ما التعديلات العاجلة التى تحتاجها قوانين الاجراءات الجنائية لمجابهة الارهاب ؟ ..وهل هذه التعديلات كافية أم أن قانون مكافحة الارهاب صار مطلبا عاجلا ؟ ..تساؤلات تفرض نفسها فى ظل ما يواجه الوطن هذه الأيام من أحداث جسام تتصاعد فيها وتيرة الإرهاب ،وبعد موافقة مجلس القضاء الاعلى على مشروع قرار بقانون مكافحة الإرهاب،مع إبداء بعض الملاحظات سعيا لتحقيق العدالة الناجزة والقصاص للشهداء ومن أجل الردع السريع والعادل . موقع أخبار مصر استطلع آراء ومقترحات خبراء قانونيين ومحللين سياسيين حول أبرز التعديلات العاجلة للقوانين وجدوى مشروع قانون مكافحة الإرهاب،الذى تضمن 33 جريمة مرتبطة بالإرهاب، والعقوبات المناسبة لها، ومن أهم هذه الجرائم:إنشاء أو تأسيس أو إدارة جماعة إرهابية، أو تولي زعامة أو قيادة فيها -الانضمام إلى جماعة إرهابية أو الاشتراك فيها بأي صورة مع علمه بأغراضها-إكراه شخص على الانضمام إلى الجماعة الإرهابية ، أو منعه من الانفصال عنها ،جرائم تمويل الإرهاب والسعى أو التخابر لدى دولة أجنبية أو أية جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة ، بهدف ارتكاب أو الإعداد لارتكاب جريمة إرهابية داخل مصر، أو ضد أي من مواطنيها أو مصالحها. وشملت الجرائم من أتلف عمداً أو خرب أو دمر أو عطل أو قطع أو كسر شبكة أو خطاً من خطوط البترول أو الغاز الطبيعي أو المباني أو المنشآت اللازمة لأي منها ،ومن أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية ، أو التأثير على سير العدالة فى شأن أي جريمة إرهابية ، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها ، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية فى الداخل والخارج. ومن الخطوات الاصلاحية في القانون انشاء محكمة متخصصة لنظر جرائم الارهاب، تعتبر القاضي الطبيعي لتلك الجرائم، مثل المحكمة الاقتصادية ومحاكم الاسرة ويصدر بتنظيم العمل بها قرار من مجلس القضاء الاعلى، مقرها الرئيسي بالقاهرة ويجوز انشاء دوائر لها في بعض المحافظات. ومن مظاهر تبسيط الاجراءات في هذا القانون واختصارها بما لا يخل بحقوق المتهمين :اعتبار الحكم الصادر في أي من القضايا الواردة في هذا القانون حضورياً في حق المتهم إذا حضر وكيل عنه وأبدى دفاعه وذلك استثناءً من أحكام المادة (388) من قانون الإجراءات الجنائية.. يكون الطعن في جميع الاحكام الصادرة في الجنايات والجنح المنصوص عليها في هذا القانون أمام محكمة النقض خلال أربعين يوما من تاريخ صدور الحكم. وتخصص دائرة أو أكثر من دوائر محكمة النقض منعقدة في غرفة المشورة لفحص الطعون في الأحكام المشار اليها. بطء الإجراءات الجنائية وعلى مستوى خبراء القانون ، صرح المستشار محمد حامد الجمل الفقيه الدستورى ورئيس مجلس الدولة الاسبق للموقع بأنه خلال العامين الماضيين لمسنا ظاهرة بطء الإجراءات الجنائية لقضايا متعلقة بالارهاب وترتب على ذلك مرور عامين أو أكثر والاحكام الصادرة لم تنفذ إلا قليلا لنوعين من الاسباب منها القضائى حيث إن النظام القضائى يعانى من كثرة عدد القضايا.. فعدد القضايا يقدر بحوالى 2 مليون قضية منظورة أمام القضاء الجنائى والمدنى والشخصى بينما يقدر عدد رجال القضاء باكملهم بحوالى 13 ألف قاض ووكيل نيابة والجرائم الارهابية التى تم تخصيص دوائر لها تضم حوالى 7 دوائر فقط وهذا عدد قليل جدا بالنسبة لعدد القضايا الارهابية . واستدرك المستشار محمد حامد