لأول مرة منذ استقلال الهند الذى تم من ستة عقود، تنتخب الهند امرأة تتولى منصب الرئاسة فيها . براتيبها باتيل المحامية البالغة من العمر 72 عاما ، حققت نصرا سهلا مقابل منافسها نائب الرئيس بهايرون سينج شيخاوات البالغ من العمر 84 عاما والمنتهية ولايته. باتيل حصلت على نحو 638 ألف و116 صوتاً، بنسبة 65.82 في المائة من إجمالي أصوات نواب البرلمان وأعضاء مجالس الولايات، مقابل 331 ألف و306 أصوات لمنافسها .
إثر فوزها شكرت الرئيسة الجديدة من منزلها في نيودلهي الناخبين الذين صوتوا لها معتبرة أن فوزها هو نصر للمبادئ التي يدعمها الشعب الهندي.
وقد رحبت بهذا الفوزسونيا غاندي رئيسة حزب المؤتمر الحاكم التي كانت رشحت باتيل لهذا المنصب، معتبرة أن وصول امرأة إلى هذا المركز سيساهم في مكافحة التمييز الذي تعاني منه النساء في الهند.
وقالت غاندي: "في الوقت الذي نحتفل به بالذكرى الستين لاستقلالنا، بات لدينا وللمرة الأولى رئيسة".
يذكر أن هذه الحملة الانتخابية كانت من أكثر الحملات الرئاسية حدة في الهند ،وفازفيها حزب المؤتمر الحاكم وحلفاؤه على مرشح حزب بهارتيا جاناتا، نائب الرئيس الحالي بايرون سنيج شيخاوات. و تخلف براتيبها التى أدت القسم الرئاسي امس 25 يوليو،الرئيس زين العابدين عبد الكلام، الذى رفض حزب المؤتمر أن يرشحه لولاية ثانية مفضلاً ترشيح شخص أكثر التزاماً بسياسة الحزب.
دور الرئيس الهند شرفياً
بالرغم من أن رئيس الهند يعتبر رأسا للدولة والمواطن الأول في البلاد ،والقائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن دور الرئيس يعتبر شرفيا الى حد كبير حيث انه لايملك سلطات واسعة، نظراً الى أن السلطات التنفيذية الحقيقية في مجلس الوزراء الذي يترأسه رئيس الحكومة. ويشار الى أن سلطات الرئيس في الهند أشبه بسلطات الملك أو الملكة في دول مثل بريطانيا. ويجري انتخاب الرئيس في الهند مرة كل خمس سنوات، بواسطة نواب مجالس الولايات والبرلمان الهندي.
وكان نحو 682 نائبا برلمانيا و3755 نائبا في الولايات الهندية، قد أدلوا بأصواتهم الخميس 19/7. وباشر فرز الأصوات مسؤولو مفوضية الانتخابات الهندية، وبدأ أولا فرز اصوات أعضاء البرلمان ثم أعضاء المجالس المنتخبة الاخرى من الولايات. وأسفرت النتيجة النهائية عن حصول براتيبا باتيل على 638116 صوتا مقابل 331306 صوتا لمنافسها من اصل مجمع انتخابي يبلغ عدده 109800 عضو. وجدير بالذكر أن الهند تنقسم إلى ثمان وعشرون ولاية -وتنقسم هذه بدورها إلى مناطق،وتقسم الهند أيضاً الى سبعة أقاليم اتحادية، منها إقليم العاصمة الوطنية دلهي. لكل ولاية حكومتها الخاصة المنتخبة، بينما تقوم الحكومة الاتحادية بتعيين حكام الأقاليم الاتحادية.
و تحتل الهند المرتبة الثانية في العالم من حيث تعداد السكان بعد الصين،. وتمثل اللغة، الدين، والطبقات عوامل فاصلة في التنظيم الاجتماعي والسياسي للشعب الهندي. مدينة مومباي (بومباي سابقا) هي أهم تجمع حضري، بالإضافة إلى دلهي، كلكتا، وتشيناي (مادراس سابقا).
نسبة التعليم في الهند تقارب 64.8%، 53.7% من النساء و75.3% من الرجال. نسبة الذكور إلى الإناث هي 1000 إلى 933.
مغزى الفوز
يصف محللون سياسيون فوز براتيبا باتيل بأنه كسب كبير لزعيمة حزب المؤتمر سونيا غاندي أرملة رئيس الوزراء الراحل راجيف غاندي. كما يرون ايضا انها وصلت الى منصب الرئاسة عن طريق الصدفة فقط. فقد كانت براتيبا في آخر قائمة طويلة وجرى اختيارها بعد ان شعر أعضاء التحالف بالحرج إزاء الاستمرار في الاعتراض على المرشحين الذين يقدمهم حزب المؤتمر. الرئيس عبد الكلام، وهو الرئيس الثاني عشر للهند، يعتزم العودة الى التدريس الجامعي، بعد تسلم الرئيسة الجديدة مهام منصبها. وكان عبد الكلام قد أبدى رغبة في الترشح لمنصب الرئاسة مرة أخرى، لكنه عدل عن رأيه عندما رفض الائتلاف الحاكم تأييد إعادة ترشيحه، فانسحب من السباق.
