مازال الجدل مستمرا بين النقاد والفنانين القائمين على دراما رمضان خاصة بعد دعوة البيان الصادرمن "نقابة المهن التمثيلية" الى مقاطعة المسلسلات والبرامج التي تعرض خلال شهر رمضان، لما يتضمنه بعضها من ألفاظ خارجة ومشاهد للعرى بصورة وقحة وغير مبررة دراميا مما يفسد الذوق العام ويخلط الإبداع المتحرر في أذهان الجماهير بالإثارة الرخيصة ويشوه جهود الفنانين المتحررين أصحاب الرسالة ويساوي بينهم وبين الباحثين عن الشهرة والمال دون مراعاة لأي قيم جمالية أو فكرية أو اجتماعية. وناشدت النقابة الجهات المنتجة للدراما والبرامج التلفزيونية بأشكالها أن يكونوا جميعا على مستوى المسئولية. فى المقابل واجه البيان ردود فعل غاضبة من صتاع الدراما لأنه صادر من الجهة المعنية بحماية المبدع والدفاع عن حقه في التعبير،بل وامتد غضبهم الى قنوات التلفزيون التى بادرت بحذف مشاهد من بعض المسلسلات والبرامج قبل عرضها حسب مقاييس الرقابة بها . بل ردت جبهة الإبداع المصرية على بيان نقابة الممثلين ببيان يطالبها بالاعتذار عما بدر منها من آثار سلبية على الحياة الفنية بسبب البيان المتسرع معربة عن دهشتها من أن الرقابة على المصنفات الفنية وهي الجهة الوحيدة التي لها حق الرقابة، وجهت في التوقيت نفسه تحية إلى صُناع دراما هذا العام ووجدت حتى تبريرا ومنطقا فنيا لما تخلل بعضها من كلمات قد يراها البعض إذا انتزعها من سياقها تحمل تجاوزا". موقع أخبار مصر استطلع آراء عدد من الفنانين والنقاد فى محاولة لفض الاشتباك بين حرية المبدعين وحقوق المشاهدين ،والاجابة عن تساؤلات المشاهدين حول المسموح والممنوع فى الابداع وهل من حق المبدع افساد الذوق العام وانتهاك قدسية الشهر الكريم ؟ ومدى أحقية التلفزيون فى حذف مشاهد من أعمال درامية دون الرجوع لأصحابها ؟. المخرج أول مسئول السيناريست الكبير مصطفى محرم صرح للموقع بأن المسئول الأول عن مراعاة العمل للنسق القيمى والاخلاقيات هو المخرج والممثل ليس له أن يفتعل مشاهد أو عبارات . واستدرك مصطفى محرم ،قائلا "لكن الكثيرين عندما يجدون مخرجا لايعنيه سوى الاثارة والربح ويقحم عبارات غير لائقة بالمشاهد يسايرونه كى يركبوا الموجة ويستعين بهم فى اعمال اخرى ..متسائلا :فماذا ننتظر من مخرج شاب لايرى فى الابداع إلا فرصة للصيت والربح ويعلل تجاوزه بانه يعبر عن سلوكيات الجيل أو انفلات الشارع ". وهنا أكد محرم أن نقل الواقع ليس مبررا أبدا للاسفاف وان كان حافلا بالتشوهات و بالسخافات ليس من حق الدراما أن تعكسها بصورة مبالغ فيها وان كان فى قالب نقدى وفى الوقت نفسه يرى أنه لايوجد شىء يسمى الارتقاء بالواقع وانما ابراز الجوانب الايجابية بجانب السلبية . ولفت السيناريست الى أنه من المهم الاستعانة بذوى الخبرة لحسم هذه الاشكالية المعقدة لأن الساحة بها من لايميز بين المعالجة السينمائية والتلفزيونية فأصبح هناك تداخل وارتباك فى الانتاج الدرامى من غير المؤهلين . وأضاف