطريق راحة كبيرة للحجاج، وفي (11محرم 1314ه / 2 يونيو 1896م) أبحر عباس حلمي باشا الثاني ابن الخديوي توفيق إلى مدينة الطور وزار محجر الطور وجامعها وحمام موسى. وأوضح أن تحول الحجاج إلى طريق البحر كان فيه راحة لهم، فالطريق البري عبر وسط سيناء رغم ما بذل لإصلاحه ظلت مشاقه على شدتها، وأن (السويس) قامت كبديل ووريث للقلزم التي تقع إلى الشمال منها، ولا تختلف مزايا الموقع الجغرافي للسويس عن القلزم. وأكد ريحان أن الطريق البحري كان مستخدما أيضا أثناء مرور الحجاج بالطريق البري، ولكنه خصص لنقل بضائع الحجاج. ومنذ عام (697ه / 1297م) كان مقررا كل عام كما جرت العادة أن تنقل الحمولة المقررة الخاصة بالحجاج على ظهور الإبل بمعرفة القبائل العربية بصحبة أمير الحاج إلى ميناء الطور ومنه في الجلاب (السفن الصغيرة) إلى الحجاز وكانت أصناف المواد المشحونة هي (الدقيق والبقسماط والأرز والبرغل والبازلاء والجبن والعسل والسكر والزيت السكندري والشعير والفول المجروش والشمع والليف والقفف. وأوضح أنه حين تم تحويل نقل هذه المؤن من طريق ميناء الطور إلى طريق ميناء السويس، خصص لها مركبان كبيران من المراكب السلطانية، وكانت هذه المراكب أكبر من (الجلاب)، ما أحدث تحولا في بناء السفن من الصغيرة إلى الكبيرة، وأتاح الفرصة لميناء السويس لجذب الحمولات المقرر إرسالها زمن الحج وكانت هذه الحمولات ذات أهمية كبرى لنمو الميناء وتوسعه.