بالصور.. محافظ أسوان: إيفاد قوافل طبية مجانية لقرى أبو الريش    عاجل.. إصابة بشار أشرف لاعب شباب الإسماعيلي بقطع في الرباط الصليبي    رانيا محمود ياسين تعلن عضويتها في لجنة تحكيم مهرجان الإسكندرية السينمائي    وظائف محطة الضبعة.. رواتب تصل 25 ألف جنيهًا تعلن تفاصيلها وزارة العمل    ضوابط سداد ثمن أرض الدولة وتقنين أوضاعها في القانون    تعرف على تشكيل مجلس إدارة بنك مصر    السعودية تحقق ارتفاعا ب73% في عدد السياح الدوليين    لماذا ارتفعت أسعار الطماطم إلى 40 جنيها؟    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    جيش الاحتلال يزعم: دمرنا نحو 180 هدفا وآلاف فوهات إطلاق القذائف في لبنان    كريستيان برجر: زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي لمصر ركزت على وضع غزة    الاستخبارات الهنغارية تؤكد أنها لم تنتج أجهزة "البيجر" التي تم تفجيرها في لبنان    العاهل السعودي وولي العهد يعزيان ملك البحرين بوفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    الهلال الأحمر العراقي يرسل شحنة مساعدات طبية وأدوية إلى لبنان    بالصور.. وكيل تعليم أسوان وسط طلاب أولى ابتدائي فى أول يوم دراسة    العبور يستعد لدوري القسم الثاني ب «15صفقة» جديدة    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    اندلاع حريق بمزارع نخيل بقرية القصر في الوادي الجديد    الأرصاد: غدًا أول أيام فصل الخريف فلكيًا.. والعظمى بالقاهرة 32 درجة    استدعاء الفنان محمد رمضان وابنه لتحقيق عاجل بتهمة التعدي على طفل بأكتوبر    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    رئيس جامعة المنصورة الأهلية يتفقد إجراءات الكشف الطبي على الطلاب الجدد    حميد الشاعري: منحت لشركة حق استغلال بصمة صوتي بالذكاء الاصطناعي بعد وفاتي    أزمة صحية في قرية أبو الريش بمحافظة أسوان.. هل هو فيروس مجهول؟ (تفاصيل)    صحة مطروح: تقديم 67 ألف خدمة طبية منذ انطلاق مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    المنتج هشام عبدالخالق: يجب رفع إنتاج الأفلام المصرية إلى 60 فيلما سنويا    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة إيفا فارما للصناعات الدوائية    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    مباشر مباراة ليفربول وبورنموث (0-0) في الدوري الإنجليزي لحظة بلحظة    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عبد المعطي حجازي: ضربت الديمقراطية بيد الديمقرطية‏!‏

سنعود مرة أخري‏,‏ وسنعود بعدها مرات ومرات لنقول إن مجلس الشعب الذي يريد أن ينفرد بوضع الدستور لاحق له في وضع الدستور‏.‏ وإنما الدستور هو صاحب الحق في أن يوجد قبل مجلس الشعب وقبل غيره من مؤسسات الدولة. لأن الدستور هو الأساس الذي ينهض عليه ويستند إليه ويستمد شرعيته كل بناء سياسي.
فإذا كان المسئولون عن الحكم الآن وفي مقدمتهم المجلس العسكري وحلفاؤه قد قرروا أن يعكسوا الآية ويقلبوا البناء رأسا علي عقب, ويجعلوا التحت فوقا والفوق تحتا فهم يهدمون ولا يبنون! ولقد يقال إن مجلس الشعب انتخب بناء علي الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس العسكري فنقول: نعم! ولكنه ضرب بهذا الإعلان عرض الحائط. فالمادة الرابعة في هذا الإعلان تمنع مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني. وأغلبية أعضاء مجلس الشعب ينتمون لأحزاب دينية, ويريدون اليوم أن ينفردوا بوضع الدستور سواء بأشخاصهم أو بمن يختارونهم.
وفي هذه الحالة لن يكون الدستور قانونا أساسيا يشارك كل المصريين في وضعه كما هو المتبع في وضع الدستور, ويجعلونه أساسا راسخا لحياتهم يستوحون مبادئه من خبرات الماضي ودروسه ومن تحديات الحاضر وأحلام المستقبل, وإنما سيكون الدستور الذي يضعه الإخوان المسلمون والسلفيون دستورا للإخوان والسلفيين وحدهم, يؤيد سلطانهم, ويبرر طغيانهم, ويتناقض مع فكرة الدستور, ومع طبيعة الدولة الحديثة, وحقوق الأمة, وحقوق الإنسان, ومع مبدأ المواطنة وغيره من المبادئ والقيم والنظم التي استخلصتها البشرية وتعلمتها من تجاربها المريرة في الخروج من عصور الطغيان الديني والعسكري التي تعيش فيها الأحزاب الدينية وحلفاؤها حتي اليوم!
والدستور كلمة مركبة أو منحوتة من كلمتين فارسيتين تؤديان معني المقام الرفيع الذي يتمتع به شخص ما أو مبدأ متفق عليه, فالقانون المتبع أو القاعدة المرعية دستور, وصاحب البيت الذي نستأذنه في الدخول دستور. وقد اصطلحنا علي أن نسمي القواعد والمباديء الكلية التي تشخص الجماعة وتتأسس عليها الأحكام والتشريعات دستورا. فالدستور هو أبوالقوانين. أو هو العقد الأصلي الذي يجب أن يعبر عما هو جوهري ودائم, فلابد أن يكون محل اتفاق وإجماع, لأنه الحكم الذي سيرجع إليه أفراد الجماعة في شئونهم المختلفة وفي أجيالهم المتتابعة. يرجعون إليه كمواطنين يتفقون جميعا في أنهم مواطنون وإن اختلفوا بعد ذلك في كل شيء, وعبروا عن اختلافاتهم واجتهاداتهم بالقول والفعل ضمن الحدود التي وضعوها لأنفسهم, وبالصورة التي لاتتعارض مع القانون الأساسي الذي يمثل جماعتهم ويحمي وحدتهم.
