لسنوات طويلة ظلت محافظة الجيزة تعاني من انقطاع المياه في بعض القري دون أن يتحرك أي مسئول حتي تحولت أزمة انقطاع مياه الشرب بالمحافظة الي مشكلة صحية وبيئية حادة تمثلت في انتشار الفشل الكلوي بمعظم القري نتيجة المياه الملوثة التي لجأ اليها المواطنون بعد يأسهم من وصول مياه الشرب النقية لهم. حيث يستمر انقطاع المياه لفترات طويلة تصل الي شهر كامل بينما يعيش آخرون منذ سنوات علي المياه الجوفية من آبار ارتوازية ملوثة. فعندما يحرم المواطن من مياه الشرب فتلك كارثة مرعبة وعندما يضطر بعضهم لشراء المياه بالجراكن من سيارات لا يعلم أحد من أين أتت بهذه المياه فتلك كارثة أخري و عندما لا يجد آخرون الا المياه الملوثة لكي يشربوها فالكارثة أكبر. أما الكارثة الأخطر فهي أن كل هذه الكوارث تحدث في قري محافظة الجيزة ولم يتحرك أحد حيال هذه الكارثة رغم صرخات استغاثات العديد من الأهالي. فمحافظة الجيزة تستهلك يوميا 3 ملايين متر مكعب من المياه ووصل نصيب الفرد الي 1400 لتر يوميا وهي بالطبع نسبة أقل من احتياجاته اليومية. والأخطر من ذلك هو أن نسبة التلوث في مياه الشرب تراوحت ما بين 18% و29% وهو ما أكدته تحاليل المعامل المركزية في المحافظة. ولم يقتصر الأمر علي تلوث المياه فقط فهناك 8% من مواطني الجيزة محرومون تماما من مياه الشرب وتصلهم المياه عن طريق الفناطيس وسيارات بيع المياه التي تجوب المحافظة والتي أثبتت معامل الصحة أيضا احتواءها علي نسبة كبيرة من الشوائب. محافظ الجيزة الدكتور فتحي سعد اعترف بوجود أزمة في مياه الشرب حيث أكد أنه في غضون 5 سنوات سيتم القضاء تماما علي أزمة مياه الشرب حيث يتم الآن الاعداد لعمل محطات مياه جديدة ولحل المشكلة في الوقت الحالي قمنا بتقسيم المياه علي المناطق حسب احتياجاتها من ساعتين الي خمس ساعات يوميا. الا أن الأزمة ان هناك عجزاً حقيقيا في المياه حيث تحتاج القاهرة الكبري الي 8 ملايين متر مكعب من المياه نصيب الجيزة منها 3 ملايين كيلو متر مكعب والمنتج فقط 6 ملايين متر مكعب أي أن هناك عجزا قدره 2 مليون متر مكعب ونعمل الآن علي التوسعات في شبكات مياه الجيزة في جزيرة الدهب وامبابة حيث أن الجيزة تعاني من نقص مياه الشرب. ضعف الامكانات والاعتمادات الخاصة بمياه الشرب هما المتهم الأول في مشكلة المياه فقبل عام 2000 لم يكن بالمحافظة سوي 3 محطات مياه وانتهي عمرها الافتراضي ورغم ذلك قام المسئولون بالمحافظة بتخفيض الاعتماد الخاص بمياه الشرب في ذلك الوقت من 28 مليون جنيه الي 16 مليون جنيه وتم تخصيص هذا المبلغ لاصلاح المواسير المتهالكة فقط وليت الأمر يقتصر علي ذلك بل امتدت سياسة اللامبالاة والاهمال والعشوائية الي المحطات الموجودة الآن. الغريب في الأمر أن وزير الاسكان كان قد أعلن في مطلع العام الماضي أنه سيتم تنفيذ البرنامج القومي لتغطية القري المحرومة من مياه الشرب في محافظة الجيزة حيث سيتم توصيل مياه الشرب الي 50 قرية وعزبة باستثمارات 100 مليون