فى إطار الجهود الدبلوماسية المبذولة لتعزيز العلاقات المصرية الأرمينية فى جميع المجالات،وفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك ، يقوم غدا رئيس أرمينيا روبرت كوتشاريان بأول زيارة رسمية لمصر وثاني زيارة لرئيس أرميني خلال 15 عاما ، ومن المقرر أن تركز جلسة مباحثات الزعيمين" مبارك وكوتشاريان" علي القضايا السياسية الخاصة بالشرق الأوسط وعلاقة أرمينيا بدول الجوار مثل تركيا والعراق وإيران إلي جانب دعم العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف الميادين . كما سيعقد رئيس أرمينيا خلال الزيارة عدة لقاءات بعدد من المسئولين من بينهم السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية حيث يلقى كلمة أمام المندوبين الدائمين بالجامعة ، ويبحث معه المسائل الإستراتيجية ذات الصلة بالأوضاع فى الشرق الأوسط وسبل تدعيم العلاقات العربية الأرمينية و سيلتقى أيضا بكل من فضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر والدكتورأحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب .وسيجرى مباحثات مع الدكتورأحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء حيث يشهد التوقيع على عشر اتفاقيات تعاون بين البلدين ومن بين هذه الاتفاقيات: ثلاث اتفاقيات قانونية حول التعاون فى المجال القانونى والقضائى وتسليم المتهمين و فى مجال السياحة والتعليم واعفاء الدبلوماسيين من التأشيراتالى جانب اتفاقية بين جامعتى القاهرة و"يريفان"و اتفاقية توأمة بين مدينتى القاهرة و" يريفان "إضافة للتعاون بمجالات الجمارك وإنشاء مجلس أعمال مشترك.وتعتبر مصر ثالث دولة توقع معها أرمينيا مثل هذه الاتفاقيات بعد فرنسا و روسيا.وخلال حفل تقيمه السفارة الأرمينية ،يلتقى الرئيس "كوتشاريان "مساء غد السبت بممثلى الجالية الأرمينية بمصر والتى يقدر عددها بحوالى سبعة آلاف نسمة .
ويقوم أيضا رئيس أرمينيا خلال الزيارة التى تستمر ثلاثة أيام بإزاحة الستار عن تمثال الصداقة المصرية الأرمينية فى ميدان الحرية بجوار مبنى دار الأوبرا الذى صنعه مثال مصرى من أصل ارمني يقيم بالإسكندرية وهو عبارة عن بابين ينفتحان على العالم و احدهما مكتوب عليه بالعربية و الآخر بالأرمينية و يربطهما خط ذهبى يمثل عمق وتواصل العلاقات بين الجانبين .كما يزور قبرالجندى المجهول وهضبة الأهرامات والقلعة و المتحف المصرى ومن المقرر أن يغادر القاهرة يوم الأحد المقبل متوجها إلى الأقصر حيث يزور وادى الملوك و الكرنك ويتفقد المشروعات التى تعمل فيها البعثة الأثرية الأرمينية بالأقصر . وعلي هامش الزيارة ،سيعقد منتدى رجال أعمال البلدين بجمعية رجال الأعمال حيث يرافق الرئيس الأرميني نحو30 من كبار رجال الأعمال الأرمن يمثلون العديد من المجالات منها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
وكانت فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي ورئيسة الجانب المصري في اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين مصر وأرمينيا قد بحثت مؤخراً مع روبين كارابيديان سفير أرمينيا بالقاهرة ترتيبات زيارة روبرت كوتشاريان رئيس أرمينيا لمصر التي تبدأ غدا وتستمر حتي يوم الاثنين المقبل.و استعرضت الوزيرة تطور علاقات التعاون الثنائي بين البلدين في ضوء نتائج اجتماعات الدورة الرابعة للجنة المشتركة التي عقدت بالقاهرة في ديسمبر2005 وتم مراجعة الوثائق التي سيتم التوقيع عليها خلال الزيارة.