أما إذا اختلفوا من الأصل وفشلوا في الوصول إلي عقد اجتماعي يكون محل إجماعهم فهم معرضون لخطر من اثنين: إما أن ينقسموا علي أنفسهم ويتمزقوا كما تمزق السودان, وباكستان, وإما أن يستعبد بعضهم بعضا ويطغي بعضهم علي بعض كما كان حال البيض والسود في جنوب إفريقيا وفي الولايات المتحدة. هكذا يتحتم أن يكون الدستور محل اتفاق الجميع حتي يمكنهم أن يقفوا علي أرض واحدة صلبة يمارسون حياتهم, ويختلفون ويتعددون دون أن ينال الاختلاف من وحدتهم. وفي هذا يقول دافيد هيوم, وهو واحد من فلاسفة التنوير الذين أسسوا الفكر السياسي الحديث إذا لم يكن هناك اتفاق سابق, فلماذا تقبل الأقلية قرار الأغلبية؟
يعني أن الأقلية تقبل قرار الأغلبية لأنها تعلم أنهما معا طرفان سياسيان في جماعة واحدة. وهناك معني آخر يمكن أن نستنبطه من هذه العبارة هو: إذا لم يكن هناك اتفاق سابق بين أطراف الجماعة الوطنية فهناك اختلاف سابق يمنع الاتفاق, والسياسة ليست سبب هذا الاختلاف. لأن مواقفنا في السياسة تتغير وتتبدل. فنحن اليوم في الأغلبية وغدا في الأقلية. واختلافنا في هذه الحدود ليس انقساما أو انشقاقا, وإنما هو بحث عن الأصوب والأفضل وتحقيق للمصلحة العامة طالما كان هناك اتفاق أصلي, أما إذا لم نصل إلي هذا الاتفاق الأصلي فنحن نحتكم لما نختلف حوله من الأصل كالدين أو العرق, ونقدمه علي الرابطة الوطنية المشتركة.
وفي هذه الحالة تظل الأقلية أقلية والأكثرية أكثرية, وتظل السلطة في يد الطرف الأقوي, ولايبقي للطرف الضعيف إلا أن يكون منبوذا مضطهدا, وهذا هو الخطر الذي يمكن أن نواجهه إذا نجح الإخوان والسلفيون في إقامة دولة دينية تضطهد فيها الأقليات الدينية والقوي السياسيةالمعارضة, أو تجد نفسها معزولة محرومة من المشاركة. من هنا يتحتم أن يكون الاتفاق حول الدستور إجماعا تعبر فيه الأمة عن وجودها وتؤكد وحدتها, وتعطي بعد ذلك أفرادها الحق في أن يختلفوا ويتعددوا, دون أن يؤدي الاختلاف إلي التمزق والانقسام. فالجماعة تحمي كل فرد من أفرادها لأنه ينتمي لها ويتفق معها في المبادئ الأساسية التي يؤمن بها الجميع, وإن كانت له آراؤه وارتباطاته التي تميزه عن غيره. وفي هذا يقول هيوم لابد من ايجاد نوع ما من الاتحاد من شأنه استخدام قوة المجتمع كلها في حماية شخص كل عضو من أعضائه وممتلكاته, وذلك بطريقة تجعل كل فرد إذ يتحد مع قرنائه وإن اختلف معهم أحيانا إنما يطيع إرادة نفسه ويظل حرا كما كان من قبل.
علي هذا الأساس تكون المواد التي تحدد دينا للدولة أو تجعل الشرائع الدينية مصدرا للقوانين مواد غير دستورية. لأن الدستور تعبير عما نتفق حوله, وليس عما نختلف فيه. بإمكان كل منا أن تكون له عقيدته الدينية ومذهبه فيها وباستطاعته أن يكون رأسماليا أو اشتراكيا, محافظا أو متحررا, لكنه مطالب قبل كل شيء بأن يكون مواطنا مصريا ينتمي لمصر من حيث هي مكان وتاريخ, وجود حي متواصل عريق ممتد لايمكن اختصاره في عصر أو ثقافة أو دين.
وفي العصور الوسطي عندما كانت العقيدة الدينية هي الرابطة الجامعة كانت الدولة دينية, وكانت الشرائع السماوية هي الدستور الذي يحتكم له الناس. أما في العصور الحديثة التي قامت حياتها وحضارتها علي احترام الحريات والاحتكام للعقل فيما يستطيع العقل أن يدركه, وعلي التمييز بين مايكون للفرد ومايشترك فيه الجميع, فالمواطنة هي الرابطة التي تفرض علينا أن نبدأ منها ونرجع إليها, وأن نفصل بين مايجب أن نتولاه بأنفسنا من أمور الدنيا وما نتلقاه عن السماء. بين انتمائنا للوطن, وانتمائنا للدين. وهذا ما تتجاهله الأحزاب الدينية التي فرضت علينا هي والمجلس العسكري الحاكم إجراء الانتخابات قبل أن نستعد لها وقبل الدستور الذي ينظمها لتنفرد بوضعه وهكذا تحكم الفرع في الأصل. واستخدم مجلس الشعب في تزييف الدستور. وضربت الديمقراطية بيد الديمقراطية!
نقلا عن صحيفة الاهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.