جنيه علي أن يتم ادخال الخدمة تباعا في 30 يونيو 2008 ولكن حتي الآن لم يتم ادخال المياه ولو لقرية واحدة. وحسب ما جاء في تقرير لمركز الدراسات الريفية عن أحوال مياه الشرب في قري الجيزة فان قري شمال الجيزة أكثر القري تعرضا لانقطاع المياه لأنها تعتمد علي المياه الجوفية التي قل منسوبها في باطن الأرض هذا بالاضافة الي وجود 60% من قري الجيزة محرومة من مياه الشرب أو تصلها المياه لعدة ساعات في اليوم هذا بالاضافة الي وجود 7% من القري لم تدخلها المياه الي الآن. وأكد التقرير ان أكثر من نصف مليون مواطن في 19 قرية بمركزي البدرشين والحوامدية يعانون من انقطاع المياه بشكل مستمر رغم أن المسئولين قاموا بفتح محطة مياه شرب البدرشين منذ حوالي 5 سنوات بتكلفة 120 مليون جنيه ورغم ذلك لم تخدم تلك المحطة أهالي مركزي البدرشين والحوامدية الذين أرسلوا عدة شكاوي الي المسئولين دون أن يستجيب أحد لهم. وفي مدينة أوسيم اختطلت مياه الشرب بالصرف الصحي بسبب وجود محطات مياه ارتوازية تأتي بالمياه من عمق الأرض عن طريق الآبار وحيث ان التربة هناك أصبحت مشبعة بمياه الصرف الصحي وهو ما أدي الي ارتفاع نسبة الاصابة بمرض الفشل الكلوي. ووسط ثورة وغضب الأهالي برر علاء غراب رئيس المجلس المحلي بمحافظة الجيزة انقطاع المياه عن بعض الأحياء بوجود عيوب ظهرت في خط المياه الذي يصل من أوسيم لمنطقة الرماية بالهرم وهو ما أدي الي ضعف المياه في بعض الأحياء وأيضا هناك بعض عيوب في محطة مياه امبابة الي أوسيم ولكن تلك العيوب سوف يتم علاجها بشكل سريع وسيتم التغلب علي الأزمة خلال عدة أسابيع ولكن مر الآن عدة أشهر ومازالت أزمة انقطاع مياه الشرب في ازدياد مستمر. وبعيداً عن كل ذلك فان المسئولين في محافظة الجيزة أعلنوا أن المشروعات الجديدة لمياه الشرب في الجيزة سوف تتكلف 51 مليون جنيه وتشمل 19 قرية محرومة منها 14 قرية بمركز ومدينة البدرشين حيث سيتم انشاء محطة تنقية بالشوبك الغربي و4 خزانات بعزبة نقبسه وزاوية دهشور وعزب نويبع و3 قري بمركز أطفيح مع انشاء محطة تنقية بجزيرة الكريمات. وأيضا ستقوم الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بادخال مياه الشرب الي 8 قري محرومة ضمن مشروع كبير علي مستوي الجمهورية يشمل 108 قري. عما سيتم في اطار المشروع ادخال المياه النقية الي قريتين في اطفيح بعزبة قرني وعزبة رزق وقريتين بالبدرشين وهما عزبة الأعصر والعريان بميت رهينة وعزبة فارس والشوبك والعقبي بمزغونة علاوة علي 4 عزب بمركز امبابة. كما سيتم الانتهاء من تسليم محطات المياه المدمجة بحجم 10 وحدات بقري الصف والحوامدية واطفيح ومنشأة القناطر بتكلفة 15 مليون جنيه. كما سيتم صرح مناقصة لمشروع تحسين محطات الرفع بمناطق طناش وجزيرة محمد وجار الآن تجديد خزانات المياه العلوية بمناطق الهرم وامبابة وفيصل وبولاق الدكرور وكذلك مشروع تحسين الضغوط وتطوير العشوائيات بمناطق بشتيل والخليفة وساقية مكي بمبلغ 20 مليون جنيه.