ونوهت الوزيرة إلى أهميته البعد الانسانى و الثقافي فى تعزيز العلاقات الوطيدة فى ظل وجود جالية أرمينية كبيرة تندمج وتتفاعل مع المجتمع المصري وتسهم فى تنشيط الاقتصاد مشيرة للتعاون مع مكتبة الإسكندرية فى مجال الوثائق و المخطوطات و الندوات و العروض المسرحية و الموسيقية وغيرها. وقد أشاد التقرير السنوي الذي أعدته وزارة الخارجية الأرمينية بعلاقات أرمينيا مع دول الشرق الأوسط خلال عامى 2005-2006 ،ومن بينها العلاقات الأرمينية-المصرية التى حافظت على مستوى رفيع في المجالات السياسية والعلمية والثقافية.. فقد زار أرمينيا خلال هذه الفترة نائب وزير الخارجية المصري وتم بحث الشؤون السياسية التي تهم البلدين، وشاركت شركات أرمينية في المعرض الدولي العاشر لتكنولوجيا المعلومات الذي نظم في القاهرة ،وبمناسبة مرور 1600 سنة على اختراع الأبجدية الارمنية عرضت في مكتبة الإسكندرية مخطوطات أرمينية أحضرت خصيصا من متحف المخطوطات (ماديناداران ) في أرمينيا . و كان للأرمن منذ العصر الروماني والبيزنطي إلي العصور الحديثة وجود متواصل في مصر، بدأ بالأفراد ثم تحول عبر القرون إلي مجتمع منظم ،ولهم إسهامات في التقدم الثقافي والاقتصادي والعلمي في مصر وعاش الأرمن حياة مزدهرة في فترة الحكم الفاطمي, ، وكذلك ازدهرت حياتهم في عهد محمد علي باشا والي مصر الذي اتخذ منهم مترجمين ومساعدين له، ووفر لهم الأمان والرعاية، وكان منهم أول وزير خارجية في عهده .وأدار الصرافون الأرمن " الخزانة" وكان يرأسها نائب كبير صرافي محمد علي ، وبعد ذلك تغلغلوا في زراعة وصناعة وتجارة مصر،ويذكر المؤرخ " الجبرتي "أن الأرمن واليونانيين كانوا مسيطرين علي سوق خان الخليلي. الجدير بالذكر أن مصر كانت من أول دول العالم العربي التي اعترفت باستقلال أرمينيا عام1991 ،وفي مارس1992 تمت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ومنذ ذلك الوقت كان هناك العديد من الزيارات الدبلوماسية المتبادلة بين البلدين، كما تم توقيع30 وثيقة قانونية ثنائية: اتفاقيات وبروتوكولات ومذكرات تفاهم بالإضافة إلي الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي الثنائي. وفي ديسمبر 2005 ،جاءت الزيارة الرسمية الأولي لرئيس وزراء أرمينيا السابق إلي مصرمن أجل تشجيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين ،وأسهمت هذه الزيارة فى دفع عجلة التعاون وزيادة حجم التبادل التجارى إلى حوالى ثلاثة أضعاف وارتفاع عدد السياح الأرمن الذين يزورون مصر إلى ستة أضعاف .
وسعيا لتوثيق التعاون في مجال تكنولوجيا الاتصالات شارك العديد من الشركات الأرمينية في معرض القاهرة لتكنولوجيا الاتصالات في فبراير الماضي،ثم شارك13 ممثلا في الغرفة المصرية لتكنولوجيا الاتصالات للمرة الأولي في منتدي أعمال تكنولوجيا الاتصالات الأرميني المصري في سبتمبر الماضى ، علاوة علي ذلك هناك تطورات إيجابية في المجال الزراعي حيث قام نائب وزير الزراعة الأرميني بزيارة مصر في يوليو الماضي. وفي مجال السياحة يسهم المستثمرون الأرمن في بعض المشروعات الكبيرة بجنوب سيناء.
وقد استطاعت أرمينيا منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق عام1991تحقيق الاكتفاء الذاتي في كل المنتجات الزراعية فيما عدا القمح، كما حقق الأداء الاقتصادي في السنوات الست الماضية تقدما ملموسا حيث تراوحت نسبة النمو ما بين11% و13%، وفي عام2003 أصبحت أرمينيا عضوا في منظمة التجارة العالمية، وفي عام2005 حققت المركز السابع والثلاثين بين الدول الأوروبية الأخرى في المسح السنوي لمؤشر الحرية الاقتصادية الذي تجريه مؤسسة هيريتاج بجريدة وول ستريت. ومن المتوقع أن تصبح أرمينيا مركزا إقليميا في مجال تكنولوجيا الاتصالات.