خطة التوسع في الملاحة بنهر النيل والتي قرر مجلس الوزراء أخيرا اعتمادها تعني تضاعف الأخطار والملوثات نتيجة الحركة بين الشمال والجنوب فهي الآن تبلغ نحو2 مليون طن من البضائع مع ما يحدث من تلوث وأخطار جسيمة علي الأنسان والكائنات والنباتات باعتبار مياه النيل هي مصدر الحياة الأساسي في مصر, وفي الوقت نفسه فإن الخطة بتنفيذها تعني نقل بضائع وحركة تجارة تقدر بنحو40 مليون طن. وفي الوقت الذي أكد فيه العلماء أن هناك نحو12 مليون متر مكعب من الملوثات الخطرة تصب في المجري وتسهم فيها مخلفات10 آلاف مركب وسفينة للسياحة والبضائع. هذا ما يحذر منه خبراء البيئة والمياه مشددين علي أن زيادة الملاحة بهذا الكم الهائل يضاعف التلوث بالنهر ويخفض الخصوبة بالتربة الزراعية, ويرفع الملوثات بالأنتاج الزراعي, فضلا عن تبديده جهود علاج الإصابات والأمراض الناتجة عنها بعد أن ثبت أن خسائر التلوث في مصر وعلي رأسها المنتشر بنهر النيل تبلغ18 مليار جنيه سنويا. يؤكد الدكتور مغاوري دياب أستاذ بحوث المياه ورئيس جامعة المنوفية السابق أن إمكانية استغلال النهر في الملاحة لا يمكن ان تكون قد خضعت لدراسة حقيقية لأن النهر هو شريان حياة المصريين في الزراعة والشرب ومحور حياتهم فالسفن والمراكب واللنشات وملوثاتها تؤثر في طبيعة مياه النيل من حيث الطعم واللون, كما أن المزيد من هذه السفن يعني إضافة مزيد من الكوارث للنهر والصحة العامة ولزيادة المواد الصلبة الذائبة التي وصلت إلي الآن إلي حد غير مسموح به فهي في الشمال بلغت ما بين342 مللي في اللتر و512 مللي مما يؤكد استحالة استخدام النهر في الملاحة. وتطالب الدكتورة نوال أبادير أستاذ الملوثات الصناعية بكلية العلوم بجامعة حلوان بضرورة وضع احتياطات مهمة في حالة الأستقرار علي خطة استخدام النهر, مع وضع نظام مراقبة شديدة تجاه السفن والمراكب وتوقيع الغرامات الفورية علي المخالفين خاصة مع البواخر السياحية وبالمراسي التي تتسبب في صرف المواد البترولية والصحية في المياه, وما تحمله الملوثات من معادن ثقيلة, نتج عنها أن كميات كبيرة من الأسماك مصابة بالأمراض وبهذه المعادن التي تذهب إلي جسم الأنسان والمياه التي يشربها الحيوان وبها ملوثات تصل إلي جسم الأنسان بعد أن يتغذي عليها, وهذا ما كشفت عنه الدراسات الأخيرة ونتيجة هذه السلوكيات الخاطئة من انتشار الأمراض الخطيرة مثل الفشل الكلوي والمبيدات الحشرية نتيجة المعادن الثقيلة, وبما تؤثره أيضا علي الجهاز التنفسي والرئتين من حساسية وربو, خطورة الملاحة أما الدكتور أحمد عبدالوهاب أستاذ علم تلوث البيئة بجامعة بنها فيطالب صانع القرار بالدراسة المسبقة لخطورة استخدام نهر النيل مجري ملاحيا لأنه قرار مصيري بعد أن بلغت خسائر التلوث البيئي في مصر نحو20 مليارا من الجنيهات فضلا من الأمراض التي بدأت تنتشر بين الكبار والأطفال علي السواء مما يسبب تسويسا في بنيان الأمة التي تتحول إلي شعب من المرضي, وأنه من المفترض أن يتخذ صانع القرار خطوة اولي بدراسة الوضع الحالي خاصة