عبد الكلام قال في خطابه الأخير للشعب ، اتمنى أن يكون الرئيس الجديد رئيسا للشعب، وان يعمل من أجل تنمية البلاد، كما أعرب عن رغبته في ان يرى الهند دولة صناعية كبرى بنهاية عام 2010.
من هى براتيبها باتيل ؟
نشأت براتيبها في اسرة عادية، فقد ولدت في بلدة جالجوان في ولاية ماهاراشترا غرب الهند في 19 ديسمبر (كانون الاول) عام 1934.
وكانت في الثالثة عشر من عمرها عندما استقلت الهند. ودرست في بلدتها وفي مومباي وحصلت على درجة جامعية في الفنون والقانون ومارست المحاماة في جالجوان. وهي لاعبة تنس طاولة معروفة. وبالرغم من ان اسرتها لم تكن لها علاقات سياسية، فقد دخلت معترك السياسة عبر نشاطها الاجتماعي وانتخبت نائبة في برلمان ولاية ماهراشترا عام 1962 وهي في الثامنة والعشرين من عمرها. وتزوجت من الطبيب دفيسنغ رانسينغ شخوات عام 1965. وبما انها كانت ذات نشاط سياسي فلم ترغب في استعمال لقب اسرة زوجها. ولديهما ولدان شاب وابنة.
شغلت براتيبها عدة مناصب وزارية ولم تخسر في حياتها اية انتخابات خاضتها. وفي منتصف الثمانينات انتقلت الى السياسة على المستوى الوطني واصبحت عضو في برلمان البلاد لفترتين، الا انها ابتعدت عن الحياة السياسية في التسعينات. وفي عام 2004 عادت مرة اخرى للحياة السياسية إثر تعيينها حاكمة لولاية راجستان.
وبراتيبها من انصار حزب المؤتمر الهندي، وقريبة من رئيسة وزراء الهند السابقة انديرا غاندي، ولا يعرف الكثيرون انها أدارت شؤون انديرا بعد وفاة ابنها الاصغر سانجاي في اواخر السبعينات. وهذا السلوك الدال على الولاء لاسرة غاندي تذكره راجيف، الابن الاكبر لأنديرا، وسونيا غاندي التي تعتبر الان أقوى امرأة في الحياة السياسية في الهند . وقد جرى تحدي ترشيح براتيبها أمام القضاء الهندي بتهمة الفساد وسوء التصرفات المالية. الا ان أعلى سلطة قضائية هندية، المحكمة العليا، رفضت عريضة الاتهام. وكانت براتيبا مرشحة التحالف التقدمي المتحد الحاكم قد دخلت في منافسة قوية مع نائب الرئيس بهايرون سينج شيخاوات( 84 عاما ) مرشح التحالف الديمقراطي الوطني المعارض استمرت يومين.
وفور إعلان اللجنة الانتخابية الهندية فوزها قالت باتيل وهي عضو في حزب المؤتمر الهندي الذي ينتمي له رئيس الوزراء مانموهان سينج: 'هذا فوز للمبادئ التي يؤيدها الشعب الهندي'.
وتشغل باتيل حاليا منصب حاكم ولاية راجاستان الواقعة بشمال الهند ويشغل شيخاوات منصب نائب رئيس الهند.
يذكر بأن باتيل عضوا في البرلمان ونائب رئيس مجلس الشيوخ (أو مجلس راجيا سابها) لمدة عام، ويعتبر شيخاوات الذى نافسها ، أحد الزعماء المخضرمين لحزب براتيا جاناتا من ولاية راجستان، وشغل منصب رئيس الوزراء للولاية ثلاث مرات وكان عضوا في البرلمان. وبوصفه نائبا للرئيس فانه يشغل منصب رئيس مجلس الشيوخ أو الراجيا سابها. وسوف تتولى الرئيس الجديد للهند السلطة من الرئيس الحالي أبو بكر زين العابدين عبد الكلام وهو عالم نووي بارز أكمل فترته الرئاسية التي مدتها خمس سنوات.
وكانت رئاسة الحكومة اوكلت سابقا الى امراة هي انديرة غاندي ابنة أحد اكبر شخصيات النضال من اجل الاستقلال وهو جواهر لال نهرو بين 1966 و1977 ثم من 1980 الى 1984 تاريخ اغتيالها. براتيبها باتيل أثار توليها للرئاسة آمالا في بلد تعاني منه ملايين النساء من الافكار المسبقة والتمييز فهل هى فعلاً قادرة على التغيير؟ 26/7/2007