أن بيان نقابة المهن التمثيلية نبه لانتهاك الاعمال الدرامية لقدسية الشهر الكريم وأخلاقيات المجتمع ولكن بصيغة استفزت الكثيرين الذين اعتبروا الحذف من أعمالهم يخل بابداعهم دون أن يراعوا ضمائرهم فيما يبتدعونه لافتا الى أن صيغة البيان كان من الممكن أن تكون أقل استفزازا وأكثر قبولا وتقترح حلولا ،قائلا "وان كنت أرى أن المسألة ترجع الى ضمير الفنان وللاسف اتضح أن الكثيرين يعملون بضمائر مغيبة أمام طوفان الاعلانات وارتفاع معدلات المشاهدة" ويتفق معه السيناريست أحمد أبو زيد مؤكدا أنه يسير على هذا النهج الأخلاقى فى أعماله ومنها مسلسل ولى العهد المعروض فى رمضان . ويرى أبو زيد أن الفن لا ينقل الواقع والا كان فيلما تسجيليا ولابد من مراعاة صورتنا فى الخارج وابراز الايجابيات ،فالمكان الشعبى لايعنى البلطجة مثلما يشيع حاليا وانما الشهامة والجدعنة . وأكد أن الدراما تعتبر قوى الفن الناعمة وسلاح الدول ولابد فى الدراما المصرية أن نناقش مشاكلنا دون اسفاف من أجل عودة القيم الأخلاقية لمجتمعنا من خلال الدراما والاعلام . جيدة جدا ولكن وتقيم الناقدة ماجدة موريس الدراما الرمضانية بالجيدة مهنيا وتقنيا الى حد كبير لكنها لا تنكر وجود أعمال بها ألفاظ بذيئة لا تليق بهوية الدراما المصرية ولا يصح أن تدخل المنازل عبر شاشات الفضائيات والتلفزيون، مثل أعمال «مولانا العاشق» و«حوارى بوخارست». وأضافت أن السبب يرجع لغياب ريادة قطاع الانتاج بالتلفزيون وسيطرة شركات الانتاج بالقطاع الخاص وهو لا يتعرض لأى نوع من أنواع الرقابة عل الأعمال التى يعرضها. وحول برامج المفاجآت ،ترى أنها تقدم للجمهور سلوكيات سلبية وبرامج تهدف للرعب والاثارة الرخيصة وهي عبارة عن استنساخ لأفكار خارجية يتم تمصيرها بشكل مباشر لا يوجد أي إضافة أو حتى جديد لافتة أن الجمهور لا يشغل نفسه بهذه النوعية من الأعمال . وطالبت الناقدة الفنية ماجدة موريس بمرصد يختص برصد وتحليل الأعمال الدرامية طوال العام، مضيفة أنه "يجب أن تدعم الدولة الإنتاج الدرامى والسينمائى . واستدركت قائلة علينا النظر أيضا الى الأعمال القوية الهادفة مثل «تحت السيطرة» الذى يرصد حالة «الإدمان» وأسباب تفشى هذه الظاهرة فى مجتمعنا، وأيضاً «حارة اليهود» الذى يؤرخ لمرحلة من تاريخ مصر. وأكدت أنه لابد من متابعة الأعمال الرامية قبل حلول الشهر الكريم، بل ومع بدء تصوير الأعمال الدرامية وليس اثناء العرض حتى يتم مناقشة المشاهد وتصحيحها وإيجاد الحلول لها بالتشاور مع القائمين عليها. وطالبت بالتكاتف بين جهات الإنتاج المختلفة لتقديم فن هادف وأن يكونوا على مستوى المسئولية، كما طالبت بتأسيس مواثيق شرف لصناع الدراما. اهدار حقوق الفنانين بينما أبدى الفنان عمرو يوسف غضبه من قناة النايل دراما لحذف مشاهد من مسلسل "ظرف اسود "مما أخل بالحبكة الدرامية وأساليب جذب المشاهدمن وجهة نظره .. أما أحمد مدحت مخرج مسلسل ظرف أسود، فدعا الجمهور عبر صفحته