الجمل موضحا ان كل قضية بها عدد كبير من المتهمين وكل منهم له تهم وأدلة وقرائن ودفاع وشهود.. أى أنها فى حقيقتها ليست قضية واحدة بل تضم عدة قضايا وأن قاعات المحاكم المجهزة لعشرات المتهمين لاتتجاوز أصابع اليد الواحدة ومن الصعب عقد الجلسات متتابعة لانهائها بل مازال القضاء يعانى من عدم توظيف التكنولوجيا لتسجيل المراسم الادارية والتنظيمية وتوفير البيانات والمعلومات بسرعة لتيسير سرعة التقاضى . ونبه حامد الجمل الى عدم توافر شرطة قضائية كالمعمول به فى الدول الديمقراطية المتقدمة لحماية رجال القضاء ومساعدتهم على العمل فى أمان . وبالنسبة لأسباب بطء الاجراءات المتعلقة بالجوانب التشريعية ،قال الجمل إن القضايا المنظورة يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض وبعد ان تلغى محكمة النقض الحكم تعيد القضية لدائرة اخرى تعقد جلسات وتصدر الحكم بعد محاكمة شاملة ويجوز الطعن عليه مرة اخرى أمام محكمة النقض لتتحول لمحكمة قانون وموضوع معا .بينما المفروض بعد الغاء الحكم أن تنظر المحكمة للقضية من الناحية الموضوعية وتفصل فى القضية دون المرور بهذه المراحل الطويلة . وأضاف أن محاميى المتهمين يتعمدون رد الدوائر لإطالة أمد التقاضى لرد المحكمة وإحالة القضية لدائرة اخرى وغالبا ما تعود للدائرة الاولى لتستغرق عدة شهور للفصل فيها مطالبا بإرفاق الادلة بطلب رد المحكمة قبل المرافعة مع فرض غرامة مشددة على من يتحايل بهذا الطلب لتعطيل الفصل بل إن محاميى المتهمين يتعمدون طلب سماع عدد كبير من الشهود دون ان يكون لهم صلة بالقضية وهنا يجب ان ينص صراحة فى قانون الاجراءات الجنائية على انه للمحكمة أن تقدروتحدد من تستمع إليه من الشهود على ان يكون له صلة وجدوى بالقضية . وذكر الجمل أن مصر فى حالة حرب شاملة منذ 30 يونيو 2013 وباالتالى لابد من فرض عقوبة مشددة على من يبث الشائعات التى تهدد الامن القومى . ويرى الفقيه الدستورى أن قانون العقوبات به من المادة 86 حتى 109: تعريف الارهاب والارهابى والجرائم الارهابية والعقوبات المتدرجة حتى تصل للاعدام وبالتالى نحن لسنا فى حاجة الى قانون جديد للارهاب وانما كل المطلوب تعديل عدة مواد فى قانون الاجراءات الجنائية لتوسيع سلطات جمع المعلومات والادلة والضبط والقبض وسرعة التقاضى وتنفيذ الاحكام . ويشار الى أن المادة 86 من قانون العقوبات حددت لفظ إرهابي حيث تنص على :" يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع ، يلجأ اليه الجاني تنفيذاً لمشروع اجرامي فردى أو جماعي ، بهدف الاخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ، اذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو القاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر ، أو الحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها ، أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح". مواعيد منضبطة وأوضح الدكتور محمد نور فرحات ، أستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق والفقيه الدستوري، أن قضايا الإرهاب يحكمها 3 قوانين( العقوبات والإجراءات الجنائية والكيانات الإرهابية) مبينا أن قانون العقوبات لا يحتاج تعديلا أو تغليظا للعقوبة التى وصلت للاعدام في قضايا الإرهاب أو الاشتراك في جماعات إرهابية ، وقانون الإجراءات الجنائية أعطي للنيابة العامة سلطة الحبس الاحتياطي في جرائم الإرهاب دون اللجوء للقضاء