بدا العد التنازلى لعقد اعمال قمة نيويورك لاطلاق خطة الأهداف الإنمائية المستدامة (SDGs) ، و التى سيسعى خلالها المجتمع العالمي للعمل من أجل " البشر، الكوكب ، والازدهار"، و سيتعين على الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى الفترة من 25-27 سبتمبر المقبل ، تبني الأهداف المستدامة الجديدة للتنمية العالمية ، وهو الحدث المرتقب الذى سيصوغ مجموعة شاملة من الأهداف والغايات التي يمكن أن تدفع الجهود العالمية نحو عالم مستدام وخال من الفقر ونحو المساواة بين الجنسين، والانسجام البيئي، والنمو الاقتصادي المستدام وغيرها من الاهداف والأولويات الأخرى. وفي حين تركزت الأهداف الإنمائية للألفية )2000-2015( على الدول النامية، فسوف تسري أهداف التنمية المستدامة الجديدة "عالمياً" ، فخطة SDGs ،هي مجموعة عالمية جديدة من الأهداف والغايات والمؤشرات التي سيتفق و يوقع عليها اعضاء الأممالمتحدة ، لاستخدامها لتأطير سياساتهم على مدى 15 عاما المقبلة ، و هى خطوة تعد تغيير كبير في مجال التعاون الإنمائي الدولي، فعلى مدار ثلاث سنوات من البحث و التنظير و المفاوضات تم وضع 17 هدفا تعتمد بشكل كبير و تركيز قوي على مبادرات وإشراك و تعاون بين عناصر المجتمعات كافة و خاصة القطاع الخاص و دفعه للمشاركة فى تعزيز النمو المستدام والشامل عبر مجموعة واسعة من المجالات، من تمويل المشاريع وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر لدعم الابتكار وإزالة الحواجز أمام التجارة عبر الحدود. ومع ذلك، من المحتمل أن تفشل الجهود الرامية لتحديد و تبنى هذه الاهداف المستدامة ، ما لم تولى اهتمام كبير بالتصدي لتحديات " نظم الحكم" الحاسمة. . و "الحكم" في أوسع معانيه، يشير إلى كيف تدار المجتمعات واتخاذ القرارات واتخاذ الإجراءات اللازمة لادارتها ، فالحكم هو الآليات التي نستخدمها للعمل معا في المجتمع لحل المشكلات المشتركة. . لذا فالتوصل الى اهداف التنمية المستدامة الحقة SDGs، ينطوي على النظر في طبيعة الحكومات وقطاع الأعمال والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والباحثين ، والعمل معا من اجل انجاز الامور . الحكم يدعم بشكل أساسي قدرتنا على إنجاز الأمور في المجتمع ولكن هناك العديد من حالات الفشل في الحكم في كل مكان: فهناك ضمانات ضعيفة في النظام المالي العالمي والانقلابات ضد الحكومات المنتخبة الوطنية، والنضال متعدد العقود من اجل تحرك عالمي لإدارة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتغير المناخ.. وما لم نبدأ في التفكير الآن حول اسس الحكم في سياق اهداف التنمية المستدامة SDGs، فإن الخطة بكاملها سوف تفشل في تحقيق أهدافها الطموحة لتعزيز ، لذا كيف يمكننا الاحتراس من الفشل، وتعزيز احتمالات النجاح …. انها ثلاثة تحديات رئيسية نحن بحاجة الى معالجتها : اولا، كيف يمكننا الجمع بين أصحاب المصلحة الصحيحة في الوقت المناسب و المكان المناسب؟ فالتنمية المستدامة تشتمل بطبيعتها على العديد من أصحاب المصالح المختلفة في العديد من المستويات المختلفة، بدا من الحكومات الوطنية، للشركات متعددة الجنسيات، والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، إلى القرى الصغيرة، وغيرها الكثير.. و عادة مايكون صعب جمع أصحاب المصلحة ذوي الصلة بالعمل معا في الوقت المناسب والمكان المناسب لحل مشاكل الفقر والاستدامة المعقدة. فعلى سبيل المثال، وبالنظر في هدف واحد "الحصول على الطاقة بأسعار معقولة وموثوق بها ومستدامة عبر وسائل حديثة للجميع" و هو (الهدف 7 ).. هنا نجد ان الذين يتشاركون في تطوير وانتاج وتركيب وصيانة التقنيات لتوفير الطاقة و جعلها في متناول الجميع ، سنجده ايضا ضالع في تحديد ما هو"موثوق" و" متوفر" للمجتمعات المختلفة ، و سنجد ان الحكومات والقطاع الخاص والمجتمعات تتفاعل معا في اتخاذ قرار بشأن نظم الطاقة المناسبة والمستدامة، وكيف يختلف هذا في سياقات مختلفة. ثانيا، الاختيار و المفاضلة بين الاهداف المستدامة بعضها البعض سيكون هناك العديد من المنافع المشتركة بين اهداف التنمية المستدامة SDGs، وحيث تتناول هدف واحد سيساعد هذا الهدف على تحقيق بقية الاهداف في نفس الوقت.على سبيل المثال، التصدي لتغير المناخ سيكون له منافع مشتركة مع أمن الطاقة، والصحة، والتنوع البيولوجي، والمحيطات.ومع ذلك، فإن خطةSDGs ستشتمل أيضا على المقايضات و المفاضلات . ومن الأهمية بمكان أن ندرك أنه سيكون هناك خيارات صعبة تحتاج أيضا إلى بذل الجهد و ستنطوي على فائزين وخاسرين، وعلى الأقل في المدى القصير.. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يتهدد التنوع البيولوجي إذا تم قطع الغابات من اجل التوسع في الإنتاج الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي. ويمكن أن يتهدد الأمن الغذائي في حالة تحول المحاصيل الغذائية لإنتاج الوقود الحيوي لأمن الطاقة. ويمكن أن يتهدد الأمن المائى من خلال قرارات تكثيف أو التوسع في الزراعة، أو لبناء سدود لانتاج الطاقة الكهرومائية لتحقيق امن الطاقة والتخفيف من غازات الدفيئة. تضارب المصالح ، واحد من اهم هذه القضايا التى ستعوق عملية تحقيق اهداف التنمية المستدامة ، فكل جهه لها مصالحها المختلفة و التى تتعارض مع الجهه اخرى … و يعد تغير المناخ (الهدف 13) هو مثال كلاسيكي. فسوف نجد ان المتضررين في المدى القصير، مثل شركات الوقود الأحفوري والعاملين فيها، يعتبرون أنفسهم ‘الخاسرين' اذا كانوا مضطرين إلى التغيير، على الرغم من ان المجتمع ككل سيكون ‘الفائز' في المدى الطويل عن طريق تجنب مخاطر وآثار تغير المناخ الهائلة. لذا سوف يتطلب من الحكومات الوطنية والقطاع الخاص، والقطاع غير الربحي، والمجتمعات المحلية اتخاذ قرارات صعبة على أساس التزام مدروس وحقيقي بخطة SDGs. وما لم يكن هناك رغبة قوية في القيام بذلك، فان هذه الاهداف لن تتحقق . ثالثا، ضمان المسؤولية والمساءلة حول تحقيق خطة اهداف التنمية المستدامة التحدي الرئيسي الاخير ، هو ضمان المسؤولية والمساءلة ، عن التقدم المحرز نحو تحقيق وتلبية و تنفيذ خطة اهداف التنمية المستدامة SDGs. و توفير آليات للقيام بذلك مع الحاجة إلى الربط عبر المستويات المحلية والوطنية والدولية.. لذا يجب اتخاذ قرار بشأن المؤشرات وطرق رصد وتقييم التقدم المحرز في تنفيذ اهداف SDGs، على المستوى الوطنى و الاقليمى و العالمى .