ان النيل زاخر بأسطول نقل نهري من القوارب الترفيهية والسياحية وتبلغ أكثر من251, وقوارب للنقل العام تزيد علي3 آلاف و138, وقوارب للنقل التجاري تبلغ ألفا و893, أما القوارب الملاحية فعددها4 آلاف, والعوامات ووحدات الإسكان الدائم أكثر من36 عوامة بما يعني أن النيل يلوثه نحو10 آلاف وحدة متحركة تلوثه تنتشر بين الشمال والجنوب وتلقي به كميات هائلة من النفايات الصلبة والسائلة والزيوت والشحومات. مخلفات سائلة يضيف أستاذ علم التلوث أن الدراسات كشف مؤخرا عن أن هناك نحو16 مصنعا تلقي مخلفاتها السائلة مباشرة في النيل فضلا عن106 مصانع تلقي بمخلفاتها في المصارف الزراعية, والتي تتسرب بعد ذلك إلي نهر النيل. وأوضحت الدراسات أن كمية ما يلقي من ملوثات صناعية في النيل بأسوان تبلغ نحو21 ألف متر مكعب يوميا, وفي قنا نحو نصف مليون متر والمنيا77 ألفا والجيزة89 ألفا أما القاهرة فتلقي مخلفات تصل إلي153 ألف متر مكعب في النيل أو فروعه والقليوبية31 ألفا ودمياط900 متر. ويتضح أيضا أن محافظة قنا تصرف أعلي معدل للتلوث يوميا, وتأتي بعدها الجيزة بالنسبة للصرف في النيل مباشرة من مخلفات صناعات الأغذية والكيماوية والمعدنية والهندسية, وتبلغ المصانع المخالفة وغير المطابقة للقانون نحو7 مصانع بخلاف التي تصرف في الترع والمصارف وحتي مصانع كيما أسوان وسكر كوم أمبو وسكر ادفو1 و2 ومصنع الزيوت والبيبسي بسوهاج وسكر الحوامدية وسكر قوص بينما هناك16 مصرفا مخالفة للقانون من75 مصرفا علي النيل وفرعيه, وأشدها تلوثا خور السيل بأسوان ومصرف البربا بكوم امبو, ومصرف الرهاوي علي فرع رشيد والسرو علي فرع دمياط. كوارث غير مدروسة أما الدكتور أنور الديب أستاذ تلوث المياه بالمركز القومي للبحوث فيري أن تحويل نهر النيل إلي مجري ملاحي ليسهم في نقل البضائع والسياح والمواطنين سيترتب عليه كوارث غير مدروسة فالدراسات الأخيرة أثبتت أن هناك ما لا يقل عن10 مواد خطيرة تفرز في النيل حاليا مع انخفاض استخداماته منها الأملاح غير العضوية من مصانع التحلية, وتكرير البترول وصناعة الذخائر, والأحماض والقواعد من مصانع الكيماويات, والمواد العضوية من مصانع المعلبات ومدابغ الجلود والغزل والنسيج, والمواد العالقة من مصانع الورق والمعلبات, والأصباغ من مصانع النسيج والتعدين والكيماويات, ومواد صلبة وسوائل من المجازر( المسالخ) ومصانع تكرير البترول, وأضاف أن محافظة الجيزة بها مجموعة من المصانع مثل المسبوكات والنيل للكبريت في أمبابة ومصانع الدخان والمشروبات والعطور والأدوية والبطاريات والبلاستيك بمدينة الجيزة والهرم. كما يوجد مجمع صناعة لشركة السكر بالحوامدية والصناعات الغذائية بالبدرشين والعياط, ومصانع المواسير بالصف, اضافة إلي نحو126 مصنعا حكوميا و50 وحدة صناعية للأدوية ومواد البناء والمطاحن والمخابز والانتاج الحربي, حيث كشفت الاحصائيات عن أن بمحافظة القاهرة وحدها نحو7 آلاف وحدة صناعية و1500 بالجيزة و11 ألفا بالقليوبية وكلها تسهم بدور خطير في تلوث النيل والبيئة المحيطة.