حتى 6 أشهر، وسمح لرجال الشرطة باحتجاز المتهمين دون عرضهم على النيابة العامة لمدة أسبوع، ومن ثم لا يحتاج لتعديل سوى أن يكون الحصول على إذن النيابة عن طريق الهاتف عند الضرورة . وذكرالفقيه الدستورى أن تحقيق العدالة الناجزة في قضايا الإرهاب، يتطلب اصدار قانون يلزم المحاكم التي تنظر قضايا الإرهاب بمواعيد منضبطة عند الفصل في القضية بحيث لا تتجاوز 4 أشهر، وأن تلتزم محكمة النقض وفقاً للقانون بالنظر في قضايا الإرهاب خلال شهر واحد حتى نصل للعدالة الناجزة. وأشار الى أن التصدى للارهاب الأسود يحتاج إلى إصلاح للنظام القضائي أو إعلان حالة الطوارئ. عقوبة لبث الشائعات وترى المستشارة تهانى الجبالى أن ممارسة الارهاب المعنوى على الوعى الجمعى تعتبر جريمة فى كل دول العالم وبالتالى من يشارك فى حروب الجبل الرابع التى تعتمد على حرب الشائعات ونشر الأكاذيب خاصة على الانترنت يجب التحقيق معه ومحاكمته بتهمة إثارة بلبلة الرأى العام وتداول أخبار أو معلومات تمس الأمن القومى دون تحرى الدقة لأن درء المفاسد مقدم على جلب المنفعة . وطالبت الجبالى باستحداث عقوبة بمشروع قانون مكافحة الارهاب -ولو بسطر فى نصوصه -توقع على من يشارك فى بث الشائعات فى وقت تعيش فيه البلاد فى حالة حرب وتواجه ارهابا أسود وعلى الاعلام ان ينحاز لمصلحة الوطن ويحمى أمنه القومى بدلا من رفع شعار الحرية التى يفهمها البعض خطأ لأن الحق مقيد بحماية أمن البلاد وحقوق الاخرين . وأكدت ثقتها فى قدرة مصر قيادةً وشعبا على تجاوز الأزمة قائلة "مصر أدها وعلى بوابتها ستنكسر موجات الارهاب حسبما تظهر أحداث التاريخ ". القانون وحده لايكفى ! بينما يعتقد المستشار نجاد البرعى محامى متخصص فى القانون الجنائى وحقوق الانسان أن مواجهة الارهاب تتطلب تيسير الاجراءات وسرعة التقاضى ولكن فى النهاية القانون وحده لايكفى لأن هناك الكثير من القوانين ونحو ألف حكم ضد الارهابيين مطلوب تنفيذها . وأكد أنه لابد من تفعيل منظومة متكاملة لمواجهة الارهاب قانونيا وأمنيا ودبلوماسيا واجتماعيا ودينيا ،متسائلا :هل يكفى القانون لمواجهة مايحدث بسيناء ؟. ويرى البرعى أن المطالبة بعدم سماع كل الشهود وسرعة التقاضى واختصار مراحله واجراءاته قد يفسره البعض على انه يخل بالعدالة وبحقوق الانسان وفقا للدستور . قرارات ..حاسمة أما د.عماد جاد نائب مديرمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، فأكد أن ماحدث بسيناء حرب حقيقية أكثر شراسة من الحروب النظامية وتعتمد على هجمات الكر والفر من تنظيم ارهابى دولى يسعى لاثبات الوجود واختراق الاراضى والسيطرة عليها لادعاء التواجد على مصر مثل غيرها من دول عربية كالعراق وليبيا وسوريا . ودعا الى التحرك العاجل حسب المعلومات المتاحة للتعامل مع مناطق الخطر والرد العاجل على مستوى الحدث مؤكدا أن كل ما يمكن القوات المسلحة من دحر الارهاب يحظى بدعم المصريين. وطالب جاد باتخاذ قرارات حاسمة للاجهازعلى الارهابيين وحماية الجنود والسكان قد تصل لنقل الأهالى لوسط سيناء والتعامل مباشرة مع الارهابيين وبناء قرى جدبدة وكى لاتتسلل فلول الارهاب للعمق يجب أن يكون كل من يمر للمناطق الجديدة معروفا والباقى نعامله كارهابى دون ضغوط من المنظمات الحقوقية . **ولاشك أن التعديلات والمشروعات القانونية تحتاج الى قرارات وآليات حاسمة لتطبيقها دون تعسف من أجل الحفاظ على الأمن القومى فى مواجهة موجات الارهاب الاسود.