على الفيسبوك لعدم متابعة المسلسل على التلفزيون للحذف دون الرجوع اليه مما يهدر حقوقه وحقوق الفنانين والمشاهدين. وذكر المنتج جمال العدل أنه لا يوافق على حذف التلفزيون مشاهد من أعماله مثل لقطات من مسلسل "تحت السيطرة" لاظهار كيفية التعاطى مثل الدراما القديمة قائلا انه لولا قيمته وانه ربى أجيالا لما سلمه أعماله ،وقالت المؤلفة مريم نعومى ان الواقع يخدش الحياء اكثر من الدراما وليس من المنطقى اعتبار مشاهد الدراما مسئولة عن ظاهرة الادمان التى سبق معالجتها من قبل مؤكدة خلو العمل من أى لفظ أو جملة خادشة للحياء ولكن ربما تكون هناك عبارات صادمة . ونبهت الى أن الحذف قديكون تم وفقا لمقاييس رقابية يطبقها التلفزيون ولكنه ربما يخل بالحبكة الدرامية ويدفع المشاهد للهروب من التلفزيون لمشاهدة العكل كاملا على الفضائيات والانترنت . تجاوزات فى حق الجمهور أما د. حسن على رئيس جمعية حماية المشاهدين والمستمعين والقراء ،فقال إن المرصد الاعلامى للجمعية سيصدر نهاية الشهر الكريم تقريراً مفصلاً عن نتائج متابعة المحتوى الكامل لما تم بثه طوال رمضان . وأضاف د.حسن على أنه تم رصد مؤشرات سلبية لمحتوى الدراما والاعلانات وبرامج المقالب من حيث كثرة الالفاظ النبية التى لاتناسب قدسية الشهر الكريم . وأضاف رئيس الجمعية أنه رغم ظهور أفكار اعلانية جيدة تدعو لعودة القيم والتواصل الاسرى الا أن هناك اعلانات خارجة ومستفزة وتقريرالجمعية عن الإعلانات يشير الى انها شهدت جملة من الخروقات والخروج عن العادات والقيم ومنها إعلانات تحض على العنف الأسرى وأخرى عن أدوية مجهولة المصدر. ولفت الى أن هناك اتفاق تعاون مع جهاز حماية المستهلك لارسال شكاوى الى الهيئة العامة للاستثمار بخصوص القنوات التى تبث مسلسلات واعلانات مخالفة وكان هذا التعاون وراء ايقاف أحد الإعلانات الخاصة بإحدى منتجات الشيبسى التي تتضمن تحريضا على العنف الأسرى حيث قام الأب بصفع ابنه المراهق ، وقام الإعلان بتقديم فعل الضرب على انه مادة للضحك والسخرية . واوضح رئيس الجمعية أنه بوجه عام هناك العديد من مشاهد العنف والتحرش والخروج عن العادات والقيم وبرامج منوها عن كثرة الأخطاء التاريخية فى بعض المسلسلات ،مثل "حارة اليهود" ..فمثلا رغم أنه مسلسل ً يحمل فكرة جيدة ويصور كيف كانت هذه المنطقة ملتقى للأديان الثلاث خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات لكن هناك بعض الملاحظات مثل ظهور بيت الدعارة اثناء حرب 48 في حين أن المعروف تاريخيا أن الدعارة قد حرمت في عهد حكومة الوفد عام 1942بالإضافة إلى أن هناك مشاهد داخل قصور وليس في شقق حارة اليهود البسيطة. وفى النهاية ..لا ننكر أن الواقع به سلبيات مرفوضة وأن الدراما تعكسه دون أن تكذب ولكن الوصول لنقطة التقاء بين المبدعين والمنتقدين أمر مطلوب لمناقشة الواقع بقدر من التوازن دون أن نضفى الشرعية على الخروج عن قيم المجتمع ونحاول الارتقاء بالذوق العام .
